أطلق أهالي المعتقلين السياسيين في عدد من السجون المصرية حملة إلكترونية للمطالبة بإدخال الأغطية والملابس الشتوية لذويهم المعتقلين الذين تحرمهم إدارات تلك السجون من وسائل التدفئة والأغطية وحتى الملابس الثقيلة، تبنى تلك الحملة الحقوقية والإنسانية أهالي معتقلي سجون ملحق مزرعة طرة، العقرب 1، العقرب 2، برج العرب، وأخيرًا وادي النطرون مطالبين بشتاء دافئ آمن على صحة ذويهم وحياتهم.
أكد الأهالي في بيان حملتهم أن الحملة حقوقية إنسانية بالدرجة الأولى، وأنها غير تابعة لأي تيارات أو حركات أو أحزاب أو جماعات سياسية أو دينية، وأنها تطالب فقط بحقوق كافة السجناء في الملابس الشتوية والأغطية اللازمة، بغض النظر عن الدين أو الانتماء السياسي أو طبيعة القضايا التي يحاكمون فيها سياسية كانت أو جنائية.
طالب بيان الحملة إدارات السجون المصرية التى يُحتجز فيها ذويهم بالسماح لهم بإدخال احتياجاتهم من الملابس الشتوية والأغطية والأدوية اللازمة لمقاومة الانخفاض الشديد في درجات الحرارة والارتفاع الحاد فى نسبة الرطوبة داخل السجون المصرية، وطالبوا كذلك بوجود تضامن شعبي يدعم مطلبهم الدستوري في حماية ذويهم من الموت البطئ داخل السجون، آملين في أن تستجيب السلطات لطلباتهم.
كما أعلن الأهالي عن تنظيم وقفة تضامنية أمام مقر المجلس القومي لحقوق الإنسان، وذلك يوم السبت الموافق 9 يناير 2016 في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا، حيث سيقوم الأهالي بتسليم الأمين العام للمجلس مطالبهم ومطالب ذويهم المعتقلين، ولفتوا إلى تنظيم المصريين في الخارج وقفات تضامنية أمام سفارات مصر في عدد من البلدان للمطالبة بحقوق السجناء.
الأهالي أكدوا قيامهم مسبقًا بعدة محاولات رسمية وغير رسمية لإدخال الملابس الشتوية والأغطية الثقيلة والأدوية، وكل تلك المحاولات باءت بالفشل مع رفض وتعنت إدارات السجون خاصةً في سجون منطقة طرة (ملحق مزرعة طرة، العقرب 1، العقرب 2)، بالإضافة إلى منطقة سجون برج العرب ووادى النطرون.
استعانت الحملة بالعديد من البنود والمواد القانونية في الدستور المصري والإعلان العالمي لحقوق الإنسان للتأكيد على شرعية مطالبهم، وأخرى من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، للتأكيد على أحقية السجناء في توفير احتياجاتهم خلال فصل الشتاء من ملابس وأغطية وأدوية، كما لفتت بعض المواد إلى وجوب توفير الحماية اللازمة للحفاظ على سلامة وأمن كل من يقيد حريته، ووجوب معاملتهم بما يحفظ كرامتهم، مع عدم جواز تعذيبهم أو إهانتهم.
كان عدد من أهالي معتقلي سجن العقرب شديد الحراسة، قد نظموا وقفة احتجاجية للمطالبة بفتح الزيارات لذويهم وإدخال أغطية وملابس شتوية وأدوية، الأحد الماضي الموافق 13 ديسمبر، على سلم نقابة الصحافيين (وسط القاهرة)، وذلك استجابةً لدعوة رابطة أهالي معتقلي سجن العقرب.
سجن العقرب شديد الحراسة الذي عرف مؤخرًا باسم جوانتانموا مصر، بحسب ما أسماه أهالي المعتقلين فيه، يقع ضمن مجموعة سجون طرة جنوب القاهرة، على بعد 2 كم من بوابة منطقة سجون طرة الرسمية جنوب القاهرة، ذاع عنه صيت سيء في التعامل المهين مع المعتقلين وتعريضهم للتعذيب الدوري، بالإضافة إلى تعرض بعض معتقليه للاعتداء الجنسي، هذا فضلًا عن غلق باب الزيارة لأشهر عدة، ومنع أهالي المعتقلين ومحامييهم من التواصل معهم.
كما انتشر عن السجن مؤخرًا منعه إدخال الاحتياجات الشتوية، مع اشتداد المعاملة غير الآدمية الممارسة ضد معتقليه، وهو ما دفع عددٌ منهم للدخول في إضرابٍ مفتوحٍ عن الطعام، وقامت إدارة السجن بالاعتداء عليهم بالضرب المبرح ردًا على الإضراب، وهو ما نتج عنه فك الإضراب وتعرض نحو 20 معتقلًا لإصابات بعضها خطيرة، واضطرت إدارة السجن إلى نقلهم لمستشفى السجن على إثرها.
السجن ربما ذاع صيته في شدة السوء، لكنه ليس السجن الوحيد السيء في معاملة المعتقلين بطريقة غير إنسانية، فسجون ملحق مزرعة طرة، وبرج العرب، ووادي النطرون برزت أسمائهم أيضًا ونافست العقرب في سوء السمعة واللاإنسانية في معاملة المحتجزين داخلهم.
يوجد في مصر نحو 50 ألف سجين سياسي بينهم نحو 60 امرأة وما يزيد عن 300 طفل ومئات الطلاب، بحسب منظمات حقوقية، ويعيش معظمهم في أوضاع احتجاز سيئة كما لا توفر لهم متطلباتهم وحقوقهم الأسياسية كسجناء، حيث قُتل ما يتجاوز 350 سجينًا سياسيًا خلال العامين الماضيين نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية لهم.
كما تتهدد حياة ما يزيد عن 5000 آخرين ممن يعانون من أمراض خطرة مثل أمراض القلب والسكري والضغط والكبد والأمراض الجلدية وكذلك أمراض العظام، بالإضافة إلى احتجاز السلطات المصرية عشرات ممن يعانون من صعوبة الحركة بسبب كبر السن أو نتاج أمراض كشلل الأطفال والشلل الرباعي والنصفي.
يشتكي معظم أهالي المعتقلين والمنظمات الحقوقية المراقبة للوضع الحقوقي المصري من انعدام الرعاية اللازمة لضمان صحة وحياة السجناء، مع تدني الخدمات الطبية والمعيشية داخل السجون، وتعمد إدارات السجون استخدام القوة والعنف في التعامل معهم، وتعمد حرمانهم من أقل حقوقهم في الحياة.
في ظل موجات برد قاسية تضرب مصر في فصل الشتاء، بدأت قبل نحو عامين وتستمر هذا العام أيضًا، ويصحب تلك الموجات انخفاض حاد فى درجات الحرارة وارتفاع شديد في نسبة الرطوبة، ومع عدم جاهزية السجون المصرية وانعدام الرعاية المقدمة؛ يتسبب الأمر في معاناة المحتجزين داخلها، حيث أدى البرد القارص إلى إصابة الكثيرين بأمراض حادة لفترات طويلة، وهذا ما يهدد سلامتهم مع استمرار منع الأدوية والأغطية والملابس الثقيلة عنهم.