يعمل العلماء على إنتاج أجهزة كمبيوتر تمتلك القدرة على رفع كفاءة وظائف الدماغ عندما تلاحظ بأننا نشعر بالتعب، ويمكن لهذه التكنولوجيا في نهاية المطاف أن تستخدم لتكييف تجربتنا في استخدام الكمبيوتر اعتمادًا على مدى شعورنا بالتوتر أو الإنهاك.
يعمل هذا الابتكار عن طريق تقنية تسمى مطياف الأشعة تحت الحمراء القريبة الوظيفي، أو (fNIRS)، حيث يقوم جهازا استشعار يتم وضعهما على فروة الرأس بإطلاق أشعة حمراء غير مؤذية إلى الجمجمة، وهذا الضوء الأحمر يحلل كمية الأوعية الدموية التي توجد في الدماغ، ومن خلال ذلك يمكن تحديد مستويات الأوكسجين في أي لحظة، فإذا كانت مستويات الأوكسجين عالية فإن هذا يعني بأن الدماغ يعمل بصعوبة، أما المستويات المنخفضة فتعني بأن العمليات الدماغية تجري بسلاسة وسهولة.
يتم بالفعل استخدام هذا النظام في تطبيق نظارات جوجل، حيث إنه يعيق وصول الإخطارات إذا كان الدماغ مشغولًا بالفعل بمهام أخرى، ولكن فريق الباحثين من جامعة تافتس يريد أن يطور هذه التقنية إلى مجال أبعد من ذلك، حيث يسعى لاستخدام هذه التقنية لتعزيز الحالة المعرفية للدماغ عندما تصاب بالضعف.
يسمى هذا الجزء من العملية بتحفيز التيار المباشر عبر الجمجمة (tDCS)، وهو ينطوي على تقديم دفعة كهربائية بقوة واحد ميلي أمبير من التيار الكهربائي من خلال الدماغ عن طريق أقطاب كهربائية تكون مثبتة على الرأس، وقد تم بالفعل استخدام عملية الـ(tDCS) لعلاج الاكتئاب، السكتة الدماغية، وطنين الأذن، ويعتقد الباحثون بأنها يمكن أن تستخدم لمساعدتنا على التفاعل مع أجهزتنا.
تبعًا للباحث الرئيسي روب جيكوب، فإن ما يريده الباحثون هو تحفيز النشاط الدماغي لمدة دقيقة أو اثنتين ومن ثم إرجاعه إلى طبيعته مجددًا، فالتقنية تهدف لقياس النشاط الدماغي من خلال الـ(fNIRS)، وتعديل ذلك النشاط ببطء اعتمادًا على القياسات التي يتم جمعها، وبمعنى آخر، التقنية هو نوع من الاتصال ثنائي الوجهة مع الدماغ.
يمكن أن يتضمن أحد أوائل الاختبارات لهذا النظام إشراك المستخدمين بتجربة واقع افتراضي يقومون خلالها بقيادة سرب من الطائرات بدون طيار، وعندما يستشعر الجهاز بأن تركيز المستخدم بدأ بالانخفاض، يمكن أن يقوم بإعطائه دفعة كهربائية صغيرة لتنشيط الخلايا العصبية، وعلى الرغم من أن هذه التكنولوجيا لا تزال في مراحلها الأولى، ورغم أن بعض الأبحاث الأخرى تشير إلى أن هذه التقنية قد لا تعمل بالنسبة للجميع، وأن بعض نتائج استخدام الـ(tDCS) كانت غير متناسقة، إلّا أنه من الممكن أن يتم تحسين هذا النظام وصقله على مر الزمن.
يضيف جيكوب بأنه يعتقد بأن الإنسان والكمبيوتر هما عبارة عن معالجين قويين للمعلومات متصلين بواسطة قناة ضيقة، والهدف من هذا الابتكار هو تحسين عرض النطاق الترددي بين هذين المعالجين.
أحد العقبات التي تواجه هذا الابتكار تتمثل بأنه يجب معايرة النظام بدقة لكل فرد، وهي عملية طويلة ويجب التغلب عليها قبل أن يتم عرض الجهاز للبيع للمستخدمين، ولكن الناحية الإيجابية، هو أن الجهاز سيكون رخيصًا وبسيطً الاستخدام.
قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تصبح تقنياتنا قادرة على الاستجابة لتقلبات نشاطنا الدماغي، ولكن في المستقبل غير البعيد، ستصبح أجهزتنا قادرة على معرفتنا بشكل أفضل من أي وقت مضى، بل ويمكن أن تمتلك القدرة أيضًا على تعزيز قدراتنا المعرفية عندما نكون بحاجة إلى ذلك.