مع نهاية عام 2015م، تغيرت خارطة النفوذ والسيطرة السياسية والعسكرية لسوريا، فالجبهات السورية تشهد معارك عسكرية طاحنة، والكثير من المعارك التي دارت في هذا العام شهدت كر وفر وعدم ثبات للسيطرة خصوصًا في مواقع التماس بين القوى المتحاربة.
كما كانت الأسلحة النوعية التي تدفقت إلى سوريا وخصوصا صواريخ “التاو” المضادة للدروع سببًا رئيسيًا في استمرار تقدم فصائل المعارضة المسلحة رغم تدخل الطيران الروسي في المعارك، وهذا يرجع إلى أن الكتائب “الثورية” استطاعت امتصاص الضربات الروسية وتكيفت معها وباتت تتقدم على الأرض مستخدمة خططًا عسكرية كـ “حفر الخنادق” لتلافي سياسة الأرض المحروقة التي استخدمها الطيران الحربي الروسي، هذا ما ظهر في “سهل الغاب” ومدينة “مورك” الإستراتيجية ومعارك “ريف حلب الجنوبي”.
وتتقاسم الجغرافيا السورية 5 قوى رئيسية يسيطر كل منها عسكريًا على أجزاء من البلاد ويمكننا أن نعرضها كالتالي:
1- الجيش النظامي المدعوم بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية برًا، أما جوًا فيتم دعمه عبر الطيران الحربي الروسي.
2- الكتائب الثورية المسلحة وأبرزها (كتائب الجيش السوري الحر – أحرار الشام – فيلق الشام – جيش الإسلام – الجبهة الشامية – نور الدين زنكي – الجبهة الجنوبية – الجبهة الشمالية – الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام).
3- جبهة النصرة (ساهمت الجبهة في تأسيس غرفة عمليات “جيش الفتح” مع مجموعة من الفصائل).
4- تنظيم الدولة المروف إعلاميًا باسم “داعش”.
5- حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي pyd (جناحه المسلح “وحدات حماية الشعب الكردي” وهو بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني pkk في تركيا).
وتتركز سيطرة الجيش النظامي والقوى المتحالفة معه على معظم أحياء العاصمة دمشق، ومحافظتي طرطوس واللاذقية الساحليتين المطلتين على البحر المتوسط، ومحافظة السويداء الجنوبية، ومدينة حماة وأجزاء من ريفها الغربي، وبعض الأحياء بمدينتي حلب وحمص، وقد نجحت أخيرًا قوات النظام في فك حصار تنظيم “داعش” عن مطار كويرس العسكري، ولكن حملة النظام والحرس الثوري الإيراني والمليشيات الموالية له فشلت في التقدم في ريف حلب الجنوبي باستثناء بلدة الحاضر.
أما الجيش السوري الحر والكتائب الثورية وجبهة النصرة، فيسيطرون على بعض الأحياء الدمشقية وأحياء جنوب دمشق وغالبية ريف دمشق (الغوطة الشرقية وأجزاء من الغوطة الغربية وأجزاء من القلمون والزبداني) ومعظم البلدات والمدن الواقعة في محافظات حلب وعلى كامل محافظة “إدلب” باستثناء بلدتي “الفوعة وكفريا”، وكامل محافظة “درعا” باستثناء (خربة غزالة وإزرع ودرعا المدينة) والقنيطرة جنوبًا، بالإضافة إلى بلدات الريف الشمالي والشرقي لمحافظة حمص (تلبيسة، الرستن، حي الوعر الحمصي)، ومنطقتي جبل الأكراد وجبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي، كما تسيطر الكتائب الثورية على ريف حماة الشمالي ونجحت في خلال الأشهر الماضية في السيطرة على سهل الغاب ومدينة “مورك” الإستراتيجية وباتت على حدود “حلفايا” و”طيبة الإمام” و”صوران” وهو ما يعني أن مركز مدينة حماة ومطارها العسكري أصبح في مرمى الفصائل المعارضة.
وتسيطر وحدات “حماية الشعب الكردي” الجناح العسكري لـpyd، على 4 مناطق منفصلة شمالي البلاد بمحاذاة الحدود التركية، وهي شمال محافظة الحسكة لاسيما مدينة القامشلي، وتل أبيض شمال شرقي محافظة حلب، ومنطقة عفرين شمال غرب المحافظة ذاتها.
أما تنظيم الدولة، فيفرض سيطرته على معظم المحافظات المحاذية مع المناطق التي يسيطر عليها في العراق؛ وهي محافظة دير الزور (باستثناء مركز المدينة ومطارها العسكري) ومناطق شاسعة في ريف الحسكة الحسكة وكامل محافظة الرقة، كما يفرض سيطرته على أجزاء من ريف حلب الشرقي (مدينتي الباب، منبج).
ويسيطر التنظيم على مساحات كبير في ريف حمص خصوصًا بعد استيلائه على تدمر والقريتين ومستودعات مهين وتقدمه من مدينة “صدد” رغم ضربات التحالف الدولي.