بعد أن فشل الاحتلال الإسرائيلي وبكل الحيل التي استخدمتها أجهزة استخباراته المختلفة في القضاء أو حتى السيطرة على لهيب “انتفاضة القدس” التي بدأت شرارتها مطلع أكتوبر الماضي، بعد أن دخلت مرحلة الخطر بحسب معطيات وصلت لأجهزة المخابرات العبرية، بدأ الاحتلال في البحث عن خطوات بديلة عن المواجهة المباشرة.
هذه الخطوات تمثلت بـ “حملة عشواء”، لإغلاق وتدمير وسرقة محتويات المؤسسات الحقوقية والإنسانية والدينية في الضفة الغربية المحتلة كافة، التي تعنى بحقوق الإنسان وتدعم بطرق مباشرة أو غير مباشرة انتفاضة القدس، وتساند الفلسطينيين في هبتهم الشعبية.
حيث شنت قوات الاحتلال خلال الـ 10 أيام الأخيرة، حملة كبيرة استهدفت بها مؤسسات تعنى بحقوق الأسرى، ولجان الزكاة، ومقار مراكز حقوق الإنسان ودور الأيتام بالضفة الغربية، وقامت بمصادرة محتويات تلك المؤسسات وإصدار أوامر بإغلاقها وإيقاف عملها، وهو تكرار لسيناريو اقتحام الضفة عام 2002.
حرب جديدة
الدكتور يوسف أدعيس وزير الأوقاف والشؤون الدينية أكد أن “المؤسسات الحقوقية والدينية والإنسانية في مدن الضفة الغربية والقدس المحتلتين، باتت أهدافًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، لتدميرها وسرقة محتوياتها وإعطاء أوامر بإغلاقها”.
وقال: “حكومة الاحتلال تعيش حالة تخبط كبيرة، بفعل النتائج الإيجابية التي حققتها الهبة الشعبية خلال انتفاضة القدس، وبدأ الاحتلال الآن بشن حرب جديدة، على كل مؤسسة تقدم الخدمات للفلسطينيين بأشكالها المختلفة، عله يستطيع أن يُسيطر على الانتفاضة”.
وشدد دعيس على أن كل الخطوات الإسرائيلية، ضد المؤسسات الحقوقية والإنسانية ودور العبادة ولجان الزكاة، لن تنجح في وأد الانتفاضة، وستفشل أمام صمود وقوة الشعب الفلسطيني، الذي يناضل ويقاتل من أجل تحرير بلاده والحفاظ على مقدساتها”، وأضاف: “الاحتلال يخشى أن تشكل المؤسسات الخيرية والحقوقية خطرًا عليه وعلى أمنه، لذلك بدأ بحملته العشواء ضدها، وهذا يدلل على أنه يعيش حالة رعب وخوف حقيقية، وبات يخشى من الدور الفعال التي تقوم به تلك المؤسسات في توعية الفلسطينيين، وتقديم الخدمات لهم”.
ولفت دعيس إلى أن إغلاق مؤسسات دور الأيتام ولجان الزكاة، سيؤثر على توزيع المساعدات للأيتام والفقراء، وإغلاق مراكز الأسرى جاء لعدم توثيق جرائم الاحتلال بحق الأسرى، وما يتعرضون له من شتى أنواع التعذيب والإهابة داخل السجون.
وذكر أن إغلاق المؤسسات الفلسطينية، جريمة جديدة ضمن مسلسل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، ودور الأيتام ولجان الزكاة ومؤسسات الأسرى هي مؤسسات قانونية ورسمية، دفعت ثمن وقفوها بجانب شعبها، وما يُغلق اليوم سيعاد فتحه غدًا.
تغطية على الجرائم
بدوره أكد فؤاد الخفش، مدير مركز الأسرى للدراسات وحقوق الإنسان، الذي تعرض للسرقة والإغلاق من قِبل الاحتلال الإسرائيلي أن الاحتلال أراد من خلال تدمير مركز يعنى بحقوق الأسرى، إيقاف مؤسسة كانت تفضح الاحتلال وجرائمه بحق الأسرى، وأوضح أن الحرب الإسرائيلية على المراكز التي تهتم بشؤون الأسرى والمحررين، رسالة للعالم أجمع بأن إسرائيل ستواصل جرائمها بحق أكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني داخل سجونها، وستحارب كل مؤسسة تفضح وتكشف ذلك.
وأشار الخفش إلى أن “مراكز الأسرى وكذلك مدرائها والعاملين فيها، يتعرضون دائمًا للهجمات من الطرف الإسرائيلي؛ بهدف إسكات كلمتهم التي طالما كانت منبرًا لفضح كل الممارسات البشعة والوحشية التي تمارس بحق الأسرى داخل السجون، من تعذيب وإهانة وتفتيش عارٍ، ومنع للحقوق التي تكفلت بها الشرائع الدولية للأسرى”.
وشدد على أن “إسرائيل تلعب بالنار، وتريد أن تخمد كل مؤسسة أو جمعية تدعم الفلسطينيين، وتنقل معاناتهم للخارج، وتفضح كل الجرائم البشعة التي ترتكب بحقهم من قِبل قوات الاحتلال ومستوطنيه المتطرفين”.
ولفت الخفش إلى أن “إغلاق تلك المؤسسات لن يُسكت الفلسطينيين، ولن يكسر من إرادتهم وسيبقون في طريق النضال والمقاومة وفضح الاحتلال ومخططاته بأقل الإمكانيات المتوفرة لهم، ولن تنجح إسرائيل في إبعادهم عن قول كلمة المقاومة بأشكالها المختلفة”.
وطالب السلطة الفلسطينية بحماية المؤسسات الحقوقية والإنسانية، ومواجهة أي تعدٍ عليها من قِبل قوات الاحتلال، والتوجه نحو المجتمع الدولي، لوضع حد لممارسات الاحتلال القمعية على المؤسسات والقرارات التي تصدر لإغلاقها بحجة “التحريض”.