على بعد حوالي 500 كيلو متر جنوب تونس تعترضك صحاري وواحات تمتد على مساحات كبيرة، سكنها الاهالي و اعتمدوها سبيلا للحياة رغم شضف العيش فيها و صعوبته. واحات وصحاري مثلت قبلة للسياح ووجهة لهم خاصة في فصل الشتاء، حيث جمال الطبيعة و روعتها.
في هذه الايام من كل سنة تتزين محافظتي قبلي وتوزر على وقع المهرجانات الدولية لاستقبال السياح الاجانب والتونسيين من مختلف مناطق البلاد. وتحتضن مدينة دوز من محافظة قبلي في شهر ديسمبر كانون الأول من كل سنة ” مهرجان الصحراء “،تقدم خلاله عروض فروكلورية و حفلات فنية ومسرحية و سباق خيول وجمال وتجسيد للحياة البدوية. نفس الشيء لجارتها توزر التي تحتضن هي الاخرى المهرجان الدولي للواحات اين تتجمع الفرق الصوفية لتقدم عروضها الفنية إلى جانب اللوحات التقليدية لسكان البادية وعروض الفروسية. مهرجانات تساهم في جذب السياح في محاولة لانقاذ الموسم السياحي الذي تأثر كثيرا جراء الهجمات الإرهابية التي ضربت البلاد.
تعيش تونس منذ مايو 2011 على وقع هجمات إرهابية استهدفت أمنيين وجنود و سياح أجانب و سياسيين، كان أشدها الهجوم على أحد الفنادق في منتجع القنطاوي بمحافظة سوسة شرق البلاد، راح ضحيته 38 سائحا و جرح 39 أغلبيتهم بريطانيين. وتراهن تونس على إنعاش السياحة الصحراوية والسياحة الداخلية كأحد أهم المخارج من الأزمة التي يعيشها القطاع السياحي في ظل عدم الاستقرار الأمني نتيجة الهجمات الارهابية.
وقد سجلت محافظتي قبلي و توزر توافد الآلاف من السياح الأجانب والتونسيين لمتابعة عروض المهرجانات في تلك المنطقة. ويصل النشاط السياحي في الصحراء التونسية ذروته في الفترة الممتدة شهر من أكتوبر/تشرين أول إلى أبريل/نيسان من كل عام، وذلك قبل أن تشتد درجات الحرارة، التي تصل إلى 48 درجة مئوية في الظل صيفا، في هذه المناطق من تونس.
ومن أهم ما يميز واحة “توزر” أن ماؤها يتدفق من منطقة راس العين عند سفح ربوة تشكل ينابيعها واديا حقيقيا ما زالت عليه آثار سدود قديمة قسمها العلامة ابن الشباط تقسيما وُصِفَ بأنه معجزة هندسية ، كما استطاعت أن تحافظ على تقاليدها وأصالتها ولغتها العربية القريبة من الفصحى كما تضم أطراف مدينة توزر أطرف حديقة حيوان في العالم، حيث جمعت في مكان واحد كل نماذج الحيوانات الصحراوية من الغزال الجميل إلى العقرب الخطير، ونجد بها أيضا متحف دار شريط فيه تجسيد لأكثر من 3000 سنة من الحضارة.
إلى جانبها ولاية قبلي التي تحتوي على أكثر من 3 مليون شجرة نخيل تؤمن رزق المتساكنين وتوفر مكان أمنا للسائحين، كما أن فيها دوز بوابة الصحراء و قصر غيلان والنويل والفوار. إلى جانب ما ذكرنا تشتهر المناطق الصحراوية بصناعة المنسوجات ذات الجودة العالية والرموز الخاصة، ويعتبر المرقوم والكليم من أشهر أنواع السجاد في المنطقة إلى جانب عدد من المنتجات التقليدية الأخرى كالجلود والملابس الصحراوية والحلي والمصاغات والسعف وغيرها من المنتوجات الصحراوية المميزة.
فيما أفاد المسؤولين عن السياحة في الجنوب الغربي لنون بوست أن نسبة الامتلاء في فنادق محافظتى قبلي و توزر بلغت 100 بالمائة إلى غاية نهاية الشهر الجاري تزامنا مع العطلة الشتوية. وتضم محافظة قبلي 18 فندقا، و12 مخيما بدويا في عمق الصحراء، فضلا عن محطات للدراجات الصحراوية والإبل والخيل.
صالح علي أحد تجار الصناعات التقليدية في مدينة دوز أكد لنا تحسن الوضع السياحي خلال أيام المهرجان فقط. ولم يخفي علي تخوفه من عودة تجارته إلى الكساد بعد انتهاء أيام المهرجان، وقد طالب مسؤولي البلاد بضرورة التدخل وايجاد حلول.
صالح كغيره من العاملين في القطاع السياحي الصحراوي يشتكي من تراجع عدد السيّاح وتأثر أنشطتهم بذلك. الامر الذي يستوجب تدخل الدولة لضرورة انقاذهم والمنطقة حسب قوله.
في هذا الشان قالت وزيرة السياحة أن وزارتها وضعت برنامج في الغرض الهدف منه الترويج للسياحة الداخلية وتدارك الموسم السياحي. و تشهد منطقة الجنوب التونسي هذه الفترة تعزيزات أمنية وعسكرية مشددة حيث انتشرت وحدات أمنية وعسكرية من مختلف التشكيلات على كامل مداخل المدن ووسطها لتأمين حسن سير المهرجانات الدولية هناك.
الجدير بالذكر أن عدد السياح الوافدين إلى تونس سجل تراجعا كبيرا خلال سنة 2015 تجاوزت نسبته 25%، ليبلغ عدد الوافدين إلى بداية هذا الشهر 4.8 مليون سائح، وعلى هذا تعيش السياحة التونسية على وقع أزمة كبيرة فقدت خلالها تونس عدد كبير من السياح نتيجة الأعمال الإرهابية التي كان اخرها استهداف حافلة الامن الرئاسي بشارع محمد الخامس بالعاصمة.