من حق حركة فتح أن تفتخر بعدد شهدائها الذين ارتقوا في مخيم قلنديا، ومن حقها أن توزع البيانات الثورية التي تحض على المواجهة، بل ومن حق حركة فتح أن تطالب الفصائل الفلسطينية بالسير على خطى حركة فتح والنزول إلى الميدان، وفق ما جاء على لسان الناطق باسم الحركة.
لكن من حق الشعب الفلسطيني على حركة فتح أن يسألها عن دورها وردة فعلها إزاء قيام عناصر قوى الأمن الفلسطيني بالاعتداء على عدد من الصحافيين ومنعهم من الوصول إلى منطقة المواجهات في البالوع، واحتجاز بعضهم ومصادرة وتفتيش كاميراتهم، والذي مثل مساسًا بحق الصحافيين في ممارسة عملهم، وفق ما جاء في بيان نقابة الصحفيين.
فأين هي حركة فتح من اعتداء قوى الأمن الفلسطيني على الشباب الذاهب للمواجهة مع الأعداء على الحواجز الإسرائيلية؟ أين الموقف الثوري الرافض لتصرف عناصر قوى الأمن الوطني، ولاسيما أن الجبهة الشعبية وحزب الشعب والجبهة الديمقراطية بالإضافة إلى حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس وغيرهم، جميعهم أدانوا واستنكروا واحتقروا فعل الأجهزة الأمنية، وأزعم أن التنظيمات المذكورة تمثل الأغلبية، ولها الغلبة في الشارع الذي يتلهف لمعرفة موقف حركة فتح مما يجرى.
لماذا منعت قوى الأمن الوطني الفلسطينية المتظاهرين من الوصول إلى الحاجز الإسرائيلي في “بيت إيل”؟ وهل التصدي للمتظاهرين كان قرارًا فرديًا لضابط الموقع أم هو نهج سياسي كما جاء في بيان الجبهة الشعبية التي أشارت إلى طريقة التعامل المشينة من قبل الأجهزة الأمنية ضد المشاركين في المسيرة، والاعتداء بالضرب ومصادرة الكاميرات، واعتبرت ذلك مؤشرًا خطيرًا يؤكد على توجهات السلطة بما يتنافى مع تطلعات شعبنا بتصعيد الانتفاضة ومواصلة المواجهة.
إن ما يجري على الأرض الفلسطينية من مستجدات ليكذب ادعاء البعض بأن مصلحة الشعب الفلسطيني تقضي بالحيلولة دون الاصطدام والاشتباك مع العدو الإسرائيلي، ولاسيما أن الذي يقرر مصلحة الشعب هو الكل الوطني، وليس تنظيمًا بعينه، أو سلطة.
فماذا تقول حركة فتح التي تستقوي فيها السلطة؟ هل أنتم مع الانتفاضة أو (الهبة الشعبية) كما تسمونها، أم أنتم ضد أي شكل من أشكال المواجهة مع العدو الإسرائيلي؟ وهل جاء تصدي قوى الأمن الفلسطينية للمتظاهرين بمثابة رد الجميل لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي اعتذر عن محاولة قواته اقتحام بيت السيد محمود عباس؟
ألا يشعر تنظيم فتح أن اعتذار نتنياهو يمثل إهانة كبيرة للسيد محمود عباس، إذ كيف تعتذر إسرائيل عن اقتحام بيت الرئيس في الوقت الذي تدنس فيه المسجد الأقصى، وتقتحم فيه المستشفيات والفنادق والمخيمات والمدن والقرى وتقتل وتعتقل وتدمر وتنسف البيوت، دون أن تقدم أي اعتذار للمواطن الفلسطيني، وهل صار الوطن فلسطين لا يعني إلا سلامة الرئيس وأمنه وحرس الرئاسة فقط؟
الشعب الفلسطيني في انتظار موقف ثوري من شباب فتح وأحرارها ورجالها الأفذاذ.