شهيد، مجاهد، مرتد، صحوات، خائن وغيرها من العبارات التي تداولها مغردون على شبكات التواصل الإجتماعي إثر تداول خبر مقتل قائد جيش الإسلام زهران علوش بعد استهداف اجتماع كان متواجدا فيه.
الخبر أصبح يقينا وبات زهران علّوش واحدا من 300 ألف سوري سقطوا قتلى في الحرب الدائرة منذ حوالي 6 سنوات،فقد أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان والمعارضة السورية مقتل قائد تنظيم “جيش الإسلام” المعارض المسلح الجمعة شرق مدينة دمشق ونقلا عن “مصادر قيادية” في “جيش الإسلام” فإن علوش قتل مع خمسة من قادة التنظيم جراء قصف من قبل طائرة حربية استهدف اجتماعا لهم بغوطة دمشق الشرقية.
رواية المرصد السوري لحقوق الإنسان التي مفادها مقتل زهران علوش في استهداف اجتماع كان يحضره،فنّدها مجلس قيادة جيش الإسلام الّذي ألقى بياناً مصوراً أعلن فيه عن مقتل قائد التنظيم زهران علوش على إحدى جبهات الغوطة الشرقية وتعيين “عصام بويضاني” خلفاً له.
القيادة السورية أدلت بدلوها هي الأخرى حيث قالت وسائل الإعلام السورية الرسمية إن علوش قتل في “عملية خاصة نفذتها قيادة الجيش السوري” كما نقلت وكالة فرانس برس عن “مصدر أمني” سوري” قوله إن “عشرات” من المقاتلين المتمردين قتلوا في الغارة وأضاف أن سلاح الجوي السوري نفذ الغارة مستخدما صواريخ حصل عليها حديثا من روسيا.
لا يهمّنا كثيرا من الّذي قتل زهران علوش،لكن ما يهمّنا هو هل يغيّر مقتل الرجل المثير للجدل على الساحة السورية مسار الحرب في البلاد؟
في الحقيقة لا يمكننا الجزم بذلك،فقبل أكثر من سنة من الآن وتحديدا في العاشر من شهر أيلول سبتمبر/2014،قتل نخبة من قيادات أحرار الشام وعلى رأسهم أميرهم أبو عبد الله الحموي ولم يكن هنالك أي تغيّر في المسار بل بقيت الجماعات المسلحة مشتّتة ومتفرّقة ومتناحرة بينها.
كذلك فإن الرجل المثير للجدل زهران علوش ورغم علاقته الوثيقة بالسعودية وبتركيا إلّا أنّ هاتين الدولتين لن تأخذ بثأره لأنّها غير قادرة على ذلك في ظلّ وجود الروس في سوريا.
قبل أسابيع قليلة شارك مندوب زهران علوش في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية ووقع باسم جيش الإسلام على البيان الختامي لتوحيد المعارضة والخروج من الأزمة السورية التي دخلت عامها السادس.
تركيا الجريحة لن تردّ الفعل بعد مقتل علوش لأنه أولا ليس تركمانيا وثانيا وكما لا يخفى على المراقبين بعد حادثة اسقاط طائرة السوخوي الروسية فإن الأتراك أصبحوا يجنحون إلى السلم وترشيد الخطاب الدبلوماسي مع الروس.
مقتل زهران علّوش لم يفرح به النظام السوري والروسي فقط بل استبشر به خيرا مقاتلو وقياديو “الدولة الإسلامية” والمتعاطفين معها والسبب في ذلك كما لا يخفى “الحرب الدائرة والتكفير المتبادل بين جيش الإسلام وتنظيم الدولة منذ سنتين.
زهران علوش “كافر” و”مرتدّ” عند شرعيي الدولة وقيادييها وهو رمز للكفاح و”الجهاد” النقي ومقارعة الأعداء عند محبيه والمقاتلين المنضوين تحت راية جماعته وهو ما يبين لنا حجم الهوة بين فصائل المعارضة السورية المسلحة.
الحل السياسي في سوريا يتجه نحو الإستحالة وهذا الّذي أكّد عليه المحللون والخبراء ورفض الإعتراف به السياسيون العرب ومحللوهم، أما كذبة الحل السياسي، فيبدو أنها انتهت تماما من حسابات المعارضة المسلحة التي جاملت الدول الإقليمية في الآونة الأخيرة وهي تدرك أن لا حل مع النظام إلا القوة العسكرية، وبموت زهران تثبت التجربة أن تفكير من هم في الأرض أكثر حصافة وفطنة من المهرولين للحل السياسي.
رئيس الائتلاف السوري المعارض خالد خوجة وفي تعليقه على مقتل علوش دعا في تغريدة على تويتر، ” فصائل الغوطة للتكاتف لسد الثغور واستكمال المهمة” وذلك لأن جيش الإسلام يمثل أكبر فصيل مسلّح في ريف دمشق وشارك في معارك عديدة ضد الجيش السوري، أهمها السيطرة على مساحات واسعة من الغوطة الشرقية، ومعركة المليحة، ومعارك جوبر، وتمكن بالتعاون مع جبهة النصرة من السيطرة على مدينة عدرا العمالية، كما تمكن جيش الإسلام مؤخراً من السيطرة على تلال مهمة تطل على اتستراد حمص دمشق عند مدينة حرستا.
تنظيم جيش الإسلام عيّن أبو همام البويضاني قائدا للتنظيم خلفا لـزهران علوش ولا يعرف مستقبل التنظيم بعد هذه الضربة الموجعة له ولداعميه،صحيح أن قائد التنظيم الجديد هو أحد نواب علوش في تنظيم جيش الإسلام لكن هذا لا يعني بالضرورة قدرة الرجل على السيطرة على مئات المقاتلين الغاضبين والثائرين لأجل الأخذ بثأر زعيمهم.
المعارضة السورية “المعتدلة” تفقد قيادييها الواحد تلو الآخر وتستنزف يوما بعد يوم وهو ما ينبئ بتطورات هامة في مستقبل الحرب السورية التي تتجه نحو مزيد من الدمار ومزيد من القتلى والجرحى.