يسميها البعض العبودية الحديثة، والبعض الآخر يُسميها الإتجار بالبشر، ليس كل من هم عبيد هم ضحية للإتجار بالبشر، لكن كل من تمّ المتاجرة بهم في كل أنواع الإتجار بالبشر هم عبيد، الإتجار بالبشر هو الصناعة ذات الـ 32 بليون دولار سنويًا، مما يجعلها ثاني أكثر الصناعات الإجرامية في العالم بعد تجارة المخدرات، وهي الصناعة التي تأوي تحت مظلتها 29.5 مليون ضحية في عملية استيراد وتصدير للبشر بين الدول الغنية والفقيرة، أو الدول المنكوبة والدول المستقرة، فذلك الرقم يأتي من حوالي 127 دولة مُصدرة إلى ما يقرب من 137 دولة مستقبلة حول العالم.
ما هو الإتجار بالبشر؟
هو انتقال الرجل أو المرأة أو الطفل من حياته المألوفة إلى دلوة أخرى لا يتحدث لغتها ويتم استغلاله إما جسديًا في الأعمال الشاقة، أو الأعمال المنزلية، أو في تهريب المخدرات، أو استغلاله جنسيًا عن طريق الدعارة أو صناعة الأفلام الإباحية أو في الجنس التجاري، كما تنتشر عمليات الخطف بين الأطفال لاستخدام أجسادهن و سرقة أعضائهم مقابل المال، عن طريق التخويف أو الإجبار أو تحت تهديد السلاح عن طريق منظمات عالمية وعصابات دولية منظمة.
يتم الإتجار بالبشر للعديد من الأسباب، ويضم كل المراحل العمرية وكلا الجنسين، حيث يتم المتاجرة بالرجال في تصديرهم لبعض الدول كعمالة رخيصة لأداء الأعمال الشاقة، كما يتم المتاجرة بالأطفال كعمالة في صناعات الغزل والنسيج والأعمال المنزلية أو الاستغلال الجنسي أو نقل الأعضاء، أما المرأة فيتم المتاجرة بها لأغراض الجنس التجاري، أو الدعارة أو أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي.
إنفوجرافيك يوضح أرقام المتاجرة بالبشر في العالم للدول المُصدرة
المتاجرة من أجل الجنس التجاري هي استغلال النساء والأطفال في عمليات بيع وشراء متبادلة من أجل استخدامهن في الأفلام الإباحية، أو الدعارة داخل حدود بلادها أو خارجها، أو الجنس التجاري في بيع المرأة أو الفتاة إلى مشتري خاص من دول مستقبلة لذلك النوع من الصناعة، يظهر البعض من مظاهر تلك المتاجرة للعيان في شوارع بعض البلاد، كالدعارة المباحة في بعض الشوارع، إلا أن العديد من الضحايا يظلون مختبأين تحت قهر واستغلالية أصحابهم في الشوارع والضواحي الغير معروفة، وصل الرقم سنويًا إلى 800.000 امرأة وقعت ضحية للمتاجرة بهن من أجل الجنس التجاري والرقم مازال في تزايد.
يبلغ متوسط تكلفة ضحية الإتجار بالبشر حول العالم 90 دولار، كما تقترب الأرباح العالمية من تلك العملية إلى 31.6 بليون دولار سنويًا، حيث وصلت نسبة الإستغلال الجنسي من الاتجار بالبشر إلى 79 % ، كما كان للعمالة الجبرية نسبة 18% ، توزعت النسب الباقية على أشكال استغلال البشر الأخري، كما أن نصف عدد ضحايا الإتجار بالبشر حول العالم يقل أعمارهم عن 18 سنة، بالإضافة إلى معاناة الأطفال من تمّ استغلالهم في المتاجرة بالبشر من الإضطرابات العقلية والنفسية، وارتفاع نسبة إحتمالية عملهم في الدعارة عند بلوغهم، كما تعاني النساء ضحايا الإتجار بالبشر من نسب مرتفعة للإصابة بالإيدز والأمراض المنقولة جنسيًا، بالإضافة إلى تشوّه دائم في جهازهن التناسلي.
الإتجار بالبشر في الدول العربية :
أصدرت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مؤخرًا مشروعًا تصويريًا يوضح معاناة المرأة المصرية في مختلف أنواع الإتجار بالبشر محليًا من خلال بعض الصور الآتية.
إستغلال المرأة العاملة في المنازل جنسيًا من قِبل صاحب المنزل، وخوفهن من الشكوى لعدم خسارة مصدر رزقهن الوحيد بالإضافة إلى الخوف من العار المجتمعي الذي يثقل كاهلها به المجتمع.
إستخدام المرأة كضامن لزوجها يعرضها للإستغلال الجنسي من أجل المال والخوف من السجن، مما يعرضها لخطر السجن المستمر والاضطهاد والإستغلال الجنسي من قِبل صاحب العمل.
زواج الصفقة، هو نوع من أنواع الزيجات المشهور في القرى الفقيرة في مصر، حيث يكون متاجرة بالفتاة بمباركة الأهل، فيتم بيّع الفتاة لمشتري ثري من دول الخليج العربي من أجل زواج المتعة لبضعة ليال ثم يطلقها، ليقوم الأهل بنفس العملية مجددًا من أجل المال والتغلب على الضائقات المادية نتيجة الفقر، فتصل عدد الزيجات للفتاة الواحدة ثلاث مرات في الشهر.
اللاجئات أيضًا في المتاجرة بالبشر:
صرحت منظمة الهجرة العالمية مؤخرًا بانذار للجهات المعنية بمراقبة التجارة بالبشر منذ وصول 1.5 مليون لاجيء إلى أوروبا في عام 2015، حيث صرحت بأن 80 % من المهاجرات النيجيريات إلى أوروبا وعددهم في 2015 هو 4370 لاجئة قد تم استغلالهن في الجنس التجاري وأعمال العنف في أوروبا.
التجار قد نهبوا الملايين من وراء مآساة اللاجئات السوريات، حيث أصبحت من الحقائق لديهم بأن زواج السورية رخيص، وبإمكانه إخراجها من حياة المخيم إلى حياة الرغد على يد ثري عربي مقابل المال، حتى ولو كانت الفتاة قاصرة،زادت معدلات زواج القاصرات من سوريات بحُجة أن الزواج من سورية لا يُكّلف الشاب مُتطلبات مادية كالتي يطلبها أهل الفتاة التي من نفس جنسيته، وتتولى سيدة من داخل المخيم إتمام عملية التبادل بين الفتاة والثري العربي مقابل نسبة خاصة لها من المبلغ المدفوع.
واحد من بين كل 236 فرد في العالم هو ضحية للإتجار بالبشر، لا يقتصر ضرر الإتجار بالبشر على الضرر الجسدي فقط، فيعاني ضحايا الإتجار بالبشر من الضرر النفسي والأمراض النفسية المؤدية إلى محاولات إنتحارية، بالإضافة إلى الشعور بالخوف والعار وعدم استطاعتهم على ممارسة حياتهم بالشكل الطبيعي الذي كانت عليه من قبل، فبداية من عملية بيعهم سواء باختطافهم أو غصبهم أو بمباركة أهلهم وموافقتهم حتى وقوعهم ضحية ذلك النوع من التجارة إلى أن يتم التخلص منهم واستبدالهم بغيرهم،يمر جميعهم بمراحل من الشعور بالخوف والعار والقلق يؤدي بهم إلى الإضطراب النفسي والإكتئاب والأرق بالإضافة إلى تشوهات جسدية مدى الحياة، البعض منهم يتجه للمخدرات والمشروبات الكحولية كوسيلة لتخفيف الألم ومحاولة نسيانه، والبعض الآخر يتجه إلى محاولات إنتحارية لعدم قدرته على مزاولة حياته بشكل طبيعي.