لا نعرف ما هو السبب الحقيقي في حبنا لسماع النصائح وتجارب الآخرين، تلك النصائح التي نعرفها جيدًا ولكننا نحب أن نسمعها من الآخرين، فهل هذا نتيجة انعدام ثقة بذواتنا وكذلك دعمًا لرؤيتنا الذاتية من الآخرين، وكذلك كما أننا أفضل من ينصح نحن أفضل من لا يعمل بالنصيحة، وكأننا ننصح عبر تجاربنا الخائبة أو أن لدينا حب التسلط المتوارث بمجتمعنا، فالنصيحة نوع ما من السلطة، تقريبًا نحن بمجتمع مع أنه ملئ بالخيبة الثقيلة إلا أنه لا يكف عن النصيحة، مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالنصائح العميقة، ولكن هل يطبق الناصح ما يقوله للمنصوح؟ تقريبًا ليس شرطًا وأنا أنصحك أن أنفذ هذه النصيحة، أنا أهديك نصيحة ما لعلك تكون الأفضل، أو كنوع من التسلط كما قلنا والارتقاء بمرتقى الأبوة المعهود لنا، النصيحة بين الناس خير، فالنصيحة تعني أنه مازال بمجتمعنا مهما تعددت الدوافع، مبدأ الإخوة، مبدأ الإخوة الذي قامت عليه الدولة الإسلامية النبوية وكذلك الدولة الراشدة وتوارثها المجتمع الإسلامي والعربي عبر أجيال بشكل غير واع، ولكن قبل أن ننصح يجب أن نعمل بنصائحنا، أو على الأقل كما أفعل أنا، ونحن ننصح الناس ننصح أنفسنا معهم.
الكتابة
هناك دراسات عديدة تؤكد أن ما نكتبه يطبع بعقلنا الباطن بشكل أسرع مما نقوله شفاهة، يطبع بذاكرتنا، لذا ينصح من يذاكر لخوض الامتحان النهائي أن يبتعد عن الأسلوب الشفهي ويلتزم بالكتابة وحبذا لو الكتابة من الذاكرة، بنفس الطريقة عندما نتحدث عن أهدافنا للعام الجديد وكذلك ما نريد أن نحققه، فلا بد أن نكتب ذلك ونسجله ونقرأه أكثر من مرة ونراجعه ونعدله وهكذا، كذلك العنوان، عندما تعطي الشيء اسمًا أو عنوانًا يجذب كل ما يخص هذا العنوان، فمثلًا لو قلنا إن سنة 2016 هذه سنة الاستقرار أو سنة الزواج أو سنة الشهرة أو سنة تحقيق الإنجاز الفلاني أو سنة التفوق وقد جعلت هذا العنوان بذاكرتك وبوعيك ستجد كل ما يخص هذا العنوان يجذب لك، كتابة الأهداف، الأهداف الكبيرة والأهداف الصغيرة، وكذلك المخاوف التي تريد أن تتخلص منها وكذلك الرحلات والكتب والأشخاص، وكل ما تريده وكل ما تخافه، تسجيله يعطيك وجهة نظر وتهيئة لاستقبال عام سيحسب بعمرك.
وكملاحظة بخصوص العام الجديد، إن كتابة تفاصيل ما نريده من العام بالدقيقة والساعة ليس من مهمة الخطة العامة قد يكون بسجل خاص لك أما الخطة العامة لو حاولت أن تسجل ما تريده من العام بالدقيقة والساعة فأعلم أنك بنسبة 90% لن تحققه، إن معرفة قدراتك ورغباتك وأهدافك وكتابتها هي خطوة مهمة جدًا توفر الجهد والوقت، بالبلدي تجعلك تدخل في المفيد دون تضييع وقت وتنجز.
الروتين هو الحل
تقريبًا أغلب الإنجازات لم تتحقق في غمضة عين بل كانت عبر تراكم أعمال، عبر روتين يومي محدد فتحقق الإنجاز، بمعني أنه يجب أن يكون ليومك جسم معين لتستطيع الاستفادة من ، فما تريد إنجازه هذا العام لن يتحقق إلا عبر يومياته وروتين يومي معروف يتكرر ويتكرر ويتراكم، كجدول ثابت لليوم، فيه وقت القراءة لا يتغير ووقت العائلة ووقت الرياضة ووقت العمل ووقت الدعاء والأذكار والعبادة ووقت الاستقياظ ووقت النوم، إن أستطعت تثبيت يوم يشمل هذه الأوقات وجعلته يتكرر مدار العام كله مع مراعاة الظروف وغيرها فسوف تحقق الإنجازات التي تريدها، فالروتين هو الحل، وليس معني ذلك أن هذا الروتين لا يمكن خرقه والتعامل معه يكون مقدسًا، هذا غير ممكن وكذلك قاسي جدًا، يمكن خرقه طبعًا ولكن يجب الرجوع إليه كلما شعرت بانفراط العقد، فالتمسك بالروتين لازم لنجاح أي خطة ما، والروتين الذي نتحدث عنه التعود.
الإنسان يحتاج لأربعين يومًا ليكتسب عادة ما أو يتخلص من عادة ما، قد نتعامل مع أول شهرين بالعام بمثابة فرصة أن نكتسب العادات التي نحبها ونتخلص من عاداتنا السيئة العلنية منها والسرية، بالطبع الأمر لا يعني مكنة ستعمل عبر كتالوج ولكننا لو أردنا التغيير فلا بد أن يكون لدينا إيمان كبير وحماسة لذلك.
وقد ذكر المفكر الاجتماعي مالك بن نبي لو خصص كل واحد منا نصف ساعة فقط في اليوم لإنجاز شيء مهم سيكون لديه بنهاية العام حصيلة هائلة من الإنجازات العظيمة؛ فلا تستهين بربع ساعة خصصتها يوميًا للقراءة فعندما ينتهي العام ستجد أنك أنهيت ما يقارب 50 كتابًا وهكذا بكل مجال وإنجاز.
الخطة الروحانية
إن التسابق المادي بين البشر صار سمة الحياة الأساسية في عصر الرأسمالية، إن كان عليك أن تعيش فعليك أن تركض نحو المادة، عليك أن تركض وتسابق الجميع، لن يسبق أحد أحدًا في الحقيقة فلكل له رزقه ولكنها صارت سمة الحياة إن لم تركض فستخسر وتفشل.
الصلاة: إن لم تكن ملتزمًا بها أو مواظبًا تمام المواظبة عليها فاعرف أنه قد فاتك الكثير، وإن لم تكن تصليها جماعة فقد فاتك أيضًا، فالصلاة تطهر الروح وتذهب الاكتئاب وتجعل للحياة معنى وتبعث الأمل في الله دائمًا وفيها رضا الله وضميرك وكذلك فهي تصلح حياتك اليومية في أشياء أخرى، أولًا فالصلاة جلابة للرزق، فقد وعد الله المحافظين على الصلاة بأن يرزقهم من حيث لا يحتسبوا، وكذلك هي من ستجعل ليومك جسمًا وتقسمه لخمس فترات، تستطيع أن تضع جدولك بناءً عليها، كذلك الصلاة ستهذب عاداتك وتنهيك عن الفحشاء والمنكر وهذا ما سيفتح لك ولنا بمشيئته أبواب الفرج والرزق والفوز.
الصدقة: إنها الإنجاز الروحي، في الحقيقة لا يجوز أن نسميه إنجاز، فهي عبادة وتعبد وتقرب لله سبحانه وتعالي، فعبادتك لله واجب عليك وليست إنجازًا لك، ولكن فلنسميها هكذا إن كان هذا هدفًا طويلًا ممتدًا فلنسمه إنجازًا فالأهداف تنجز، والصدقة من العبادات المهمة التي لا يجب أن تكون بالمال إن لم تكن قادرًا فبالابتسامة والكلمة الطيبة والاشتراك بالجمعيات والأعمال التطوعية وهذا يشمل العادات التي نريد أن نكتسبها، فوقت للأوراد ووقت للقرآن وكل هذا لن يشغل كل الوقت فتقريبًا لو حسبنا ما تحتاجه للجانب الروحي لن يزيد عن ساعة زمن باليوم.
النظافة: إن ما نراه بأبصارنا يرتد إلينا فينعكس على أرواحنا، فإن كانت المكان مظلم وقذر وغير مرتب فلن تكون فيه شخصًا آخر غير الشخص المظلم القذر غير المرتب، فترتيب الأولويات والأهداف ليسوا أهم من ترتيب المكان ونظافته ونظافتك أنت شخصيًا وىهتمامك وحبك لنفسك، وكذلك فكم فتحت المظاهر للناس أبوابًا كثيرة، فأنتم أعلم ما الذي تفعله المظاهر بالناس، فلا يحكم الناس على الشخص غير بمظهره وخاصة بهذا الزمان، فقد يرفض شخص تقدم للإنترفيو وللزواج ولغيره لمظهره وإن كان أحسن الناس وأفضلهم خُلقًا وقد يقبل شخص بوظيفة أو بزواج وهو أقل منك إلا لمظهره، نعم هذا المقياس له تأثيره الكبير الذي لا بد أن يقدر على الروح وعلى الناس.
العبادة هي حياتنا، حقيقة لا ينفيها أي مسلم أنه لو مرت سنة خالية من الإنجازات المادية ومليئة بالعبادات والتعبد، فلن تعد خسارة، وهذا يساعدنا علي تجنب كل هواجس الندم على الوقت الفائت والمهدر والعمر الذي يجري فلن يضرك جريه طالما تعمل لآخرتك وهذا مهم.
العلم
خير ما يفني الإنسان فيه عمره العلم والتعلم، تعلم الجديد والاشتراك بدورات وورشات، أولًا بمجالك لزيادة الرزق، ثانيًا بهوايتك لتنميتها وما تحبه، واللغات.
القراءة من أهم العادات اليومية التي يجب أن يحافظ عليها المرء وأن يتدرب عليها ما لم يجيدها، وأن يتجنب التلفاز وغيره إلا لو بعض الوقت ببرامج مفيدة أو مسليات ليست بالتافهة، بالطبع هذا ما تحدده.
الرياضة والاهتمام بالصحة ليسا من عاداتنا الاجتماعية، ولكنهما مهمين للغاية فالرياضة تنقذك من الاكتئاب والخنقة المفاجئة وكذلك اليأس وتجدد نشاطك وتحافظ على صحتك، الطعام الصحي، وكذلك تجنب المطاعم وخاصة هذه الأيام، وإن لم يكن لديك الحيز أو الوقت فالتمشية من أنواع الرياضة المفيدة للجسم والتي تستطيع تأديتها يوميًا
قد أسمعتك الذي تعرفه وتحتاج أن يقوله غيرك بقدر المستطاع، وقد نصحت نفسي معكم فلست صاحب حياة بطابع مثالي بل أنا مثلك أو دونك حتى، وكذلك لعلني أعطيتك دفعة تفاؤل وأمل، فكأن الناس تخاف التفاؤل وتخاف الأمل! يعيده الله علينا وعليكم بخير وصحة ويجعله عامًا مليئًا بالمسرات خاليًا من المكدرات، ويبقي السؤال: هل وضعت خطتك لعام 2016 ؟ فلقد قال أجدادنا: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.