ترجمة حفصة جودة
يمكنك اكتساب أصدقاء حتى في أصعب الظروف، هذا ما حدث معي ومع يونس شكوري عندما تم اقتيادنا إلى سجن الولايات المتحدة في قندهار بأفغانستان عقب أحداث الحادي عشر من سبتمر وبعدها تم نقلنا إلى غوانتانامو معًا في يناير 2002، وبالرغم من الظروف المروعة والتعذيب والإذلال المستمر فقد صرنا أصدقاء.
حدث هذا منذ أربعة عشر عامًا، كان يونس حينها شابًا، عندما تحدث إليّ بالألمانية في قندهار، كنت مندهشا، لكنه أخبرني أنه تعلم بعض الألمانية عندما كان طفلاً في المغرب، أتذكر أن يونس كان رجلاً ودودًا وكان أسلوبه هادئًا ومتميزًا.
في عام 2010 قررت الإدارة الأمريكية أن يونس لا يشكل أي تهديد للولايات المتحدة أو لأي من حلفائها، وأجمعت ست مؤسسات فيدرالية أمريكية على إطلاق سراحه، لكنه منذ ذلك الحين لم يقض يومًا واحدًا في حرية.
منذ أربعة عشر عامًا توقف الزمن لديه، أستطيع بالكاد أن أصدق أن عمره أصبح 47 عامًا، عندما تعرفت إليه في أول مرة كان في أوائل الثلاثينيات، ولمدة 14 عامًا يقبع يونس، هذا الرجل البرئ، في معتقل غوانتانامو.
في السادس عشر من سبتمبر تم إطلاق سراحه أخيرًا من هذا السجن الفوضوي وعندما سمعت بذلك شعرت بالارتياح، سوف يشاركني صديقي الحرية أخيرًا، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو فمنذ وصوله إلى المغرب قامت السلطات المغربية باحتجازه ولم تطلق سراحه حتى الآن.
وقد علمت من محاميي يونس من منظمة ريبريف الدولية لحقوق الإنسان أن الولايات المتحدة أعلنت أنها نجحت في المفاوضات الدبلوماسية مع المغاربة، وأنهم أكدوا أن يونس لم يتم اتهامه بأي جريمة منذ وصوله ولن يتم احتجازه أكثر من 72 ساعة، لكن يبدو أن هذه الضمانات ليس لها أي قيمة إطلاقًا؛ فيونس ما زال خلف القضبان في السجون المغربية منذ 72 يومًا.
مؤخرًا، وعد باراك أوباما بتقديم خطة لإغلاق غوانتانامو للأبد، لقد تم إطلاق سراحي منذ تسع سنوات وأستطيع الآن أن أقضي الوقت مع عائلتي وأعيش حياة هادئة، لكن يونس مازال معتقلاً بعيدًا عن زوجته وأخيه وبلا أي مظهر للحرية، لقد انتقلت زنزانته فقط من غوانتانامو لتصبح في المغرب.
لما يصر المغرب إذن على احتجاز هذا الرجل؟ وما الذي تفعله الولايات المتحدة لتنفيذ اتفاقها مع الرباط بإطلاق سراحه؟
في الأشهر القليلة الماضية تم إرسال العديد من المحتجزين إلى بلادهم، على سبيل المثال، تم إطلاق سراح شاكر عامر وإرساله للمملكة المتحدة حيث تلقى رعاية طبية فورية واستقبالاً حارًا من العديد من الناس من بينهم أعضاء في البرلمان، وأحمد عبد العزيز عاد أيضًا إلى موريتانيا وأعلنت السلطات في اليوم نفسه أنه ليس هناك أي قضايا ضده وأنه أصبح حرًا.
لقد عاد شاكر وأحمد إلى عائلاتهم الآن كما استعدت أنا حريتي، لقد عدت إلى عملي وحياتي في ألمانيا، يحزنني أن أفكر في كل تلك الحالات وأقارنها بالموقف المروع الذي وجد يونس نفسه فيه.
بالنسبة لي لم يكن من السهل أن أكتم هذه المشاهد في غوانتانامو، فالذكريات مازالت تطاردني حيث الوحدة في الزنزانة والحرمان من الطعام والنوم والضرب والوحشية والإذلال اليومي، ما زلت أفكر في هذا الرجل الذي قابلته عندما كنت في هذا المكان.
وبالنسبة لعائلة يونس فهم قلقون جدًا بشأنه، ولا يريدون أكثر من عودته لبيته، لقد حدثني يونس عن عائلته كثيرًا خاصة زوجته “عبلة” وفي سبتمبر الماضي اعتقدت أن يونس سيعود إليها أخيرًا، أما الآن فقد تحطمت كل آمالها.
لا يمكن لأحدهم أن يغير ما حدث ليونس وعائلته في الـ 14عامًا الأخيرة، لكننا نستطيع أن نوفر لهم مستقبلاً أفضل، فأنا الآن أعيش حياة طبيعية في ألمانيا رغم أنني في الحقيقة لن أستطيع أن أنسى كل ما حدث لي، الأمر ذاته مازال ممكنًا بالنسبة ليونس.
يجب على أوباما أن ينفذ وعده لصديقي حتى يتأكد أن يونس يمكنه أن يسير حرًا، إنني أناشد السيد أوباما ألا يفوت هذه اللحظة المهمة، يجب أن يتحدث مع السلطات المغربية لتنفيذ وعدهم، فالوقت ليس متأخرًا أبدًا.
أتمنى لصديقي العزيز يونس الكثير من القوة الجسدية والروحية للقدرة على المثابرة بالرغم من الصعوبات المستمرة، أتمنى أن يحصل أيضًا على فرصة لبداية جديدة.
المصدر: الغارديان