إنها صناعة تكاد تكون مختفية تماما عن أنظار المستهلكين، لكنها على الرغم من ذلك صناعة مركزية لإطعام العالم! عملية معالجة الكاكاو، أي عملية تحويل حبوب الكاكاو الخام إلى مسحوق، ثم سائل، إلى زبدة، هي العملية الأساسية في صناعة ألواح الشوكولا وما شابهها التي تصطف على أرفف المحال التجارية. لكن هذه الصناعة منذ الآن لن تصبح كما كانت عليه، والفضل يعود للصفقات التجارية الكبرى.
سابقا هذا الشهر، نشرت رويترز خبرا يقول أن شركة كارجيل (إحدى أهم شركات معالجة الكاكاو) تخطط لإنفاق حوالي ٢ مليار دولار للاستحواذ على منافستها الضخمة شركة آرتشر دانيلز ميدلاندز (إيه دي إمز)، لو جرت هذه العملية بنجاح، فهذه ستكون ثاني عملية اندماج كبرى هذا العام. في يوليو، استحوذت الشركة السويسرية مصنعة الشوكولا باري كالبوت على وحدة معالجة الكاكاو في بيترا فودز مقابل ٨٦٠ مليون دولار، لتصبح أكبر معالج للكاكاو في العالم.
بمجرد انتهاء عمليتي الاندماج، أكثر من ستين بالمائة من سوق صناعة الكاكاو سيسيطر عليها شركتان فقط، ما يعني المراحل الاخيرة في تجميد الصناعة التي استمرت لعقود.
ربما لن يقلق هذا الأمر الشركات الكبرى مثل مارس وهيرشيز، لكن المصنّعين المستقلين حول العالم قلقون للغاية، ليس فقط من ارتفاع الأسعار المؤكد، لكن أيضا من تجفيف التنوع، فالشركتان لن تستجيبا قطعا للمصنّعين الأصغر عندما يطلبون مذاقات ومكونت خاصة خلاف ما تطلبه الشركات الكبرى.
الصفقتان أقلقتا الخبراء لسبب آخر، وهو مصلحة الأشخاص الذين يبيعون المواد الخام للشركات الكبرى: مزارعي الكاكاو والذين غالبا ما يأتون من أفقر دول العالم، والذين لن يحصلوا على أسعار تنافسية مقابل منتجاتهم.
اتمام صفقة كارجيل سيعني أن الشركة ستستحوذ على أكثر من ٣٥ بالمائة من سوق صناعة الكاكاو، جاعلة كاليبوت رقم اثنين بامتلاكها اكثر من ربع السوق، وبانتهاء الصفقة، فإن هذا يعني انتهاء مرحلة كانت فيها أكثر من عشر شركات كبرى تسيطر على الصناعة، إلى شركتين فقط.
صانعي الشوكولا يقولون أن الاندماج سيقلص من مصادر موادهم الخام، أحد المصنعين الأمريكيين يقول أنه دوما ما كان يعتمد على شركة إيه دي إم في حالة حدوث قصور من شركة كارجيل التي يتعامل معها، أما في هذه الحالة، فالشركتان أصبحتا شركة واحدة، والتأخير في حالة حدوث قصور يعني خسارته لزبائنه، خاصة أنه لم يعد يمتلك أي بدائل، كارجيل اشترت سابقا أحد مزوديه بالكاكاو، شركة بيترز شوكوليت.
الشركات الكبرى التي تنفذ عمليات الاندماج تضع نفسها في مقدمة السوق الصاعد، أسعار الشوكولا ارتفعت بنسبة ٧ بالمائة خلال العام الماضي، وارتفعت بنسبة تقارب ٤٥ بالمائة منذ ٢٠٠٧، والتوقعات تقول أن المبيعات ستزداد بنسبة تقارب ٦٪ خلال العام المقبل، كما أن الأسعار ستزداد في موسم العطلات خلال الشهرين القادمين.
لسنوات طوال، كان خبراء التنمية ينصحون الدول الأفقر ببيع منتجاتهم في السوق المفتوحة ما سيجعلهم يشقون طريقهم خارج بوتقة الفقر، الأمر كان صعبا للغاية قبل الاندماج الأخير، وطبقا لتقارير الأمم المتحدة فتركيبة سوق الكاكاو مصممة بحيث لا تتسع لعدد كبير من الشركات. في تقرير للامم المتحدة نُشر في ٢٠٠٨، يعتقد المزارعون في دول الكاميرون، ساحل العاج، ونيجيريا أن أسعار الكاكاو التي يأخذونها من الشركات، تُعتبر ضئيلة بالنسبة لارتفاع أسعار الشوكولا، الأسعار انهارت بشدة بين العام ١٩٨٥ و ٢٠٠٥، كارجيل دخلت السوق في ١٩٨٧، ومنذ ذلك الوقت وعمليات الاندماج في سوق الكاكاو مستمرة.