حملة أُطلقت في الـ 18 من ديسمبر على أيدي مجموعة من أهالي المعتقلين السياسيين في مصر الذين وصل عددهم إلى أكثر من 50 ألف معتقل حسبما أوردت تقارير حقوقية لمنظمات محلية وإقليمية ودولية ترقب الوضع الحقوقي في مصر عن كثب.
في ظل أوضاع شديدة القسوة يعاني منها المحتجزون على خلفية سياسية لدى السلطات المصرية، خاصة مع دخول فصل الشتاء واشتداد البرودة والانخفاض الحاد في درجات الحرارة بمناطق السجون المصرية، بالتزامن مع حجب السلطات المصرية ممثلة في إدارة السجون كافة أشكال التدفئة عن المعتقلين من ملابس ثقلية وأغطية لازمة لهذا الغرض، كما تتعنت في إدخال هذه الأغراض عن طريق الأهالي، أطلقت هذه المجموعة من الأهالي حملة تضامنية للمطالبة بإدخال الأغطية والملابس الشتوية لذويهم المعتقلين، هذه الحملة التي انطلقت تحت اسم “الدفء للمعتقلين” أصدرت بيانها الأول التي أكدت فيه أن حملتهم حقوقية إنسانية بالدرجة الأولى، وأنها غير تابعة لأي تيارات أو حركات أو أحزاب أو جماعات سياسية أو دينية، وأنها تطالب فقط بحقوق كافة السجناء في الملابس الشتوية والأغطية اللازمة، بغض النظر عن الانتماء السياسي أو طبيعة القضايا التي يحاكمون فيها سياسية كانت أو جنائية.
حاور نون بوست الناطقة الإعلامية باسم الحملة وأحد منسقيها وهي زوجة معتقل ضمن هؤلاء الآلاف، ولكن للظروف الأمنية لن تستطيع الكشف عن شخصيتها.
أكدت المتحدثة باسم الحملة على ما جاء في بيان الحملة التدشيني بأن هذه الحملة إنسانية بامتياز، كما أكدت أنها بدأت بمبادرة من بعض الحقوقيين بالإضافة إلى أهالي بعض المعتقلين، وقد كان أهم أهدافها الضغط للحصول على حق المسجونين في الحصول على بطاطين وملابس شتوية بما يكفل للمساجين تدفئة مناسبة في ظل موجات البرد التي تشهدها البلاد.
وبسؤالها عن الخطوات التي تنتوي الحملة اتخاذها لتنفيذ مطالبها، أشارت إلى أن الحملة تنتوي في البداية تحقيق انتشار واسع في الإعلام الإلكتروني، وكذلك بين المنظمات الحقوقية والإنسانية ثم للعالم أجمع لإيصال صوت ذويهم المعتقلين الذين يعانون أشد المعاناة من هذه الظروف غير الآدمية المحتجزين فيها بعدة سجون على مستوى الجمهورية، ومن ثم الضغط على السلطات في مصر للسماح بإنقاذ المساجين من هذا البرد المميت بحسب تصريحاتها لنون بوست.
وأضافت الناطقة باسم الحملة أن أهم ما يُميز هذه الحملة عن غيرها مطالبها الواضحة المحددة، وكذلك توقيتها المحدد، بالإضافة إلى أنها تُعد حملة إنسانية لا تنتمي لأي تيارات أو أحزاب، حيث إن القائمين على هذه الحملة بحسب ما أفادت هم مجموعة من أهالي المعتقلين ونشطاء متعاطفين مع القضية.
الحملة حتى الآن لم تنجح في تنفيذ مطالبها في كافة السجون المصرية، لكنها بدأت بالحشد والضغط الإعلامي من أجل توفير هذا المطلب الإنساني لكافة المساجين خاصة المحتجزين في السجون شديدة الحراسة سيئة السمعة، التي أفاد أهالي المعتقلين بها أنها لا توفر لهم في هذا الصدد أي شيء يقيهم البرد، ناهيك عن سوء المعاملة بالداخل والتعذيب ونقص الخدمات الصحية والمعيشية بشكل عام.
فيما أكدت الناطقة باسم حملة “الدفء للمعتقلين” أن الجدول الزمني للحملة قد بدأ بتدشينها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انطلقت صفحة للحملة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وحساب آخر على موقع تويتر، وأضافت أنه بعد ذلك تم البدء في التواصل مع أكبر عدد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية لتبني الحملة، كما يجري العمل على الضغط الإعلامي لإجبار السلطات على سماع صوتهم، وقد صرحت المتحدثة لنون بوست أنه يجري التحضير حاليًا لوقفة تضمانية داخل مصر وخارجها يوم 9 يناير 2016 ضمن فعاليات الحملة.
“إن تحققت المطالب المحددة للحملة ستتوقف حينها، وإن لم تتحقق سنستمر في الضغط بكافة الوسائل المتاحة لحين تحقيق هذه المطالب المشروعة”.
بهذا الحديث استكملت الناطقة باسم الحملة حديثها في الرد على سؤال ماذا لو لم تستجب السلطات المصرية لمطالب الحملة، مؤكدة أن الأوضاع التي يحياها ذويهم في السجون المصرية ستجبرهم على الاستمرار في المطالبة بأقل حقوقهم وهي التدفئة من برد الشتاء.
شرحت المتحدثة باسم الحملة لنون بوست الأوضاع التي يعاني منها المسجونون في مصر في هذا الشتاء حيث قالت: “يعيش السجناء في زنازين غير آدمية لا تقي البرد ولا الحرارة، كما لا يسمح للسجناء سوى بفرش ردئ للنوم عليه وغطاء خفيف صغير لا يكفي حتى لتغطية كافة الجسد”.
واستطردت: “كافة الزنازين بها نوافذ علوية مفتوحة مما يزيد من انخفاض درجات الحرارة ليلاً وزيادة نسبة الرطوبة وهو ما أدى لإصابة الكثيرين من المسجونين بأمراض الإنفلونزا وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض جلدية، هذا فضلاً عن عدم نظافة الزنازين في ظل عدم وجود دورات مياه طبيعية آدمية”.
أما عن طعام المسجونين فقد أكدت أنه لا يكفي مطلقًا بجانب عدم نظافته في كثير من الأحيان، بالإضافة لوجود قيود شديدة على دخول الأغذية والملابس والأغطية والأدوية، والتي تعد احتياجات ملحة للغاية في ظل هذا الوضع.
وتضيف في هذا الصدد أن مطالب الحملة محددة حيث تتعلق بتحسين الظروف المعيشية لكافة السجناء خاصة في ظل برودة الطقس والتي تسبب معاناة للكثيرين، وهو الأمر الذي يتطلب سرعة إدخال احتياجاتهم من الأدوية والأغطية والملابس.
ذكرت المتحدثة باسم الحملة أن إدارات السجون تتعنت معهم، بسبب مواقف مسبقة تجاه كافة السجناء حيث تعتبرهم بحسب تعبيرها “أعداء الوطن”، وتبرر بذلك نزع حقوقهم الدستورية بموجب الدستور المصري وتعامل ذويهم أسوأ معاملة أثناء الزيارات، ما تعتبره أسبابًا سياسية بالأساس هي التي تبرر تصرفات إدارة السجون، مشيرة إلى أن الجميع يدرك ذلك الأمر جيدًا، وأن ما تريده الحملة هو تطبيق الدستور المصري فيما يتعلق بحقوق السجناء وذويهم في معاملة إنسانية كريمة.
وعن الانفراجة التي تحدث عنها البعض في سجن العقرب، أكدت المتحدثة أن هذه الانفراجة لم تحقق مطالب الأهالي بشكل كامل الذين يتم معاملتهم بشكل سيء من إدارة السجن، والتي تتعنت في إدخال مستلزمات المعتقلين بصورة كبيرة، وما حدث في الآونة الأخيرة لم يغير من الوضع شيئًا.
في الوقت الذي أكدت فيه أن الحرية هي مطلب دائم لأهالي المعتقلين، لكن في ظل هذه الظروف الحالية فإنهم يطالبون على الأقل بظروف معيشية مقبولة لذويهم ومن ضمنها الملابس والبطاطين.
وفي رسالة مفتوحة كما طلبت تسميتها المتحدثة باسم الحملة قالت: “إن مصر بها الآن أكثر من 40 ألف معتقل سياسي في عدة سجون ويتعرضون للتعذيب البدني والنفسي بعدة وسائل على رأسها البيئة المعيشية المهينة داخل السحون، بالإضافة إلى الوضع الصحي المتردي للغاية نتيجة الحرمان من الغذاء الصحي والملابس والأدوية الكافية، فضلاً عن حرمانهم من الزيارات في أغلب الأوقات ومعاملة ذويهم أسوأ معاملة أثناء هذه الزيارات التي لا تتجاوز بضعة دقائق وخلف حواجز زجاجية غير آدمية.
مؤكدة أن الوضع الحقوقي للسجناء يزداد سوءًا كل يوم وتزداد معه معاناتنا، حيث قالت: “إن سنوات عمر أولادنا تضيع في السجون نتيجة كل هذا الظلم لا لشيء سوى أنهم أرادوا ممارسة أبسط حقوقهم في التعبير عن آرائهم”.
مضيفة أنه ليس من مصلحة مصر مطلقًا أن يزداد الاحتقان الشعبي نتيجة كل هذا الظلم، وفي النهاية دعت المتحدثة باسم الحملة، المصريين أن يتضامنوا معهم في حماية ذويهم داخل السجون والدفاع عن حقوقهم، كما دعت المؤسسات الحقوقية في الداخل والخارج إلى التضامن معهم ودعم مطالبهم حتى تتحقق.