أكثر من 3500 لاجئ سوداني أغلبهم من العائلات هربوا من مناطق النزاع في دارفور إلى الأردن، قد وصفتهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNCHR بصفة طالبي اللجوء، إلا أن الأدرن حددت موقفها تجاهم بأنها دولة مستضيفة لهم وليست دولة مستقبلة لهم كلاجئين، إلى أن تفاقمت الأحداث منذ شهر، حيث اعتصم أكثر من 800 لاجئ سوداني أمام مبنى المفوضية السامية للاجئين مطالبين بمنحهم حق المساعدات المالية والإنسانية بصفتهم لاجئين، والتعجيل في البت بطلباتهم بالانتقال إلى دول الاتحاد الأوروبي كغيرهم من السورين الذين ساعدتهم المفوضية في الترحيل الآمن من الأردن إلى دول الاتحاد الأوروبي المستقبلة للاجئين.
استمر الاعتصام أمام مبنى المفوضية منذ الخامس عشر من نوفمبر الماضي على الرغم من ظروف البرد القاسية على اللاجئين في العراء، حتى توصلت حكومة الأردن إلى قرار الإبعاد الجماعي القسري لأكثر من 800 لاجئ سوداني، بعد أن تم رفض منحهم صفة اللجوء من الأمم المتحدة، والذي يعتبر الأول من نوعه منذ بداية عمل المفوضية السامية للاجئين في الأردن، حيث صرّح وزير الدولة لشؤون الإعلام بأن صفة اللجوء لا تنطبق عليهم إذ إنهم قد فروا من السودان إلى الأدرن طلبًا للعلاج، ومن ثّم قرروا طلب اللجوء إلى الأردن، كما أفادت الحكومة الأردنية بأن وزير الداخلية الأردني سلامة حماد قد نسق مع نظيره السوداني قبل إصدار قرار إبعاد لاجئي السودان.
كما تنكر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من جانبها سوء معاملتها للاجئين، إذ صرح أحد المسؤولين في المفوضية بأن هناك 37% من اللاجئين الموجودين في الأردن يحصلون على مساعدات مالية بالفعل، إلا أن مسألة توطينهم في بلد ثالث ليس من مسؤولية المفوضية وإنما تعمل المفوضية على المساعدة في بثّ طلباتهم للدول المستقبلة للاجئين.
اشتباكات بين اللاجئين السودانيين والشرطة الأردنية أمام مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين
أقلعت أول طائرة للترحيل هذا الصباح حاملة معها جرحى من اللاجئين السودانين نتيجة الاشتباكات العنيفة بينهم وبين الشرطة الأردنية، والتي أدّت للعديد من حالات الاختناق بين صفوف اللاجئين نتيجة استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع، بالإضافة إلى إصابة العديد منهم بكسور في الذراع والقدم.
يقول على يحيى أبي بكر أحد اللاجئين والذي اعتقله الجيش الأردني لموقع ميدل إيست آي بأن الجيش اعتقل العديد من المصابين لاستجوابهم قبل ترحيلهم في حافلات إلى المطار، حيث يتم تفتيشهم كل ساعة داخل الحافلات وعدم توفير المأكل والمشرب لهم، بالإضافة إلى تيقن اللاجئين بالمخاطر التي تحيط بهم عند عدودتهم إلى السودان، حيث أصبحوا مهددين بالسجن والقتل عند العودة، إذ إن الجيش يحيط بالمطار في السودان، فلقد هربوا من المجازر التي تُقام ضدهم من قِبل الميليشيات المسلحة وعمليات القتل والاغتصاب المستمرة لنسائهم هناك، طالبين اللجوء في الأردن لتساعدهم كما ساعدت السوريين والعراقيين في التوطين لبلد ثالثة، إلا أن السودانيين يعانون من العنصرية في لجوئهم، إذ تُفضل المفوضية السامية توطين السوريين والعراقيين لكونهم أكثر قابلية للاندماج مع مواطني الدول الأوروبية أكثر من مواطني السودان لكونهم بيض البشرة وأكثر تحضرًا وتعليمًا كما يقول علي يحي في لقائه مع ميدل إيست آي.
على الرغم من بدء تنفيذ قرار الإبعاد في الأردن ضد لاجئي السودان إلا أن ما حدث يتنافى تمامًا مع نص القانون الأردني بخصوص اللاجئين، والذي ينص على اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984 التي صادق عليها الأردن، حيث تنص المادة 3 من هذه الاتفاقية على أنه لا يجوز لأي دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب، وتراعى السلطات المختصة تحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة أم لا.
ماذا عن مبدأ الإعادة القسرية على الصعيد الدولي؟
يعتبر مبدأ عدم الإعادة إلى دولة الاضطهاد من المبادئ الأساسية في قانون اللجوء في حماية اللاجئ، وإذا لم يكن هناك التزام على الدولة بمنح الملجأ، فقد ألزمها القانون الدولي بعدم اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يعيد الشخص إلى دولة قد تتعرض فيها حياته أو حريته للتهديد بسبب عرقه، ديانته، جنسيته، انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة، أو رأيه السياسي.
الأمر ليس جديدًا على السودانيين
في عام 2005 ، قامت السلطات المصرية بإبعاد ما يقارب 700 سوداني كانوا قد اعتصموا أمام مقر المفوضية السامية بالمهندسين مطالبين باعادة توطنيهم لدولة ثالثة، وأسفر عن عملية فض الاعتصام مقتل 29 سودانيًا من بينهم 11 طفلًا وحالة تم التأكد من انتحارها مباشرة بعد تفريق المتظاهرين من الحديقة بالعنف، وقد سبق هذه الأحداث اعتصام لما يقارب 3500 لاجئ سوداني بميدان رئيسي قرب مقر المفوضية بالمهندسين لنحو ثلاثة أشهر مطالبين بإعادة توطينهم لدى الدول الغربية.
وصل الفوج الأول من اللاجئين إلى الخرطوم صباح اليوم، وعددهم 450 لاجئ، كما تفرض الحكومة الأدرنية الحراسة المشددة على من تبقى من اللاجئين لحين يأتي دورهم في الترحيل إلى الخرطوم كذلك، وكان المتحدث باسم الخارجية السودانية علي الصادق قد قال للصحفيين الخميس، إن السودان ينتظر موافقة المملكة الأردنية حتى يتم إرسال الطائرات التي ستقل العائدين، وأبدى رفضًا لأي معاملة غير كريمة للمواطنين الذين قررت الأردن ترحيلهم.