لاتزال الاضطرابات الأمنية في المنطقة العربية تلقي بظلالها على الاقتصاد الأردني، وللسنة الرابعة على التوالي ختم الأردن سنة 2015 بضائقة اقتصادية ويتوقع محللون أن تتعمق أكثر في البلاد العام القادم أيضًا بسبب ارتفاع المديونية والضغوطات على الموازنة العامة وارتفاع البطالة وتباطؤ النمو.
يبلغ الناتج الإجمالي المحلي 33.7 مليار دولار حسب إحصائيات عام 2013 وتستورد ما قيمته 24.3 مليار دولار وتصدر بمقدار 9.1 مليار دولار أي بواقع ميزان تجاري خاسر يبلغ 15.2 مليار دولار، يصدر الأردن الفوسفات والبوتاس والمحاصيل الزراعية كالزيتون والفواكه والخضراوات والحبوب والألبسة ويستورد بتروكيمياويات والمواد النفطية المكررة بمقدار 10.2% من إجمالي الواردات ونفط خام بنسبة 8.82.
يساهم في الناتج المحلي الإجمالي الأردني كل من الزراعة بنسبة 7.4% والصناعة بنسبة 25.6% فيما يرتكز الناتج بشكل كبير على السياحة والتحويلات المالية والتجارة والخدمات بنسبة 72%.
استفاد الأردن من الطفرة النفطية في الخليج العربي واتفاع الحوالات المالية من الجالية الأردنية في الخليج واستثمارها في الأردن ساهم هذا في رفع النمو الاقتصادي بعض الشيء، إلا أن الأردن يحارب معدلات البطالة وتباطؤ النمو والمديونية الكبيرة منذ العام 1987.
في أحدث تقرير للمصرف المركزي الأردني أفاد بأن الاقتصاد الأردني شهد تباطؤ في أدائه خلال النصف الأول من العام الحالي متأثرًا بما يجري في دول الربيع العربي التي كانت ترفده بعائدات السياحة ويصدر منتجاته إليها مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن حيث بلغ النمو 2.2% للنصف الأول من العام الحالي 2015 مقابل 3% لذات الفترة من العام الماضي 2014 فيما بلغ معدل البطالة 13.8% لهذا العام.
إلا أنّ محللين شككوا بنسب النمو الحقيقية وأنها قليلة جدًا قياسًا إلى عدد السكان لأن النسب التي تحتسب حاليًا تقاس على عدد سكان الأردن في آخر تعداد قبل 10 سنوات والذي قدر حينها عشرة ملايين نسمة بينما ارتفع السكان بشكل كبير منذ ذلك الوقت.
أحد أسباب تأزم الاقتصاد الأردني هو التراجع في قطاعي الصناعة والسياحة إذ تراجعت الصادرات إلى العراق بشكل كبير حيث شكلت التجارة بين الأردن والعراق حوالي 35% من إجمالي تجارته الخارجية، كما انخفضت الصادرات إلى الأسواق السورية كالسلع الزراعية التي كانت تصدر بموجب اتفاق موقع بين البلدين.
وتراجعت عائدات السياحة، فسجلت السياحة العلاجية عجزًا واضحًا خلال العام الحالي؛ حيث كان يزور الأردن مابين 50 – 60 ألفًا من ليبيا واليمن، وبعد اندلاع الأحداث في كلا البلدين انخفض العدد هذا العام إلى حدود 5 آلاف شخص فقط.
وحسب رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني عبد الرحيم البقاعي الذي صرح أن التضخم سيشهد ارتفاعًا العام المقبل وخاصة مع ارتفاع الأسعار وتدني القدرات الشرائية للمواطنين نظرًا لثبات الرواتب وفي خطوة للحد من الفقر أكثر في المجتمع أكد البقاعي أن البرلمان سيرفع توصية للحكومة برفع الرواتب التي تقل عن 500 دينار شهريًا.
يبلغ الدين العام الأردني 33.85 مليار دولار تقدر فوائدها السنوية 1.3 مليار دولار وعلى الرغم من معدلات النمو المنخفضة اعتبر محافظ المصرف المركزي الأردني زياد فريز أن الاقتصاد الأردني استطاع أن يتماسك في العام 2015 ويحقق معدلات نمو إيجابية على الرغم من الظروف الخارجية التي تواجه الأردن أقلّها إغلاق الحدود البرية أمام الصادرات الأردنية في سوريا والعراق.
وكان وزير المالية عمر محلس قال في تصريحات سابقة إن تقديرات مشروع قانون موازنة عام 2016 بنيت استنادًا إلى عدد من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية من بينها تأثر النمو الاقتصادي في ضوء التطورات الإقليمية وانعكاس ذلك على الاقتصاد الأردني حيث يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بنسبة 3.7% في عام 2016 و 4.5% لكل من عامي 2017 و2018.
كما أظهر آخر تقرير لحالة الفقر في الأردن لعام 2010 ارتفاع مستويات الفقر إلى 14.4% حيث يبلغ خط الفقر المطلق (الغذائي وغير الغذائي) حوالي 1100 دولار للفرد سنويًا إلا أنّ الخبراء يشككون في صحة هذه الأرقام الحكومية بقولهم إنها أعلى بكثير مما تعلنه الحكومة.
يتفق كثير من المسؤولين في الأردن أن أزمة اللاجئين السوريين وما نجم عنها من تداعيات اقتصادية واجتماعية أدى حكمًا لارتفاع نسبة الفقر في البلاد وخاصة المناطق التي يتواجد فيها اللاجئون بكثافة كالمناطق الشمالية للمملكة.
وبحسب المستشار في وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية والباحث في شؤون الفقر والبطالة فواز رطروط ارجع ارتفاع معدل البطالة أن السوق تشهد منافسة كبيرة على فرص العمل بين الأردنيين واللاجئين السوريين إضافة إلى الضغط الكبير على قطاعات الصحة والمياه والتعليم والنقل وغيرها، كما أن التغيرات المناخية أثرت هي الأخرى في معدلات الفقر حيث شهد الاردن تقلبات مناخية من ارتفاعات غير مسبوقة على درجات الحرارة وعواصف ثلجية ضربت المحاصيل الزراعية ما زاد من معاناة المزارعين ووضعهم في دائرة الفقر وارتفاع الأسعار.
يقدم الأردن معونات نقدية شهريًا للفقراء حيث ارتفع عدد المستفيدين من صندوق المعونة الوطنية الذي يقدم مخصصات شهرية للفقراء إلى حوالي 90 ألف حالة قوامها 350 ألف فرد بتكلفة سنوية تبلغ حوالي 130 مليون دولار بعد أزمة اللجوء السورية.
كما أن هناك 4600 جمعية خيرية تقوم على تقديم المعونات للفقراء بالإضافة لخطط التشغيل والتدريب ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المولّدة لفرص العمل.
الجدير بالذكر أن انخفاض أسعار النفط العالمية والمواد الخام لم ينعكس على أسعار السلع المباعة للمواطنين في الأسواق المحلية الأردنية، كما أن 85% من الكهرباء تُنتج باستخدام الغاز الطبيعي وهو ما خفض تكلفتها كثيرًا، لكن هذه المعطيات لم يستفد منها المواطن الأردني بانخفاض في أسعار السلع والمواد الأساسية.
تعاني الأردن منذ عام 2011 من سنوات عجاف اقتصادي ومن المتوقع أن يستمر للعام المقبل، فهل يشهد الاقتصاد الأردني بعد هذه السنوات العجاف سنوات سِمان!، يتسارع فيها النمو لتُخلق الوظائف وينخفض معدل البطالة وتتقلص معدلات الفقر في البلاد وينعم الأردن بالإزدهار والغِنى.