بعد مماطلة استمرت لأكثر من عشر سنوات متتالية، ورفض كل الوساطات الداخلية والخارجية، وافق الجانب الإسرائيلي على منح السلطة الفلسطينية تصريحاً رسمياً لإدخال واستخدام تقنية الجيل الثالث “3G” للاتصالات الفلسطينية.
الموافقة الإسرائيلية المفاجئة على منح تصريح الجيل الثالث، في ظل عجز الاحتلال على السيطرة على الهبة الفلسطينية في “انتفاضة القدس”، التي دخلت شهرها الثالث، فتح باب التساؤلات واسعاً حول الهدف الإسرائيلي “الخفي” من منح تلك التصاريح في هذا الوقت، خاصة بعد تحذيرات خرجت بأن تقنية الـ”3G” ستكون عين جهاز المخابرات الإسرائيلية “الموساد” الجديدة على الفلسطينيين.
ووقعت السلطة الفلسطينية وإسرائيل اتفاقاً لإدخال تقنية الجيل الثالث من الاتصالات “3G” إلى الأراضي الفلسطينية. وقال رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية حسين الشيخ: إن “المذكرة التي تم توقيعها تتيح للشركات المستفيدة من هذه الخدمة البدء بتنسيق أمورها مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية، من أجل تنفيذ هذا الاتفاق على أرض الواقع”.
علام موسى، وزير الاتصالات في الحكومة الفلسطينية، أكد أن “السلطة الفلسطينية حصلت على الموافقة الرسمية من الجانب الإسرائيلي، للبدء باستخدام تقنية الجيل الثالث، وإدخالها ضمن عمل شركة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية، لصالح شركتي الوطنية وجوال”.
وقال موسى: إن “تلك الخطوة هامة جداً بالنسبة للفلسطينيين، وسيدخلهم ذلك إلى عالم جديد من التطور التقني والتكنولوجي، المخصص في مجال الاتصالات الخلوية، خاصة أن الاحتلال كان يمنع إصدار التصاريح للجيل الثالث لأكثر من 10 سنوات”.
وأوضح أن “تطبيق خدمة التشغيل للجيل الثالث “3G”، سيستغرق عدة شهور، ولكن سيتم إنجاز الأمر، وحل كل العقبات التي تعترض العمل والاستخدام التقني الجديد، داخل الأراضي الفلسطينية”، لافتاً إلى أن “تلك التقنية ستدخل حيز التنفيذ أولاً داخل الضفة الغربية والقدس فقط، ولن تصل إلى غزة في الوقت الراهن”.
وذكر موسى أن “شركة الاتصالات والجهات المختصة، بدأت فعلياً على أرض الواقع بتوفير كل الإمكانات المطلوبة من أجل الانطلاق بخدمة الجيل الثالث بأسرع وقت”، مشيراً إلى أن “هناك مخططات جاهزة ومدروسة بدقة لهذا الملف، سيتم تطبيقها على الأرض قريباً”.
المهندس زياد ديب، مدير عام التراخيص داخل وزارة الاتصالات الفلسطينية، أكد أن “سماح الاحتلال بإدخال تقنية الجيل الثالث للهواتف المحمولة، خطوة هامة جداً ولكن تُحيط بها الكثير من المخاطر الأمنية على الفلسطينيين”
وقال ديب،: “تقنية الجيل الثالث ستنقلنا لعالم جديد من التطور التكنولوجي الخاص بالأجهزة الخلوية، ولكن تلك النقلة سيكون لها آثار سلبية وعسكرية على الفلسطينيين؛ لأن من يتحكم بتلك التقنية هو الجانب الإسرائيلي”.
وأضاف: “تقنية الجيل الثالث تتميز بسعة شبكية عالية جداً، وبنفاذ إنترنت عالي السرعة على مدار الساعة، وفي كل مكان يوجد به الهاتف النقال، وهو ما سيدفع عدداً كبيراً من الفلسطينيين لاستخدام تلك التقنية، مما يجعل تعرضهم للتجسس ونقل كل المعلومات عنهم أوسع بالنسبة للاحتلال”.
وأشار ديب، إلى أن “كل قطاعات الاتصالات الفلسطينية مرتبط مع إسرائيل، وهذا ما سيجعل أي تقنية جديدة للاتصالات تحت المراقبة والإشراف الإسرائيلي، لذلك ستكون كل الأجهزة التي تعمل بالجيل الثالث، سهلة الاختراق من قبل برامج التجسس”.
وذكر أن “كل الاتصالات اللاسلكية داخل الأراضي الفلسطينية، غير آمنة ومن السهل اختراقها، وتشكل خطراً حقيقياً على أصحابها؛ من خلال مراقبتها من قبل المخابرات الإسرائيلية، وتقنية الجيل الثالث ستفتح الباب واسعاً لنقل كل المعلومات للاحتلال من خلال التجسس”.
بدوره، حذر الخبير الأمني محمود العجرمي، من تطبيق خدمة الجيل الثالث واستخدامها داخل الأراضي الفلسطينية، خاصة في قطاع غزة، مؤكداً أن ذلك سيجعل الفلسطينيين ورقة مكشوفة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح العجرمي أن “الاحتلال سيستغل تقنية الجيل الثالث، بشكل يتماشى مع مصالحه؛ في مراقبة كل فلسطيني، ومعرفة أماكن وجوده، وكذلك كل الملفات التي يحتفظ بها في هاتفه النقال الخاص به”.
وقال الخبير الأمني: “هذا الأمر سيجعل الفلسطينيين أهدافاً سهلة لأجهزة المخابرات الإسرائيلية المختلفة، ومراقبة أي فلسطيني، والتجسس والتنصت على مكالماته الخاصة، وكافة الرسائل التي يرسلها أو يستقبلها، عبر برامج التواصل المختلفة، وسيكون في متناول الاحتلال وبكل سهولة”.
ولفت العجرمي إلى أن “منح تصاريح العمل بالجيل الثالث للسلطة، هو من ضمن اتفاق أوسلو الذي وقع بين السلطة وإسرائيل”، مشيراً إلى أن “توقيت توقيع الاتفاقية ومنح التصاريح للعمل بـ “3G” في ظل استمرار الهبة الشعبية، هدفه القضاء على الانتفاضة ومحاصرة كل فلسطيني يشارك فيها”.
وحذر كذلك من استخدام رجال المقاومة الفلسطينية لتقنية الجيل الثالث، مؤكداً أن ذلك سيضعهم في دائرة المراقبة الدائمة، والاستهداف بأي وقت من قبل الاحتلال، وسهولة “التخابر” والارتباط أمنياً مع الاحتلال الإسرائيلي، في ظل شح المعلومات التي تصل جهاز الشاباك الإسرائيلي، وفقدانه عدداً كبيراً من العملاء، وتطور قدرة المقاومة الفلسطينية الأمنية.
يذكر أن نظام الجيل الثالث، تم استخدامه لأول مرة في اليابان عام 2001، في حين كانت أول دولة عربية تتحول للنظام هي المغرب عام 2006 تلتها مصر في نفس العام، ثم استخدمه الأردن عام 2010.
وتحولت بعض دول العالم، ومن بينها دول عربية، إلى الجيل الرابع (4G) منذ عام 2012، في حين أن شركة سامسونج الكورية، اختبرت بنجاح شبكة (5G) بقدرة اتصال فائقة، تصل سرعتها إلى 1 غيغابايت في الثانية (يحتمل أن تصل إلى 10 غيغابايت في الثانية)، وهي أسرع بـ 200 مرة من اتصالات الجيل الرابع، وتهدف إلى تقديم الخدمة بحلول عام 2020.