لا يشكل الأطفال الأردنيون الذين لم يبلغوا السن القانونية، المشاركين بالقتال في سوريا، أعدادًا كبيرة بالتنظيمات الجهادية التي تقاتل في سوريا أو العراق، كتنظيم الدولة أو جبهة النصرة، إلا أن مجرد وجودهم في هذه التنظيمات ومقتل عدد منهم بالحرب الدائرة في سوريا، أمر لافت للنظر ومدعاة للتساؤل وميدان للبحث.
بالرغم من أنه لا يوجد إحصاءات أو مصادر معتمدة، تحدد أرقام وأعداد الأطفال الأردنيين في تنظيم الدولة، إلا أن القيادي في التيار السلفي الجهادي الأردني محمد الشلبي المشهور بـ “أبي سياف”، يؤكد أن أعدادهم قليلة.
حيث قال “أبو سياف” معلقًا على استقطاب التنظيمات الجهادية للأطفال: “يعتمد تنظيم الدولة بسوريا في تجنيده للأطفال على برامج الترغيب التي توفّر للأطفال أنشطة ترفيهية واجتماعية”، مضيفًا “يخضع الأطفال لدورات تهدف إلى إقناعهم بفكر التنظيم، عبر المحاضرات والندوات”.
ورأى أبو سياف أن معظم الأطفال الذين ينتمون إلى تنظيم الدولة، هم بالأساس من عائلات سلفية جهادية، حيث من الممكن أن يكون الأب أو الأخ من أعضاء تنظيم الدولة ومقاتلاً بين صفوفه، فهذا الأمر يعمل على تسهيل انضمام الأطفال إلى التنظيم.
أطفال قتلوا… وكثير لا يعرف مصيرهم
في عرض لأسماء بعض الأطفال الأردنيين الذين قتلوا أثناء مشاركتهم بالقتال في سوريا بالعام 2013، يحضر هنا الطفل فهد ثائر 16 عامًا، وكان يقطن لواء الرصيفة، كما يبرز اسم الطفل محمد سمير محمود 17 عامًا، الذي كان مشاركًا في القتال مع جبهة النصرة في سوريا.
وفي التخوفات من انضمام الأطفال إلى التنظيمات الجهادية، أبدت عائلة الطفل المسيحية كاسترو مازن هلال الذي أعلن إسلامه في محافظة معان، عبر حوارات صحفية محلية، عن تخوفها من انضمام ابنها للتنظيمات الجهادية في سوريا، واعتناقه الفكر السلفي الجهادي، خاصة أنه في حماية أحد شيوخ السلفيين بمعان، على حد قول العائلة.
في حين مارس تنظيم الدولة تجنيد الأطفال في صفوفه بشكل مكثف، حيث يظهر الأطفال في المقاطع التي تبثّها وسائل الإعلام الاجتماعي التابعة للتنظيم كمقاتلين يحملون السلاح، ويقومون بالأعمال العسكرية جنبًا إلى جنب مع الكبار، كما ظهر بعض الأطفال وهم يقومون بأعمال الذبح التي عُرف عن التنظيم ممارستها بحق المعارضين له.
وتشير تقديرات اللجنة السورية لحقوق الإنسان إلى أن هناك حوالي 800 طفل دون سن الثامنة عشرة في صفوف مقاتلي التنظيم، يقومون في معظمهم بأعمال غير قتالية، حيث يشاركون في خدمات الدعم اللوجستي، مثل نقل الذخيرة، وإعداد الطعام، وإصلاح وتنظيف العتاد والآليات، فيما يشارك آخرون في أعمال الحراسة والدوريات والحواجز.
شهادات حيّة
وفي شهادة حية بين المواطن “ع. خ” والذي رفض الكشف لنا عن اسمه – وهو ينتمي لعشيرة أردنية معروفة – أن ابنه وابن أخيه اللذين كانا لا يتجاوز عمرهما 16 عامًا، حاولا التوجه إلى سوريا والانخراط في القتال هناك مع التنظيمات الجهادية.
وقال “ع. خ” المقيم في لواء الرصيفة شرق عمّان، إنه “في العام 2013، اتصلت به الأجهزة الأمنية لتخبره بوجود ابنه وابن أخيه لديها، وقد أوقفتهما لمحاولتهما اجتياز الحدود الشمالية باتجاه سوريا”، وأردف قائلاً: “توجهت إلى مقر الأجهزة الأمنية، في محاولة مني للإفراج عنهم، ومنع توجيه أي تهمة لهما بحكم أنهما ما زالا صغيرين، وبالفعل تعاونت معي الأجهزة الأمنية ولم تقم بتوقيفهما، وعادا إلى المنزل دون تهمة أو احتجاز”.
وبحسب ما عملنا فإن الطفلين قررا أن يذهبا إلى سورية والقتال مع “تنظيم الدولة” بسبب تأثرهما بطابع العائلة ذات الفكر السلفي الجهادي، حيث إن ذوي الطفلين مقربون من التيار السلفي الجهادي، لكن العائلة كانت ترفض ذهاب أطفالها للقتال، لصغر سنهما.
يذكر أن تنظيم الدولة، بدأ قبل أكثر من عام بتجنيد أطفال وتدريبهم على القتال لصنع ما يمكن اعتباره جيلاً من المقاتلين الأشداء المدربين، وفق ما يطلق عليه التنظيم اسم “أشبال العز”.
ففي الثالث والعشرين من فبراير 2015، نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريرًا مفصلاً عن معسكرات تنظيم الدولة لتدريب الأطفال على القتال، اعتمادًا على فيديو دعائي نشره التنظيم، وضم الكثير من التفاصيل حول تلك المعسكرات والتدريبات والأطفال.
لكن الأطفال هذه المرة، يتم تدريبهم ليصبحوا رجال شرطة في التنظيم، وأظهر الفيديو الذي تصل مدته إلى 9 دقائق، نحو 80 طفلاً لا تتجاوز أعمار أكبرهم الخامسة عشرة، يرتدون زي تدريب موحد، بينما يشاركون في تدريبات شاقة على مدار أربعة أشهر متصلة داخل المعسكر المسمى “معهد الفاروق للشرطة”، في مدينة الرقة السورية.
أما في السادس عشر من يونيو الماضي، نشر التنظيم فيديو جديدًا لمعسكرات تدريب الأطفال، وضم الفيديو الجديد تفاصيل أوفى عن طبيعة التدريب في المعسكر، كما ضم صورًا قريبة لعدد من الأطفال المنضمين للمعسكر، وأنواع الأسلحة التي يتدربون عليها، إضافة إلى تصريحات لعدد منهم تظهر مدى تأثير التدريبات على عقولهم، ومدى قدرة التنظيم على إقناعهم بأهدافه، وعلى رأسها التحول من بشر أسوياء إلى انتحاريين يقومون بتفجير أنفسهم في الآخرين.
22 طفلاً حاولوا التسلل في 2014
وبحسب مصدر في وزارة التنمية الاجتماعية فإنه من بين 1800 طفل ألقي القبض عليهم في العام 2014، هنالك 22 طفلاً متهمون بـ “التسلل عبر الحدود بطريقة غير شرعية” و”المشاركة في تجمعات غير مشروعة واثنان آخران متهمان بـ “الإتجار بالسلاح”.
اللافت أن كثيرًا من التسجيلات والصور التي بثّها التنظيم لأعمال الإعدام والذبح والصلب التي مارسها في المناطق التي يُسيطر عليها، أظهرت وجود الأطفال في الصفوف الأمامية، كما أظهرت قيام الأطفال بحمل الكاميرات والهواتف لتصوير المشاهد.
كما أظهرت تلك التسجيلات والصور قيام أطفال بحمل رؤوس مقطوعة، ومشاركتهم في أعمال الذبح بأنفسهم، كما قام عدد من مقاتلي التنظيم بنشر صور لأبنائهم الذي يقومون بمساعدتهم أثناء قيامهم بذبح آخرين.
لكن لم يقتصر استقطاب تنظيم الدولة للأطفال على الذكور فقط، فد نشرت صحيفة “ديلي تليغراف” البريطانية، ما قالت إنه كشف هام يظهر اثنتين من الطالبات البريطانيات الثلاث اللاتي هربن من منازل عائلاتهن في فبراير الماضي، عبر تركيا إلى سورية، يتجولن في أحد شوارع مدينة الرقة.
الفتيات الثلاث هن: أميرة عباسي (15 عامًا)، وشميمة بيجوم (15 عامًا)، وخديجة سلطانة (16 عامًا)، وقالت الصحيفة إن لقطات فيديو صورها أحد النشطاء، أظهرت ما يعتقد أنه فتاتان من الثلاثة، مع سيدة ثالثة تحمل بندقية “كلاشينكوف”، يتسوقن من أحد محال الخضروات في مدينة الرقة.
المصدر: أردن الإخبارية