ترجمة وتحرير نون بوست
عام ذوبان العالم
الكاتب: توماس ريكس
أتنبأ بأن تكون ظاهرة الاحتباس الحراري أهم حدث في عام 2016، حيث سيشهد هذا العام سلسلة من الأحداث المناخية الشاذة والغريبة، كالعواصف الكبيرة التي ستضرب أماكنًا غير معتادة، الفيضانات التي ستضرب مدنًا لم تعانِ تاريخًا من ظاهرة غمر المياه، والتحولات التي ستحدث في تيارات المحيط وهلم جرا، والنتيجة الأهم التي ستنجم عن كل ذلك ستتمثل بتحييد جميع الشكوك التي لا تزال تساور ظاهرة الاحتباس الحراري.
باختصار، أنصحكم بأن تحجموا عن الاستثمارات الكبيرة خاصة مع البنوك في العام القادم.
عام الوقت المستقطع
الكاتب: ستيفان والت
يصعب للغاية أن يتنبأ المرء بأهم حدث لعام 2016 ، لأن الأحداث المفاجئة الحية حتمية الوقوع، كالهجمات الإرهابية، ستستقطب أغلب الاهتمام، في حين غالبًا ما يتم إهمال التطورات الخفية رغم أنها أشد أهمية.
أهم حدث في عام 2016 هو بقاء الحال كما هو عليه ودون تغيير، حيث سيستمر الاقتصاد الأمريكي بتحقيق انتعاش متواضع، سيجابه الاتحاد الأوروبي صراعًا مع مجموعة من التحديات المستعصية، تنظيم الدولة الإسلامية سيستمر بنشاطه وسيبقى كمشكلة قائمة، قوة روسيا ستضعف، نفوذ الصين سيستمر بالتنامي جنبًا إلى جنب مع ارتفاع مستويات البحار في العالم، الاتفاق النووي مع إيران سيبقى ساري المفعول ولكن بدون تحقيق أي تحسن ملحوظ في العلاقات بين طهران وواشنطن، فنزويلا والبرازيل وجنوب أفريقيا وتركيا والأرجنتين سيواصلون مسيرتهم المخيبة للآمال، أما الصين، بريطانيا، روسيا، والولايات المتحدة فسوف يهيمنون على دورة الألعاب الأولمبية المقبلة، ولن يتم إحراز أي تقدم في مسألة بناء دولتين في الأراضي الفلسطينية – الإسرائيلية، كما لن يتم التوصل لأي اتفاق سلام دائم في سورية وليبيا وأفغانستان واليمن وأوكرانيا، فضلًا عن أن الهجمات الإرهابية ستقتل المزيد من الأبرياء ولكن زخمها سيتقلص بشكل ملحوظ، وعلى الرغم من توقيع اتفاق باريس، ستستمر درجات الحرارة في الغلاف الجوي بالارتفاع، محرزة آثارًا مزعجة على المدى الطويل.
باختصار، أجندة العالم في العام الجديد لن تبدو مختلفة للغاية عمّا شهدناه في العام المنصرم، ولكن الحدث الأهم الذي يلوح في الأفق، سيتمثل بانتخاب رئيس جديد لأقوى دولة في العالم؛ وعلى الرغم من أن سجل السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي باراك أوباما هو أبعد ما يكون عن الكمال، إلا أن جميع المرشحين الذين يتنافسون ليحلوا مكانه سيقدمون على الأرجح نتائج أسوأ للغاية، نصيحتي للعام الجديد: استمتع بوقتك طالما يمكنك ذلك.
عام الانقسام الأمريكي
الكاتب: بروس ستوكس
أكبر حدث سيشهده عام 2016 سيتمثل بالانقسام الحزبي العميق في نظرة الشعب الأمريكي للدور الذي يتوجب على الولايات المتحدة أن تلعبه في العالم، والطريقة التي سيؤثر بها هذا الانقسام على فحوى النقاش في حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية.
ثلث الشعب الأمريكي تقريبًا، حوالي 29% من الأمريكيين، يرون بأن الإرهاب أو الأمن القومي أو تنظيم الدولة الإسلامية هم أهم مشكلة تواجه البلاد اليوم، وذلك وفقًا لاستطلاع حديث لمركز بيو للأبحاث، علمًا أنه ومنذ سنة واحدة، وعندما سُئل الشعب ذات السؤال، 4% فقط من الجمهور الأمريكي أشاروا إلى هذه القضايا الدولية باعتبارها أكبر مشكلة تواجه أمريكا، ومن هذا المنطلق، لا بد من الإشارة إلى وجود اختلافات حزبية واسعة حول هذه التحديات؛ فحوالي 83% من الجمهوريين قلقون للغاية إزاء تصاعد التطرف الإسلامي في جميع أنحاء العالم، ولكن 53% فقط من الديمقراطيين يوافقون على ذلك.
هذه التصورات المختلفة ستصوغ وجهات النظر العامة حول ما يجب على الرئيس القادم أن يقوم به بمجرد تسلمه لمنصبه؛ فمثلًا ثلثي الجمهوريين، 66% يؤيدون إرسال قوات برية أمريكية إلى العراق وسورية، وبالمقابل 64% من الديمقراطيين يعارضون هذا الأمر.
بغض النظر عمّن سيتسلم زمام أمريكا في الفترة القادمة، فمن المؤكد بأنه سيواجه انقسامات في الرأي العام، لا يمكن سبر أغوارها أو تجاوزها، حول الكيفية التي يجب على واشنطن أن تتعامل من خلالها مع التحديات العالمية، وهذه الاختلافات الحزبية قد تصوغ وتؤثر على مواقف الإدارة الأمريكي القادمة تجاه العالم بشكل أكبر من أي حدث منفصل.
عام الانخراط الدبلوماسي مع كوريا الشمالية
الكاتب: جيفري لويس
لا نفع من التنبؤ بأكبر حدث في عام 2016 إلا إذا كنا على استعداد لأن نكون مخطئين للغاية في توقعاتنا، فالواقع يقول بألا أحد سيتذكر تنبؤاتنا ما لم نتوقع شيئًا مستبعدًا للغاية، وهذا ما يغريني للتنبؤ بأن 2016 سيكون في نهاية المطاف عامًا للخيبة الأمريكية، ولكن على اعتبار أن هذا التوقع سوداوي للغاية، سأجمع شتات روح عيد الميلاد المتبقية منذ 25 من الشهر المنصرم، لأتنبأ بحملة انخراط دبلوماسي مفاجئ مع كوريا الشمالية.
ربما ستتخذ الأمور منعطفًا نحو الأسوأ في فصل الربيع، فكل رئيس حكم لولايتين في أمريكا يصيبه الجشع ليدخل في نهاية حقبته إلى سجلات التاريخ؛ فمثلًا بيل كلينتون، افتتح محادثات سلام بشكل متزامن في عام 2000 مع كوريا الشمالية، إيرلندا الشمالية، وإسرائيل/ فلسطين، ومن هذا المنطلق أتوقع بأن باراك أوباما أيضًا، سوف يميل بطريقته، الأكثر تواضعًا من كلينتون، لإطلاق مفاجأة، ستكون غير ناجحة على الأرجح في نهاية المطاف، لينخرط في عملية دبلوماسية في وقت متأخر من ولايته بغية القضاء على الأسلحة النووية لكوريا الشمالية.
عام داء الإنفلونزا الفتاك
الكاتب: لوري غاريت
أعتقد بأن 2016 قد يكون عام وصول أحد المشاكل العديدة المثيرة للقلق التي نشهدها في كوكبنا إلى نقطة تحول حاسمة، مما سيقتضي معه وبشكل ملح، البحث عن حلول واكتشافات جديدة لمواجهة هذه الطوارئ، ومن الأمثلة على ذلك:
– مقاومة المضادات الحيوية: الآن بعد ظهور جينين استطاعا بشكل فعّال مقاومة جميع ما نملكه من العقاقير المضادة للبكتيريا، هل سنشهد انتشار هذه الجينات في عام 2016 على الصعيد العالمي؟
– مستويات البحار: بالنظر إلى كون عام 2015 هو أدفأ عام على الإطلاق الذي شهد ارتفاع معدل ذوبان الثلوج في غرينلاند، هل سيكون 2016 عام غمر الجزر الهامة والشواطئ نتيجة لارتفاع منسوب المياه؟
– داء الإنفلونزا الفتاك: تنتشر اليوم سلالات غريبة من الإنفلونزا ما بين الطيور والخنازير والبشر، فهل سيشهد عام 2016 انتشار سلالة خارقة وفتاكة من الإنفلونزا؟
– النينيو: القرن الأفريقي يشهد اليوم أسوأ موجة جفاف عانى منها منذ عقود بسبب تغير نسبة الأمطار العالمية، ويتوقع خبراء المناخ أن يشهد عام 2016 عواصفًا شديدة وجفافًا وموجات من الحر غير المسبوق بفضل ارتفاع حرارة شرق المحيط الهادئ، فهل سيكون النينيو في عام 2016 بمثابة نقطة تحول لزعزعة استقرار المناطق التي تعاني مسبقًا من هشاشة مستديمة؟
عام أفول القيم الأوروبية
الكاتب: جيمس تاروب
عندما صرّح رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، في خطاب له في عام 2014 بأن “الديمقراطية غير الليبرالية” ستكون الموجة التي ستجتاح المستقبل، تم اعتباره مجنون يميني التوجه، ولكن اليوم يبدو بأنه قد كان على حق، فمع ترنح أوروبا والولايات المتحدة أمام الظواهر المرتبطة بالإرهاب الإسلامي والهروب الجماعي للاجئين، قد يضحي عام 2016 العام الذي يشهد أفول القيم الجوهرية الغربية.
اليوم، يتمسك عدد قليل من البلدان، كألمانيا، السويد، كندا، بالاعتقاد القائل بأن الغرب هو مجتمع من القيم، وهذا ينعكس بالطبع على التزام هذه الدول بقبول اللاجئين كجزء لا يتجزأ من التزامها بالوثائق الغربية الأساسية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بينما على الطرف الآخر، ترى بلدان، كالمجر بولندا وغيرهما من الدول التي أغلقت حدودها أمام اللاجئين، بأن الغرب يتمتع بثقافة مشتركة، وهذه الثقافة تتجسد بثقافة الديمقراطية وثقافية البيض والمسيحيين، ولكنها تتجاهل ثقافة الليبرالية، خاصة تجاه غير البيض وغير المسيحيين.
ولكن من هو الجانب الذي سيفوز بهذه المعركة الهائلة؟ تُظهر الانتخابات في بولندا، فرنسا، النمسا، وفي أماكن أخرى، تصاعد شعبية الأحزاب اليمينية الأصيلة بمواجهة الأحزاب الرئيسية لليسار أو لليمين؛ حيث أصبح حزب القوميين الديمقراطيين في السويد الأكثر شعبية في البلاد الأكثر ليبرالية في أوروبا، وفي الولايات المتحدة، يتنافس المرشحون الجمهوريون للرئاسة لإظهار حماسهم للدفاع عن “الوطن” ضد الإرهابيين والأرامل والأيتام السوريين، ومن الأرجح، بأن حصول مزيد من الهجمات الإرهابية، كتلك الهجمة التي شهدتها باريس في أواخر العام المنصرم، ستقلب الموازين بشكل حاسم تجاه معاداة الليبرالية.
عام الهجمات الإرهابية
الكاتب: آرون ديفيد ميلر
في عام 2016 سيتربع عامل واحد فقط على عرش قائمة العوامل التي تربط السياسة الخارجية الأمريكية بالسياسة الداخلية والانتخابات، وهو الإرهاب الجهادي.
في الربع الأخير من عام 2015 سيطر الإرهاب ودونالد ترامب على أحداث العام، وفي عام 2016، من المحتمل أن يستمر الإرهاب بسطوته، رغم أنني لست متأكد تمامًا من استمرار سطوة ترامب.
لا توجد قضية أخرى تحمل القوة، الصدى، اهتمام وسائل الإعلام، أو القدرة على تدمير أو رفع آمال الطامحين بالرئاسة، أكثر من قضية الإرهاب، حيث ستهيمن هذه القضية على عام 2016، وذلك بسبب الاحتمالات القوية، بل المرجح، لحدوث هجمات أخرى مستوحاة أو منفذة من قِبل تنظيم الدولة الإسلامية، كما أن النجاح الذي حققته مؤخرًا القوات العراقية والأمريكية في الرمادي قد يزيد في الواقع من احتمالات تصعيد الإرهاب، حيث سيسعى الجهاديون للرد على ذلك الانتصار بهجمات إرهابية مروعة.
يمكن أن تتكشف القصص المأساوية في عام 2016 بإحدى هذه الطرق الثلاث:
1) سلسلة من الهجمات المشابهة لهجوم سان برناردينو تنفذه شبكة من الجهاديين المولودين في أمريكا.
2) هجوم مدبر أو منسق من قِبل تنظيم الدولة الإسلامية يحاول تقليد أو منافسة هجوم باريس في تنسيقه ودقته.
3) إسقاط طائرة تجارية للولايات المتحدة من قِبل داعش أو إحدى الأذرع التابعة لتنظيم القاعدة.
عام نسيان اللاجئين
الكاتب: لورين ولفي
في 18 ديسمبر، توقعت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بأن عدد النازحين قسريًا في العالم في عام 2015 سيحطم جميع الأرقام القياسية السابقة، مع وصول عدد الأشخاص الذين سيجبرون على الفرار من منازلهم لأكثر من 60 مليون شخص، وكما تقول المفوضية، هذا العدد يشكل 1 من كل 122 شخصًا على وجه الكرة الأرضية.
الظهور المكثف للأصوات المعارضة ضمن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ليس سوى جزء صغير من القصة ككل، حيث تشير الإحصائيات بأن 40 مليونًا من هؤلاء الأشخاص مشردين داخل بلدانهم، ومن ضمن هذا العدد يوجد حوالي 8 مليون داخل سورية وحدها وفقًا لإحصائيات تمت في يوليو، وبغض النظر عمّا يقوله الساسة الأمريكيون حول خطورة اللاجئين السوريين من الذكور، فإن الواقع يقول بأن أكثر من نصف هؤلاء النازحين هم من النساء، وثلثهم تحت سن الـ17 عامًا.
مع عدم وجود أي مؤشر على تباطؤ تيار هجرة المهجرين من الحرب السورية أو من البلدان الأخرى التي تعاني من الصراعات، كأفغانستان والصومال والعراق، أتوقع بأن 2016 سوف يصبح، مرة أخرى، عام معاناة الملايين من الأسر والمحتاجين في العالم بدون أي ذنب اقترفوه، وذلك في ظل عدم تخصيص أموال لتغذية وإيواء وتعليم الفارين من الحرب بشكل صحيح، ومن وجهة نظري، فإن أزمة اللاجئين العالمية ستصبح، مرة أخرى، القصة التي لا يمكننا تجاهلها، ولكننا مع ذلك نتجاهلها بطريقة أو بأخرى.
عام تقييد الحقوق المدنية في أوروبا
الكاتب: ليلا جاسينتو
أعلنت فرنسا بأنها ستطبق في عام 2016 قانون حالة الطوارئ الذي ترجع جذوره لحقبة الخمسينيات الدموية التي شهدت حرب الاستقلال الجزائرية، حيث تم إقرار تدابير الطوارئ بعد أن وافقت عليها الجمعية الوطنية إبان هجمات 13 نوفمبر في باريس، ومن المقرر أن تنتهي حالة الطوارئ في البلاد في 26 فبراير، ولكن مع ذلك، دعمت الحكومة الفرنسية خطة لتكريس حالة الطوارئ في الدستور، تتضمن إجراءات مثيرة للجدل تقضي بتجريد مزدوجي الجنسية الذين أدينوا بالإرهاب من جنسيتهم الفرنسية.
الصراع المعروف ما بين زيادة التدابير الأمنية المتلازم مع انخفاض الحقوق المدنية الذي يسيطر على فرنسا، والكثير من دول أوروبا الغربية، وذلك بالتزامن مع معاناة القارة العجوز من تهديدات التطرف الداخلي، أزمة المهاجرين، والجاذبية المتزايدة لأحزاب اليمين المتطرف، ستكون بالمجمل القصص الأهم والأقل تداولًا لهذا العام.
تصاعد التهديدات الأمنية سيعمل دائمًا على تراجع كفة الحريات في عناوين الصحف والمخيلة العامة، ولكن مع اعتقال المئات من المواطنين في أوروبا دون مذكرات في مداهمات خارج نطاق القضاء بتهم ارتباطهم بهجمات باريس، ومع تناقص مساحة حرية غرف الأخبار للتساؤل حول شرعية إجراءات الحكومة، ستشعر الأقليات المسلمة المضطهدة أساسًا ضمن القارة الأوروبية، والتي ستؤثر عليها هذه التدابير أكثر من غيرها، بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية على نحو متزايد، وهذا لن يساعد على تحقيق الأمن في القارة الأوروبية على المدى الطويل مع اصطفافها بالخطوط الأمامية للقتال الدولي ضد التطرف العنيف.
بالتزامن مع التوصل لخارطة الطريق السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة للسلام في سورية، والتي من المقرر أن يتم تطبيقها في هذا العام، تبدو الخطة على نحو متزايد وكأنها صفقة تم التوصل إليها من قِبل الرئيس السوري بشار الأسد وأصدقائه، روسيا وإيران؛ لذا هناك خوف حقيقي من ارتفاع مظالم السنة المتمحورة حول تهميشهم في كافة أرجاء العالم.
إذن، بعد أن نشهد تراكم القضايا أمام المحاكم الفرنسية حول التجاوزات التي سيتم ارتكابها في خضم حملة الإجراءات الأمنية المشددة، لا يمكن لنا، ولا يتوجب علينا، أن نتجاهل موضوع مصادرة وتقييد الحريات العامة في أوروبا، الذي سيسيطر على مشهد عام 2016.
عام انهيار البيت الأوروبي
الكاتب: جيمس ستافريديس
أهم الأخبار التي سنشهدها في عام 2016 ستكون:
1) الحرب ضد الدولة الإسلامية.
2) التوتر العميق في جنوب وشرق بحر الصين.
3) العرقلة الروسية في أوكرانيا وما بعدها.
ولكن القصة الأكبر التي ستسيطر على عام 2016 ستتمثل ببداية نهاية المشروع الأوروبي.
فكرة الستة عقود من توحيد أوروبا الآمنة، الديمقراطية، الخالية من الحدود، والتي تعد شريكًا عالميًا نشطًا للولايات المتحدة، تخضع اليوم لتحديات كبيرة؛ ففي الوقت الذي تتمتع فيه أوروبا بالعديد من المزايا، كالثروة، القيم، الثقافة، والتعليم، تجد القارة العجوز نفسها فريسة للتحديات الكبيرة التي تقف في وجه تحقيق الرؤية الأوروبية العظيمة، وذلك على الرغم من شجاعة وتألق المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة سيستمر، بريطانيا ستبحث جاهدة عن طريقة للخروج من الاتحاد الأوروبي، الضرر اليوناني الذي انعكس على الاتحاد الأوروبي، اقتصاديًا ونفسيًا على حد سواء سيستمر، عدد اللاجئين السوريين سيتضاعف، روسيا ستواصل بذل كل ما في وسعها لتقويض الجسر العابر للأطلسي، منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) لن تظهر إرادة كافية للتأثير على مجرى الأحداث، والركود المستمر سيجثم على صدر أوروبا كسعال لا يمكنها الشفاء منه، وعلاوة على جميع ذلك، ستلوح أزمة أخرى في الأفق تتمثل بالتدهور المستمر للتركيبة السكانية الأوربية، مما سيستنزف حيوية وطاقة المجتمع، وسيؤكد حتمًا على عدم قدرة أوروبا على إدماج المهاجرين بنجاح، جميع ذلك سيحدث في السنة الأخيرة من إدارة أوباما، الذي ينفد أمامه الوقت للتدخل بحزم للمساعدة.
آثار انهيار البيت الأوروبي على الولايات المتحدة ستكون كبيرة ومؤسفة؛ فأوروبا، على الرغم من كل المآخذ التي نحملها تجاهها، تمثل أفضل تجمع عالمي للشركاء يمكن أن نجده، والنقاش حول انهيار البيت الأوروبي سيطّرد خلال العام المقبل مع ترشح مستشارين لحكم ألمانيا يحملان ربما وجهات نظر متباينة حول الاتحاد الأوروبي.
قبل أكثر من قرن من الزمان قال بسمارك بازدراء: “من يتحدث عن أوروبا مخطئ: إنها ليست سوى تعبير جغرافي”، وفي الآونة الأخيرة قالت ميركل: “لا يمكن لأوروبا أن تنجح إلا إذا عملنا سويًا”، المستشارة ميركل، كالعادة، كانت على صواب، ولكن التحديات التي تقبع أمامها هائلة للغاية.
عام الفرصة الأخيرة لأوباما
الكاتب: روزا بروكس
2016 سيكون عام الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخير في منصبه، وينبغي لنا أن نتوقع أن نراه يركز على تأسيس إرثه الخاص؛ فمحليًا، ينبغي لنا أن نتساءل هل يمكن له أن يحافظ على الأحكام الأساسية لقانون الرعاية بأسعار معقولة في مواجهة التحديات القانونية، مشاكل التنفيذ، والصحافة السيئة؟ وهل يمكن أن يترك لخلفه اقتصادًا قادرًا على دعم الطبقات السفلى من المجتمع بذات قدر دعمه للطبقات العليا؟ وهل يمكنه استعادة الثقة الأمريكية بأن شعار ” e pluribus unum”، أي من شعوب متعددة أصبحنا واحدًا، هو أكثر من مجرد شعار موضوع على العملة في الوقت الذي تدق فيه العلاقات العرقية وأزمات الهجرة أسافينها بين المجتمعات؟
أما على الصعيد الدولي، فيجب على أوباما اتخاذ قرار فيما إذا سيترك لخليفته العديد من الصراعات غير المنتهية، وهل سيستسلم أخيرًا للضغوط السياسية لصقور الحرب الذين يسعون لتحقيق نصر عسكري حاسم ضد الدولة الإسلامية، حتى لو كان ذلك يعني تكثيف الجهود العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل كبير، أم أنه سيقرر بأن ترك صراعات غير منتهية هي فكرة أفضل من المخاطرة بحرب برية أخرى؟ وهل سيقرر أوباما أن يترك إرث غوانتانامو لخليفته ليتعامل مع السوابق القانونية والسياسية التي تتبنى نهج الاحتجاز إلى أجل غير مسمى لأسباب مبهمة تتعلق بخطورة المشتبه بهم، وهو ذات المبدأ الذي يسمح للولايات المتحدة بقتل الإرهابيين المشتبه بهم في أي بلد على وجه الأرض بطريقة سرية ودون ضوابط أو توازنات خارجية؟
عندما تولى أوباما منصبه في عام 2009، كان يحمل تفويضًا، ويتمتع بفرصة سانحة لتصحيح التجاوزات والأخطاء القاتلة التي وقعت بها إدارة بوش، ولكنه لم يغتنم هذه الفرصة، ويخاطر حاليًا بدخوله إلى أسطر التاريخ من باب الرئيس الذي لم يرتقِ للوفاء بوعوده، ومع بقاء سنة واحدة فقط أمامه، يجب على العالم أن يهتم ويركز على تنفيذ أوباما لوعوده قبل فوات الأوان.
عام هزات أزمة اللاجئين
الكاتب: جوردون آدمز
سيُغمر العالم بالمزيد من اللاجئين في عام 2016، وستصل نسبة الأشخاص الذي اضطروا قسريًا إلى ترك منازلهم إلى نسبة تاريخية وغير مسبوقة تصل إلى 60 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وموجات التدفق الهائل ستقوض النظم السياسية والاقتصادية لعدد كبير من البلدان.
في الولايات المتحدة، سيلعب الخوف من الإرهابيين من بين اللاجئين دورًا هامًا وحاسمًا في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، خصوصًا إذا ظفر دونالد ترامب أو تيد كروز بترشيح حزبهما، وفي ألمانيا، النمسا، فرنسا، المجر، بولندا، ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى، قضية اللاجئين ستسيطر على محور المناقشات السياسية، بالتلازم مع صعود السياسيين اليمينيين، وانهيار جزئي للاتحاد الأوروبي ذاته، حيث ستغلق الحدود جرّاء تنامي عدم الثقة والخوف، كما أن تدفق اللاجئين سيعكر سياسة تركيا ولبنان والأردن.
ستستغل تركيا عدم الاستقرار الناشب قرب حدودها لنشر قوات من شأنها أن تقمع بعنف أقليتها الكردية الداخلية، أما روسيا القلقة من مخاوف تدفق الإرهابيين ضمن صفوف اللاجئين، فضلًا عن عودة المتطرفين المدربين تدريبًا جيدًا إلى حدودها، فستعجل من تقاربها مع الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط، بغية إنهاء الحرب الأهلية السورية وهزيمة الدولة الإسلامية.
ستدرك الدول الصناعية ما أدركته ألمانيا مسبقًا، وهو أن اللاجئين هم عنصر أساسي يساعد على عكس اتجاه الأثر الاقتصادي السيء لشيخوخة السكان، وستبدأ حينئذ باستقبال اللاجئين باعتباهم قوة عمل قادرة على إنعاش النمو الاقتصادي.
عين على آل سعود
الكاتب: تيم غاتاس
سيشهد عام 2016 استمرار اتجاه جيوسياسي يؤثر على منطقة الشرق الأوسط وما بعدها يتمثل بالتنافس الإيراني – السعودي المستمر، والديناميات التي يفرضها هذا الصراع على الشؤون الداخلية في كلا البلدين.
في فبراير، سيدلي الناخبون الإيرانيون بأصواتهم لاختيار برلمان جديد ولاختيار مجلس خبراء قيادة جديد، وهي الهيئة الوحيدة القادرة على اختيار أو عزل المرشد الأعلى، وضمن هذا السياق، سيشتد الصراع على النفوذ بين المتشددين والمعتدلين ضمن إيران، وعلى الرغم من أن الانتخابات البرلمانية لن تغيّر من النظام الإيراني بشكل عام، إلا أن النتيجة ستصوغ لهجة تعامل طهران مع العالم الخارجي.
في الرياض، يستمر نائب ولي العهد، ونجل الملك السعودي، محمد بن سلمان، بتوطيد السلطة بين يديه، ويعمل جاهدًا لإجراء إصلاحات كبيرة في الجيش، ورغم التكهنات العديدة بسقوط سلطة آل سعود، إلا أن هذا العام لن يشهدها على الأرجح، بل يمكن أن نرى تصعيدًا محتملًا وخطرًا للتنافس بين محمد بن سلمان، وولي العهد، محمد بن نايف.
جميع هذه التطورات الداخلية تصب في الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية وإيران ليكون لهما اليد الطولى في المنطقة؛ فبعد صفقة إيران، ترى الرياض بأن ميزان القوى في المنطقة يتحول بعيدًا عن كفتها، وبالتزامن مع ذلك، كلما اقتربنا من حل محتمل في سورية، من المرجح أن تتزايد حدة القتال، حيث ستغذي الرياض وطهران نيران المعركة، وهذا هو الاتجاه الذي سنشهده غالبًا على مدار السنة.
لن يسفر النزاع السعودي – الإيراني عن منتصر أو مهزوم إقليميًا، رغم أن الصراع الداخلي على السلطة قد يسفر عن وقوع الضحايا، وخلال الأشهر الستة الأولى ستتحدد لهجة الخطاب الإيراني مع إسدال الستار على الانتخابات الإيرانية في فبراير، كما أن هذه الفترة ستشهد تصعيدًا هائلًا للعنف في سورية، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع حاد في عدد اللاجئين المتوجهين إلى أوروبا في فصل الربيع.
معضلة النفط الصخري
الكاتب: إيميل سيمبسون
هل ستفنى صناعىة النفط الصخري أم ستدخل في سبات عميق في عام 2016؟ الإجابة على هذا السؤال تستبطن الريادة الجيوسياسية لعام 2016؛ فإذا ظلت أسعار النفط منخفضة على المدى الطويل، فهناك احتمالين أساسيين سينجمان عن ذلك، فأولًا ستشهد الدول النفطية العنف والقمع في خضم مواجهتها للفوضى المالية والاضطرابات الشعبية، وثانيًا ستؤدي صدمة أسعار النفط المحتملة عن إعادة تشكيل نسخة من أوبك تظهر بدافع الضرورة.
استطاع المنتجون الأكثر كفاءة للنفط الصخري في الولايات المتحدة النجاة بأعمالهم بشق الأنفس خلال انخفاض أسعار النفط هذا العام ليصلوا إلى سعر التعادل الذي يبلغ أقل من 40 دولارًا للبرميل، ولكن العديد من المنتجين يحتاجون لأن يصل سعر النفط إلى 50 أو 70 دولارًا للبرميل، وباختصار، فإن الكثير من منتجي النفط لا يمكنهم تحمل العيش في عالم سجلت أسعار النفط الخام فيه مبلغ 36 دولارًا للبرميل في وقت سابق من هذا الشهر.
في عام 2016، ستعود إيران بقوة إلى سوق النفط، سيستمر تباطؤ الطلب الصيني، ستحجم أوبك عن تخفيض الإنتاج بسبب عدم الثقة، وسيستمر ارتفاع سعر الفائدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، مما سيسفر على الأرجح عن تسريع سلسلة حالات إفلاس صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة.
إذا كانت هذه التوقعات صحيحة، يمكن أن تعاود أسعار النفط ارتفاعها بمجرد خروج الولايات المتحدة من السوق، ولكن مع ذلك، فإن ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى جعل صناعة النفط الصخري مربحة للولايات المتحدة مرة أخرى، ويبقى السؤال هل ستدخل صناعة النفط الصخري في سبات وبالتالي ستستمر بالإنتاج مرة أخرى بمجرد ارتفاع أسعار النفط، أم أنها توفيت تمامًا بدون أي قابلية لإعادة أحيائها مرة أخرى؟ بجميع الأحوال، إذا عاودت صناعة النفط الصخري إنتاجها بعد ارتفاع أسعار النفط، فمن المرجح أن تعود الأسعار للانخفاض ببساطة مرة أخرى.
بالنسبة لي، فإنني أرى بأن صناعة النفط الصخري الأمريكي هي في حالة سبات، فهذه الصناعة هي أكثر مرونة مما تعتقده السعودية، وهذا الأمر يجب أن يُقلق الملك سلمان على المدى الطويل.
عام الاستقرار الخارجي السعودي
الكاتب: إليزابيث ديكنسون
أتوقع أن تشكل تزايد جرأة المملكة العربية السعودية الحدث الأبرز في عام 2016، فتحت القيادة الجديدة للملك سلمان ونجله الشاب، محمد بن سلمان، تبدو السعودية حريصة على تأكيد دورها الجديد في المعارضة المباشرة لمنافستها الإقليمية إيران؛ فالمملكة العربية السعودية تقود منذ تسعة أشهر الحملة الجوية والبرية ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن، كما تعمل السعودية على تصعيد مساعداتها، سواء العسكرية أو السياسية، للجماعات المتمردة السورية ضد حليف طهران، الرئيس السوري بشار الأسد.
لا شيء من هذا يبدو جديدًا، ولكن عام 2016 سيكون العام الذي نرى فيه الانتقال الضروري من الهجوم إلى الاستقرار، فكما تعلمت الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق في السنوات الأخيرة، تهدئة الأمور في دول مثل اليمن وسورية من المرجح أن يكون اليوم أكثر تحديًا وتكلفة واستهلاكًا للوقت من أي قتال فعلي قائم، وخاصة في اليمن، التي من المرجح أن تتعثر السعودية ضمنها ضمن المستقبل المنظور، علمًا أن فشل السعودية في البقاء على الأرض يمكن أن يسفر عن تمهيد الأرض المضطربة الملائمة لبزوغ وانتشار قوى التطرف.
المملكة العربية السعودية تواجه تحديات كبيرة في تحويل الانتصارات على الأرض إلى حالة من الاستقرار الإقليمي، حيث اعتمدت العمليات العسكرية الجارية في المنطقة على الحلفاء والوكلاء المحليين، كالميليشيات الانفصالية في اليمن والثوار في سورية وما شابه ذلك، وهؤلاء قد لا ينحازون لتحقيق مصالح الرياض بمجرد أن تضع الحرب أوزراها، فضلًا عن أن القوات السعودية لا تتمتع بخبرة كبيرة في مجال حفظ السلام أو حفظ الأمن المدني، وعلاوة على ذلك بدأت الميزانية السعودية تشعر بالضغط جرّاء انخفاض أسعار النفط، وهو الأمر الذي يمكن في نهاية المطاف أن يخمد المغامرات المكلفة للسعودية في الخارج، ولكن مع ذلك، فإن السعودية لا تزال تتمتع بعض المزايا التي تميزها عن القوات الغربية أو غيرها، بما في ذلك العلاقات المحلية طويلة الأمد التي تتمتع بها مع الفصائل الداخلية، واستعدادها لتسليم المساعدات بسرعة وسخاء.
هذا الإصرار السعودي يفرض تحديات بالنسبة للولايات المتحدة، التي يتنامى قلقها بشكل متزايد حول ارتفاع حصيلة المدنيين ضمن حملة اليمن العسكرية، فإذا أرادت واشنطن أن تبقى الرياض كحليف إقليمي مميز إلى جانبها، ينبغي عليها تحقيق التوازن بين الانفراجة المصغرة التي شهدتها علاقاتها مع إيران، وبين رغبة المملكة العربية السعودية بقمع نفوذ طهران في المنطقة.
عام الأزمات العديدة التي سنشهدها
الكاتب: ويتني كاسل
رغم الصراعات البطيئة الغليان التي تستبطن إمكانية التصعيد الوشيكة، كالنزاع الإقليمي في بحر الصين الجنوبي، التدخل الروسي في أوكرانيا، وتجارة المخدرات المكسيكية، فإن أكبر حدث سيشهده عام 2016 سيكون بالتأكيد الوضع المروع في سورية والعراق، والذي ستمتد آثاره إلى جميع أنحاء أوروبا، وإلى الولايات المتحدة، ولكن بزخم أضعف.
الأزمة الأخلاقية التي شهدها العالم عن بعد خلال السنوات الخمس السابقة، والتي تمثلت بمشاهدة قتل المدنيين الأبرياء وذبحهم على يد حكومتهم، وبزوغ عصابة من المتطرفين المجانين، ستصل إلى ذروتها في عام 2016، وزيادة الجهود سواء من خلال التدخل المستمر في شكل مناطق لحظر الطيران، إرسال المساعدات والتعزيزات بشكل كبير لمساعدة القوات المحلية، بما في ذلك القوات التي تقاتل الرئيس بشار الأسد في سورية، التدخل السياسي القوي في العراق، أو ربما جميع ما سبق، لن تعود أمورًا اختيارية في هذا العام، لا سيما في ظل عدم وجود أي علامات على تباطؤ أزمة اللاجئين في أوروبا، فضلًا عن تصاعد التهديد بالعنف الذي تنتظره أوروبا، وربما الولايات المتحدة.
ستواجه الولايات المتحدة شياطينها الأخلاقية من خلال الخطاب المعادي للأجانب وغير الأمريكيين الذي ينتشر بشدة منذ الأيام الأولى للحملات الرئاسية، وهو أمر يجب على الأمريكيين أن يواجهوه ويوقفوه في سبيل دفاعهم للحفاظ على القيم الأساسية لبلادهم وللمبادئ التأسيسية التي قامت عليها الدولة.
عام 2016 سيكون عامًا لتصفية الحسابات مع جميع أولئك الأشخاص الذين جلسوا دون حراك آملين بأن تحل الأزمة في الشرق الأوسط نفسها بنفسها بطريقة عجائبية، كما أنه سيكون العام الذي سيُفسح فيه المجال لتسود الحلول العقلانية القابلة للدفاع عنها أخلاقيًا.
المصدر: فورين بوليسي