سجلت العلاقات التونسية الإيرانية في الآونة الأخيرة بعض التطور، تجسد ذلك من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون بين البلدين في قطاع السياحة من بينها إحداث خط جوي مباشر بين البلدين وبرنامج تنفيذي للتعاون يتم بمقتضاه استقطاب 10 آلاف سائح إيراني خلال سنة 2016.
وحسب العديد من المتابعين فإن هذا التطور لن يدوم طويلاً ولن تشهد هذه الاتفاقيات النور خاصة في ظل توتر العلاقات العربية الإيرانية بعد إقدام متظاهرين منددين بإعدام المملكة العربية السعودية لرجل الدين الشيعي باقر النمر على اقتحام السفارة السعودية بطهران والاعتداء على قنصلية المملكة في مدينة مشهد الإيرانية.
سارعت تونس بالتنديد بإحراق السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد، ووصفت هذين الحادثين بأنهما “خرق فادح” لاتفاقيات فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، وطالبت تونس إيران بتوفير الحماية للبعثات الدبلوماسية والقنصلية والحفاظ على حرمتها.
تونس لم تندد بإعدام رجل الدين الشيعي باقر النمر بل نددت بممارسات المتظاهرين الإيرانيين تجاه المقار الدبلوماسية السعودية، وفي هذا انتصار للسعودية على حساب إيران.
وأعلنت الداخلية السعودية السبت الماضي إعدام 47 ممن ينتمون إلى “التنظيمات الإرهابية” بينهم عالم الدين الشيعي باقر النمر لإدانته بإشعال الفتنة الطائفية والخروج على ولي الأمر في السعودية.
وربط مراقبون سرعة صدور الموقف التونسي مقارنة بدول عربية أخرى تربطها علاقات وطيدة بالمملكة، إلى جانب كونه موقف مبدئي بنصرة القضايا العادلة والقانون الدولي، برغبة تونس في الاصطفاف قولاً وفعلاً إلى جانب السعودية عوضًا عن إيران لكسب ود المملكة علّها تحظى بدعمها وبعض المساعدات والاستثمارات السعودية، وارتفع التبادل التجاري السلعي بين البلدين من 179 مليون دولار في عام 2010 إلى 320 مليون دولار في عام 2014، أي بمعدل نمو بلغ نحو 79% خلال السنوات الأربع الماضية، بمتوسط نمو سنوي 20% تقريبًا.
مثلت زيارة وزير خارجية السعودية عادل الجبير إلى تونس الأسبوع الماضي تحولاً هامة في العلاقات التونسية السعودية التي شهدت توتر في السنوات الأخيرة، وأكد وزير الخارجية السعودي خلال زيارت أن العلاقات التونسية السعودية تشهد مرحلة أخرى هامة في إطار التعاون بين البلدين الذي يشمل كل المجالات منها الاجتماعية والاقتصادية وخاصة الأمنية، واعتبر أن تونس تحنوي على فرص استثمار كبيرة ونسبة عالية من التعليم وكفاءات وحكومة مستقرة وعلى كل الظروف التي تشجع على الاستثمارات الخارجية.
وأشار الجبير إلى حرص قيادتي تونس والمملكة العربية السعودية على تكثيف التعاون بين البلدين، مبينًا أن الخبراء والمختصين في البلدين بصدد دراسة مجالات الاستثمارات والتعاون الذي يتوقع أن يكون مثمرًا، مؤكدًا وجود رغبة لدى القطاع الخاص السعودي في تعزيز الاستثمار في تونس.
وقال رئيس الجمهورية التونسي الباجي قائد السبسي في وقت سابق خلال زيارته للمملكة العربية السعودية إن “تونس تجاوزت بفضل المملكة ودول عربية أخرى كل الأزمات، وأصبحت مقبلة على مرحلة جديدة من التطور والنماء بفضل القوانين والإصلاحات الكثيرة التي يجري عملها”.
وأكد السبسي حاجة بلاده إلى مشاركة قطاع الأعمال السعودي في تطوير مشاريع استثمارية، ورغبتها في تعزيز علاقاتها مع المملكة، بما فيها العلاقات الاقتصادية وانفتاحها على الاستثمارات السعودية.
الموقف التونسي الداعم للسعودية على حساب إيران ليس على المستوى الرسمي بل على المستوى الشعبي أيضًا، فقد نددت العديد من الجمعيات والمنظمات باقتحام المقار الدبلوماسية السعودية في إيران ورحب آخرون بقطع علاقات بعض الدول العربية مع إيران، وسبق لأحزاب سياسية تونسية وشخصيات وطنية أن طالبت بضرورة إلغاء الاتفاقيات التونسية الإيرانية خاصة منها القاضية بجلب سياح إيرانيين إلى تونس بتعلة خوفهم من المد الشيعي نحو بلادهم.
ورغم ضعف حجم التبادل التجاري بين تونس والمملكة العربية السعودية، فإن تونس تأمل في أن تحظى بدعم المملكة وبلدان الخليج للخروج من أزمتها الاقتصادية التي تعاني منها، كما تأمل تونس في الاستفادة من خبرة المملكة في مجال مكافحة الإرهاب خاصة وأنها عضو في التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية.