بدأت صحف مصرية وعربية التساؤل عما إذا كانت ثمة زيارة مرتقبة للرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي إلى أنقرة في شهر أبريل المقبل في إطار فاعليات مؤتمر القمة الإسلامية في دورته الجديدة والمقرر عقده في دولة تركيا.
هذه الزيارة مقررة بروتوكليًا بسبب ترأس القاهرة حاليًا الدورة الأخيرة من المؤتمر، وهو ما يعني ضرورة تسليم الرئيس المصري الحالي الرئاسة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقد طرحت الأسئلة بناء على هذا الحدث.
هذه الزيارة المرتقبة التي تُناقشها وسائل الإعلام قبل حدوثها بأربعة أشهر كاملين، لم يتأكد ترتيبها بين الجانبين، ولا أحد يعرف وجهتي النظر الرسميتين للدولتين في الزيارة، فيما يتكهن البعض بردود الأفعال لا سيما وأن التوترات بلغت ذروتها بين أنقرة والقاهرة.
هذه التوترات بين البلدين تأتي بسبب عدم الاعتراف التركي بانقلاب الثالث من يوليو الذي دبره الرئيس المصري الحالي ووزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسي، ودأبها على مهاجمته في كل مناسبة تسمح بذلك، مبديةًعدم اعترافها بكافة الإجراءات التي ترتبت على هذا الانقلاب، كما يتعاطف الجانب التركي مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر ويحتضن قادتها في الخارج، وهو ما أثار حفيظة القاهرة ورجال نظامها الجديد.
منذ ذلك الحين والعلاقات بين البلدين في أسوء حالاتها، بالتزامن مع تضارب وجهات النظر في القضايا الإقليمية المختلفة في مقدمتها الصراع السوري وكذلك الصراع في ليبيا، إذ يتخذ الجانب المصري موقفًا داعمًا لبشار الأسد على عكس الجانب التركي، وفي ليبيا لا تكف القاهرة عن المطالبة بالتدخل العسكري هناك، وهو ما تعارضه تركيا.
وعلى الجانب المصري كان الرد الرسمي على الرفض التركي للنظام الجديد بتخفيض التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى القائم بالأعمال، بالإضافة إلى التحالف مع الإمارات وإسرائيل ضد ترشح تركيا لمقعد في مجلس الأمن عام 2014، مرورًا بإلغاء اتفاقية الرورو في أبريل الماضي والتي أضرت بالطرفين على حد السواء ، كما لعبت مصر دورًا في المحور المناوئ لتركيا في حوض البحر المتوسط ، والذي يضم إسرائيل واليونان وقبرص اليونانية.
ليست هناك أي عراقيل بروتوكولية تمنع الزيارة، وهناك حد أدنى من العلاقات الدبلوماسية يسمح بإجرائها، لكن توجيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعوة إلى السيسي لزيارة تركيا واستقباله تعني تخليه عن موقفه السابق في القضية المصرية، واعتراف مباشر بشرعية السيسي كرئيس لمصر.
ما يجعل هذه الزيارة محل كبير للاهتمام من الجميع، هو ما سيترتب عليها إقليميًا إذا تمت، وهذا يعني أن ثمة تصفية للخلافات ستتم بين الجانبين، وهو ما تردد على لسان بعض أجنحة الإعلام النظامي في مصر عن وجود ضغوط سعودية على مصر لتهدئة الأجواء مع تركيا، في ظل التقارب السعودي التركي واشتعال الأزمات المحيطة بالمنطقة.
ثمة بوادر مصرية ظهرت لإمكانية حل مشكلة العلاقات مع تركيا لكنها بالتأكيد ليست دليلًا على وجود تحركات فعلية في هذا الصدد مثل تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري لوسائل الإعلام عن أمل مصر بعودة علاقاتها مع تركيا إلى سابق عهدها، وإنكار مصر تأييد روسيا في موقفها من إسقاط تركيا الطائرة الروسية الحربية، كما أن القاهرة قبلت بضغط سعودي أن تكون في تحالف عسكري واحد وهو التحالف الإسلامي المشكل مؤخرًا.
وعلى الجانب الآخر يبدو أن الموقف التركي قد تخلخل من القضية المصرية بسبب مرور الوقت على أحداث الثالث من يوليو، وأحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة التي أدانتها تركيا بأشد العبارات حينها، بالإضافة إلى عدم وجود رؤية أو أفق للمعارضة المصرية لحل الأزمة مع النظام بالتفاوض أو عن طريق إسقاطه، وهو ما جعل الشروط التركية لعودة العلاقات مع مصر تقل من حالة التشدد إلى المرونة.
حيث تسرب في وسائل الإعلام عن الجانب التركي أنه يشترط الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين في مصر وعلى رأسهم الرئيس السابق محمد مرسي مقابل عودة العلاقات إلى طبيعتها مع مصر، وهو شرط تعجيزي لنظام السيسي لكنه أخف بالطبع من المطالبة بعودة شرعية الرئيس المنتخب محمد مرسي كما كانت وجهة النظر التركية في بادئ الأمر.
النظامان المصري والتركي لديهما من البرجماتية رصيد هائل يستطيع أن يجعل تجاوز أزمة العلاقات أيسر، لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة التي يتوقعها البعض رغم حاجة الطرفين لتصفية هذه الخلافات، بسبب تعارض المصالح استراتيجيًا في المنطقة، وكذلك تدخل أطراف أخرى في الصراع، فبينما تتقارب السعودية مع تركيا، يشتعل الصراع المكتوم بين الإمارات وتركيا، هذا الصراع الذي يهدد النظام التركي بطريقة مباشرة.
ومن المعروف أن الإمارات لديها نفوذ قوي لدى صانع القرار المصري، وربما تقف عائق في إتمام أي تسوية مبدأية بين الأتراك والمصريين، لكن يعول البعض على أن تكون الظروف الإقليمية عاملًا أقوى في فرض تسوية مستقبلية خاصة بعد استتباب نظام السيسي في مصر، وتظل هذه الزيارة المنتظرة إلى تركيا من جانب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي محل جدل في انتظار ردود الأفعال التركية والمصرية الرسمية بشأنها.