ترجمة وتحرير نون بوست
احتلت جماعة مسلحة مناوئة للحكومة مبنى صغير في محمية مالهور الوطنية للحياة البرية في ولاية أوريغون في ليلة السبت الماضي، اعتراضًا على ما وصفته بـ “الإدارة الفيدرلية الاستبدادية للأراضي العامة الريفية”، حيث استولت المجموعة على المبنى بعيد انطلاق احتجاج في البلدة المجاورة دعمًا لقضية مالكي مزارع محليين، حُكم عليهما بالسجن لمدد طويلة بتهمة إضرام الحريق المتعمد، ولكن يبدو بأن أهداف الجماعة المسلحة تتجاوز مجرد التضامن مع الأسرة المحلية.
احتلال الممتلكات الحكومية هو أحدث تحول إلى التسلّح ضمن الصراع المستمر حول سيطرة وطريقة إدارة الحكومة الفيدرالية للأراضي العامة في المناطق الريفية في الغرب الأمريكي.
وإليكم هنا ما نعرفه حول الوضع في ولاية أوريغون، ومعتقدات ومطالب المجموعة المسلحة التي تحتل المبنى الحكومي الأميركي.
المجموعة المسلحة تحرس برج مراقبة ضمن محمية الحياة البرية بالقرب من بيرنز في ولاية أوريغون
ما الذي حدث في ليلة السبت في أوريغون؟
تركت الجماعة المسلحة المناهضة للحكومة الفيدرالية موقع الاحتجاج في بيرنز بولاية أوريغون، لتحتل مبنى فارغًا في محمية مالهور الوطنية للحياة البرية، الذي يقع على بعد 30 ميلًا من موقع الاحتجاج.
المبنى هو عبارة عن مبنى حجري يضم مكاتب للمحمية، تديره المؤسسة الأمريكية للأسماك والحياة البرية.
خرجت المظاهرة في بيرنز دعمًا لمالكي مزارع محليين، هما ستيفن هاموند ودوايت هاموند، ولكن محامي عائلة هاموند أخبر وكالة الأسوشيتد برس بأن المجموعة المسلحة لم تتحدث إليهم حول خططها، كما أن مالكي المزارع تم نقلهما إلى سجن فيدرالي في ولاية كاليفورنيا يوم الإثنين الماضي، قبل خروج المظاهرة.
من هما صاحبا المزراع اللذان دعمهما المحتجون؟
اعترف دوايت هاموند، 73 عامًا، ونجله ستيفن هاموند، 46 عامًا، بإضرام النار عمدًا بالأراضي الحكومية في عامي 2001 و2006، وبررا فعلهما بأنه لحماية أراضيهما من حرائق الغابات والنباتات الغازية، ووفقًا لصحيفة أوريغونيان، في سبتمبر 2001، أضرم هاموند الأب والإبن، النار في إحدى الأراضي مما أسفر عن إحراق حوالي 140 فدانًا من الأراضي العامة، وأصبحت هذه الأراضي غير صالحة للزراعة لمدة موسمين متتالين، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تعمد فيها عائلة هاموند للإضرار بالأراضي العامة، فقبل عامين، أضرم ستيفن حريقًا امتد إلى الأراضي التابعة لمكتب إدارة الأراضي في الولايات المتحدة.
ومن ثم، وفي أغسطس 2006، حاول ستيفن إضرام حريق معاكس بغية إيقاف تقدم حريق نجم عن ضربة صاعقة بزعم حماية محاصيل العائلة الشتوية، وانتهى به المطاف لإحراق فدان من الأراضي العامة عن غير قصد، علمًا أنه وفي تلك الفترة كانت الحكومة الفيدرالية قد أصدرت قانونًا يحظر حرق الأراضي.
بالمحصلة، أدين هاموند الأب والإبن بجرم الحرق العمد في عام 2012، وخدم كلاهما فترة في السجن ودفعا حوالي 400.000 دولار أمريكي تعويضًا للحكومة الفيدرالية، ولكن تم إلزامها بالعودة إلى السجن بعد صدور حكم فيدرالي قرر بأن أحكامهما كانت قصيرة جدًا بموجب القانون الفيدرالي، حيث عوّل الحكم الجديد على أحكام قانون عام 1996 الذي يقضي بمعاقبة الإرهابيين المحليين بحد أدنى من العقوبة الإلزامية يبلغ خمس سنوات من الحبس.
يبقى أن نشير، بأن عائلة هاموند لا ترحب بمساعدة ومناصرة المحتجين لقضيتهما، وفقًا لما ذكرة محامي العائلة.
أمون بندي قائد الجماعة المسلحة التي تحتل المبنى الحكومي
من هم الجماعة المسلحة الذين يحتلون محمية الحياة البرية؟
قائد المجموعة المسلحة هو أمون بندي، نجل كليفن بندي، مربي الماشية وصاحب مزارع من نيفادا الذي أصبح رمزًا لمناهضة الحكومة بعد مواجهة عام 2014 مع العملاء الفيدراليين الذين حاولوا مصادرة الماشية التي رعاها كليفن بشكل غير قانوني على الأراضي الفيدرالية منذ عام 1993.
استطاع كلفين حينها استقطاب الدعم من بعض المحافظين البارزين، ولكن دعمه بدأ يتلاشى إبان تصريحه العنصري الذي قال فيه بأن الأمريكيين من أصل أفريقي هم أفضل حالًا كعبيد.
كليفن بندي لم يشارك في احتلال محمية الحياة البرية، كما أنه من غير الواضح بعد عدد الأشخاص الذين يناصرون نجله داخل المبنى المحتل، علمًا بأن الجماعة المسلحة أعلنت يوم السبت الماضي بأن تعدادهم ينوف عن 100 شخص، ولكن شهود عيان قالوا للصحفيين في تلك الليلة بأن عدد المسلحين لا يتجاوز دزينة واحدة فقط.
في مقابلة له مع صحيفة أوريغونيان يوم السبت، قال أمون بندي بأن المحتلين قد يلجؤون لاستخدام العنف إذا ما حاولت قوات إنفاذ القانون إخراجهم من المبنى قسرًا، وفي مؤتمر صحفي في وقت لاحق من ذلك اليوم، قال بندي: “نحن لا نشكل أي تهديد لأحد”.
المجموعة المسلحة تحرس مدخل محمية الحياة البرية التي احتلوها
ما هي مطالب المجموعة المسلحة التي تحتل المبنى الحكومي؟
استمرت المجموعة منذ احتلالها للمبنى الحكومي بإصدار خطابات مناهضة للحكومة، ولكنها لم تصدر حتى الآن لائحة بمطالبها، كما لا تخطط المجموعة لمغادرة المبنى، وفقًا لتصريح بندي، ولا تبدي أي رغبة في التفاوض مع الحكومة لعودة الأخيرة إلى مقرها في المحمية.
حث بندي المؤيدين في ولاية أوريغون للانضمام إليه، وأوضح أن أي شخص يقرر الانضمام للمجموعة يمكنه الانتقال للعيش معهم ضمن المبنى المحتل.
وفقًا لتصريحات بندي، استولت المجموعة على المبنى الحكومي دفاعًا عن “الشعب” ضد إدارة الأراضي الفيدرالية القمعية وغير الدستورية.
بالمقابل، عكست التصريحات الحكومية رؤية نقدية عميقة لمعتقدات الجماعة؛ ففي بيان شديد اللهجة صدر يوم الأحد المنصرم، اتهمت شرطة ولاية أوريغون المتظاهرين بـ”محاولة الإطاحة بالحكومة المحلية والفيدرالية أملًا باستثارة حركة مناهضة في جميع أنحاء الولايات المتحدة”، ولكن رغم ذلك، لوحظ وجود بالحد الأدنى لقوات إنفاذ القانون في المنطقة، كما لم تبذل هذه القوات أي جهد لمنع المحتلين من الدخول والخروج إلى المحمية كما يحلو لهم.
العلم الأمريكي يغطي لوحة محمية الحياة البرية في مالهور
ما هي ردود أفعال سكان مقاطعة هارني حول تصرفات الجماعة المسلحة؟
مقاطعة هارني هي منطقة ريفية تعمل بتربية الأغنام والمواشي وصناعة الأخشاب، والعديد من سكانها يتعاطفون مع الشكاوى الأساسية التي أطلقها المسلحون المحتلون حول الطريقة التعسفية التي تُدار من خلالها الأراضي الفيدرالية، ولكن مع ذلك ارتفعت بعض الأصوات في المقاطعة التي تدين وتنتقد عملية الاستيلاء على المبنى الحكومي، حيث أشار بعض السكان المحليين إلى أنهم يرون المحتلين كمثيري شغب مسلحين منسلخين عن مجتمعهم.
“لقد جلبوا المعركة إلى عقر دارنا” قال دان نيكولز، مفوض المقاطعة، وهو أيضًا أحد جيران أسرة هاموند، وتابع موضحًا: “هذه المقاطعة لا تدعم ما يجري هنا على الإطلاق”.
أخيرًا، تشير المصارد إلى أن عائلة هاموند سعت لتنأى بنفسها عن تصرفات بندي وأنصاره.
المصدر: نيويورك تايمز