يُصمم الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي استخدام سلطة التشريع حتى بُعيد إتمام انتخابات البرلمان المنوط بالعملية التشريعية في البلاد، والذي سينعقد بعد خمسة أيام على إثر دعوته كرئيس للجمهورية.
5 قوانين جديدة انضمت إلى سيل التشريعات التي تخرج من رأس المؤسسة التنفيذية في البلاد، في صورة أطلق عليها بعض الصحفيين “السيسي مشرعًا حتى الرمق الأخير”، وكأنه لا يريد أن يترك هذه السلطة مطلقًا لولا وجود مؤسسة تشريعية اسمها “مجلس النواب”، بالرغم من ترديد أحاديث في الأوساط السياسية المصرية تؤكد على تشكيل هذا البرلمان على رغبة الرئيس ليكون داعمًا تشريعيًا له في السلطة.
افتقدت التشريعات الأخيرة التي أطلقها السيسي إلى أي طبيعة عاجلة أو ملحة، ليصل عدد القوانين التي أصدرها السيسي بعد انتهاء الانتخابات التشريعية إلى 12 قانونًا تتخطى سلطة البرلمان، مع العلم أن تأخير انعقاد البرلمان لهذه الدرجة كان بسبب رئاسي بحت، حين تأجلت الانتخابات أكثر من مرة، وحتى بعد الانتخابات أخر السيسي انعقاد البرلمان طيلة خمسة أسابيع أخرى بدعوى اختيار النواب المعينيين.
تطبيق حوافز المهن الطبية على الأطباء والعاملين في المستشفيات الجامعية، وقوانين التأمينات والمعاشات، مثل تعديل ضوابط منح الراتب لأفراد القوات المسلحة وأسرهم ووارثيهم، وقوانين منح الجهات العامة ممثلة في الوزارات والهيئات الحكومية والشركات العامة التي تدير المرافق بإنشاء شركات مساهمة أو الدخول في شركات مساهمة قائمة.
كانت هذه القوانين أبرز ما هم السيسي بإصداره كتشريعات عاجلة دون أي مناقشات، وحذر بعض القانونيين من شبهة عدم الدستورية في العديد من القوانين هذه التي تخرج من أروقة الرئاسة المصرية بطريقة عاجلة تُثير الاستغراب.
ليظهر السيسي ومعاونوه بمظهر عدم الاكتفاء من ممارسة سلطة التشريع لأكثر من عامين دون رقابة بشكل منفرد، في مخالفة صريحة لكافة أشكال الأعراف والتقاليد الدستورية التي تنص على وقف أعمال التشريع من جانب السلطة التنفيذية خلال فترة انتخاب البرلمان، وهو ما تخطاه السيسي ليشرع بعد انتهاء الانتخابات دون الانتظار لساعات ينعقد بعدها البرلمان ليناقش هذه القوانين.
يُصبح إجمالي ما شرعه السيسي منفردًا أكثر من 350 قانونًا في عام ونصف، ولا يزال يستخدم هذه السلطة حتى اللحظة متجاهلًا البرلمان الذي قام بدعوته للانعقاد في العاشر من يناير القادم.
يرى البعض أن السيسي لا يريد عرقلة لهذه القوانين في البرلمان أو مجرد إخضاعها للمناقشة، علمًا بأن البرلمان الحالي داعم لمؤسسة الرئاسة بقوة بل ويتنافس الجميع على رضا السيسي، على عكس ما توقع البعض من تشكيل كتلة معارضة للسيسي في البرلمان؛ حيث أفرزت الانتخابات قوائم مشكلة من شخصيات عامة جلها مؤيد بشراسة لسياسات النظام مع بعض الاختلافات غير المهمة في التفاصيل، وهو ما أطلق عليه البعض خلافات على كيفية “الولاء” للنظام، لكن جميعهم متفوقين على الولاء المطلق للنظام ورئيسه، ومن غير المتوقع أن تواجه تشريعات السيسي بالرفض في البرلمان أثناء مراجعتها.
وتشكل ما تُعرف بقائمة دعم مصر في البرلمان النواة الرئيسية لمؤيدي السيسي في البرلمان، هذ البرلمان الذي صنع في أروقة المخابرات العامة والحربية بحسب ما روى مسؤول الشباب السابق في حملة السيسي، حازم عبدالعظيم، في شهادة له على أحد الاجتماعات الأولى لتشكيل هذه القوائم الانتخابية في بدايتها.
إلا أن السيسي فضل أن تخرج أكبر كمية من القوانين من تحت يده لا من تحت يد أنصاره في البرلمان الذين لن يجرؤ بعضهم على معارضة كل ما سلف من قوانين رغم حقهم الأصيل في ذلك، حيث أصدر السيسي، خلال شهر ديسمبر من العام الماضي 79 قرارًا بقانون، بنسبة 26.3% من مجموع القرارات التي أصدرها منذ توليه الرئاسة حتى الآن، وهو ما لا يكفيه فترة عام كامل من المناقشة في البرلمان بحسب خبراء، كما لا يستطيع البرلمان بكل ما لديه من سلطة تشريع أن يُصدر هذا العدد من القوانين خلال فصل تشريعي كامل في البرلمان، بما أحصته بعض التقارير الصحفية بإصدار السيسي تشريعات بمعدل تشريع كل 5 أيام تقريبًا، ويُعتبر عدد التشريعات التي أصدرها السيسي نصف ما أصدره الرئيس المعين من السيسي عدلي منصور.
جدير بالذكر أن الرئيس السابق محمد مرسي الذي كان يمتلك سلطة التشريع هو الآخر بعد حل برلمان 2012 كان قد أصدر في عام حكمه 47 تشريعًا فقط، لكن اعتبر مجلس الشورى في ذلك الوقت السلطة التشريعية الحقيقية منذ ديسمبر 2012 وحتى عزله على يد الجيش في الثالث من يوليو.