شهادة نشرها ناشط بالحملة الانتخابية للرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي عن كواليس تشكيل قوائم الانتخابات البرلمانية التي نتج عنها البرلمان المصري الحالي، هذا الناشط متقلب المواقف هو حازم عبدالعظيم الذي يتقلب بين أدارج السياسة والثورة طوال الخمس سنوات الماضية.
عبدالعظيم الذي تم ترشيحه لمنصب وزير الاتصالات وتكونولوجيا المعلومات عقب ثورة يناير مباشرة استعبد من هذا المنصب بعد تردد عضويته في شركة متعاملة مع الكيان الإسرائيلي، وهو ما حاول نفيه عبدالعظيم بالعديد من التبريرات.
عُرف حازم عبدالعظيم كناشط معارض للحكم العسكري في الأحداث التي أعقبت ثورة يناير، ثم معارضًا لحكم جماعة الإخوان المسلمين بشدة لدرجة وصلت إلى اتهامه بالتحريض على العنف ضدهم، وفي تحول دراماتيكي في مواقفه ظهر عقب انقلاب الثالث من يوليو بلون مساند لإجراءات الجيش والحكم العسكري ضد خصومه من الإسلاميين.
هذا الأمر الذي أهله لتقلد منصب داخل الحملة الرئاسية لوزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، بعدما أعلن توبته من معارضة الحكم العسكري في مواقفه السابقة وتأييده على طوال الخط بعد ذلك، لم تتوقف مواقف حازم عبدالعظيم عن التغير والتبدل عند هذا الحد، بل بدأ في كتابة مراجعات لموقفه هذا.
حيث بدأ في نشر مراجعات لمواقفه مرة أخرى من نظام السيسي في شكل 70 تغريدة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، والتي أثارت بدورها ضجة في الأوساط المؤيدة لنظام السيسي، والتي قال فيها إنه كشف نحو 80% فحسب مما يعلم وأبقى 20% لوقت لاحق، مما عرضه لاتهامات عدة بالتلون والانتهازية السياسية.
استمر حازم عبدالعظيم في إثارة الضجيج بمواقفه المتقلبة المتناقضة دومًا خاصة بنشره مقالًا أخيرًا مطولًا حوى شهادته عن حجم تدخل الأجهزة السيادية المصرية وبالتحديد المخابرات المصرية في إدارة الشأن السياسي العام في مصر، بهدف تدعيم نفوذ الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.
هذه الشهادة أتت تحت عنوان “شهادة في حق برلمان الرئيس” تحدث عبدالعظيم فيها بوضوح عن صناعة هذا البرلمان الأخير الذي جرت انتخاباته في أواخر العام الماضي في أروقة المخابرات العامة المصرية.
تحدث عبدالعظيم في بداية شهادته عن اجتماع داخل جهاز المخابرات العامة المصرية تمت دعوته إليه ترأسه وكيل من الجهاز مع أربعة من رجال المخابرات، وعلى الطرف الآخر مستشار قانوني مقرب من الرئيس، والده عضو مجلس النواب من المعينين – أحد المساعدين في مكتب الرئيس برئاسة الجمهورية وهو صاحب الدعوة لي بالحضور – في إشارة إلى المستشار بهاء الدين أبو شقة وابنه، والباقون حوالي 15 من الشخصيات العامة، وذلك لتأسيس قائمة تتبع الرئيس في مجلس النواب.
كعادته حاول عبدالعظيم إظهار بطولة مدعاة بأنه رفض تولي رئاسة لجنة الشباب في مجلس النواب كعضو معين، وطالب أن يكون ذلك للنواب المنتخبين، لكنه لم ينف تلبيته للدعوة التي من المفترض أن تُنسق العمود الفقري لبناء تكتل داخل مجلس النواب داعم للسيسي، بحسب قوله.
اعترف حازم عبدالعظيم في شهادته أنه كان يروج لهذه القائمة المدعومة من الدولة قبيل قرار تأجيل الانتخابات بسبب عدم دستورية قانونها، مؤكدًا أنه نفى لوسائل الإعلام أن تكون هذه القائمة مدعومة من الدولة، بما يعني موافقته المبدأية على هذا الأمر، ولكنه عاد وروى عملية انسحابه من القائمة تحت دعوى الحفظ على مبادئه.
شن عبدالعظيم بعدها هجومًا استباقيًا على الإعلام الموالي للنظام لعلمه جيدًا أنه سيتلقف هذه الشهادة بالهجوم الحاد، وقد اعترف في هذه الشهادة بأثر هذا الهجوم في قضية علاقته بشركات إسرائيلية التي ظهرت بفجاجة في الإعلام حينها.
وقد خلص عبد العظيم إلى أن انتخابات البرلمان الماضية لم تكن محايدة بسبب تدخل الرئيس بأجهزته في الانتخابات مما يُعد تصرفًا غير محايد وينسف مبدأ تكافؤ الفرص والمنافسة الشريفة ومخالفة الدستور بحسب شهادته، لكن لم يرو الرجل كيف كانت ستكون هذه الانتخابات إذا ما استمرت على هذه الصورة، ولم ينسحب منها بحسب روايته في مقاله.
هذه الشهادة التي توضح جانب غير خفي على الكثيرين عن كيفية إدارة المجال العام في مصر تلقفها متابعو مواقع التواصل الاجتماعي بالنشر والتعليق، ربما يرجع ذلك إلى سرد عبدالعظيم لوقائع بالتفاصيل لم تكن معلومة، لكن كثيرين كانوا يرددون نتائج هذه التفاصيل قبيل أن يُعلن لهم حازم عبدالعظيم هذا الأمر، وربما كان قبل ذلك يُهاجمهم إذا ما تحدثوا معه عن هذه التفاصيل.
هذا البرلمان الذي طبع بخاتم “صنع في المخابرات المصرية” بحسب شهادة عبدالعظيم، هو أحد منتجات انقلاب الثالث من يوليو، الذي يؤكد حازم عبدالعظيم نفسه أنه ليس انقلابًا ولكن ثورة شعبية بحسب تعبيره، دون أن يُعلن للرأي العام المصري ما هو مصير الاستحقاقات التي تلت هذه الأحداث من صناعة للدستور وانتخابات رئاسية شارك فيهما عبدالعظيم وزاد عنهما بكل قوة.
فما المانع أن تكون هذه الأجهزة السيادية نفسها هي التي قامت بإدارة هذا المشهد كله كما روى حازم عبدالعظيم فيما يخص البرلمان، ليطرح التساؤل لماذا خرج عبدالعظيم بهذه الشهادة في هذا التوقيت رغم أن ممارسات النظام لم تتغير منذ ولادته؟