من المفارقات العجيية التي تعيش على وقعها الساحة السياسية التونسية هذه الأيام إعلان حزب نداء تونس الفائز في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت السنة الفارطة انقسامه الفعلي والنهائي،وفي نفس اليوم تعلن بعض الأحزاب وشخصيات وطنية خسرت هذه الانتخابات وعلى رأسهم الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي تشكيل حزب سياسي جديد على أمل إيجاد تنسيقية معارضة حقيقية تستعد للتداول السلمي على تحمل المسؤوليات.
عشية أمس الاحد كان حافلا وشاهدًا على التنوع السياسي وحركيته في تونس، خلاله أعلن الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي في اجتماع شعبي في قصر المؤتمرات بالعاصمة حضره المئات من أنصاره تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم”حراك تونس الإرادة “.
و في مقابل ذلك أعلن الأمين العام المستقيل لحزب الأغلبية في البرلمان “نداء تونس” انقسامه و فريقه نهائيا من الحزب، وبداية العمل لإعادة بناء مشروعهم السياسي وإمكانية بعث حزب سياسي جديد.
المرزوقي قال خلال إعلانه عن تاسيس حزبه الجديد، التزمت الحذر والصمت طيلة سنة كاملة، ومن واجبي اليوم كمناضل العودة إلى ساحة النضال، فلا يمكن لي أن أقبل أن أرى تونس في الحالة التي عليها اليوم، كنت متأكدًا أنهم سيفشلون خلال سنتين لكنهم فشلوا خلال سنة واحدة، مؤكدا أن من واجبهم كمعارضة اليوم تقييم أداء السلطة والإعداد والاستعداد للتداول السلمي على المسؤولية.
غير بعيد عن مكان هذا الاعلان، في منتجع الحمامات السياحي، قرر محسن مرزوق والشق الذي يتبعه و يناصره الانفصال النهائي والفعلي عن حزبهم الأم “نداء تونس “، وقد أكد المنفصلون على الانفصال التام عن كل المكونات والهياكل المسؤولة عن الأزمة الحالية التي تضرب حزبهم حسب وصفهم وعدم الاعتراف بكل القرارات الصادرة عنها، في نفس الاطار أكدوا إطلاق مسار إعادة تأسيس مسار “المشروع الوطني الأصلي المتواصل مع الفكر البورقيبي “.
وتبع هذا الانفصال اليوم، تقدم22 نائبًا عن الكتلة البرلمانية لنداء تونس في البرلمان استقالاتهم رسميًا من الكتلة إلى رئيس الحزب ورئيس مجلس النواب محمد الناصر وأعلنوا انطلاقهم في تأسيس كتلة جديدة بالبرلمان، وأرجع النواب المستقلين استقالاتهم الى ما اعتبروه ضياع و تهميش مشروع نداء تونس الوطني الحداثي.
و بهذه الاستقالة يصبح نواب النداء داخل البرلمان 64 نائبا ليفقد بذلك أغلبيته وتصعد بالتالي كتلة حركة النهضة الإسلامية الحائزة على 69 مقعدًا إلىالأغلبية وتصبح القوة البرلمانية الأولى في البرلمان التونسي.
من جهة أخرى مقابل إعلان قيادات النداء أن مشروع حزبهم قد ضاع وهمش، يكشف المرزوقي في خطابه أمس عن مشروع “تونس 2065″، بمقتضاه يتحول التونسيين من رعايا إلى مواطنين يمتلكون حقوقهم الكاملة، مصرحًا “عشنا الاف السنين شعبا من الرعايا وعشنا الخمسين سنة الاخيرة شعبا من المواطنين بالاسم بلا إرادة حقيقية ونريد ألا نصل الخمسين سنة المقبلة إلا ونحن شعب من المواطنين أي شعب تحصل جل أفراده على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كان يوم أمس أعلن الحزب الحاكم انقسامه الفعلي والنهائي و إمكانية تأسيس حزب جديد يقوده محسن مرزوق أمينهم العام السابق، بعده مباشرة يدعو المرزوقي المعارضة التونسية إلى تأسيس تنسيقية تحافظ على شخصية كل إطار وتوحد الجهود للإسراع في حل المشاكل التي يتخبط فيها الشعب حسب قوله.
وغير بعيد عن الاثنين تركز حركة النهضة الإسلامية جهودها في أريحية كاملة نحو إنجاح مؤتمرها العاشر المزمع انجازه ربيع السنة القادمة.
مفارقات تعيش على وقعها تونس و تغييرات منتظرة في المشهد السياسي وفي موازين القوى صلب الائتلاف الحاكم وحتى في المعارضة لها أن تقرر مصير البلاد في هذا الظرف الذي تمر به.