تلونت بورصات المنطقة العربية باللون الأحمر بعد تصاعد حدة التوتر بين إيران والسعودية إبّان إعلان السعودية مساء الأحد 3 يناير قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعدما أضرم محتجون النار في مبنى السفارة السعودية في العاصمة طهران احتجاجًا على إعدام المملكة 47 شخصًا ينتمون لتنظيمات إرهابية بالإضافة لرجل الدين السعودي الشيعي نمر باقر النمر، حيث هبطت معظم البورصات العربية مع تأثر معنويات المستثمرين سلبًا ونالت الضغوط البيعية من أداء معظم أسواق الأسهم، وخيّمت الأزمة بظلالها على سعر الليرة التركية لتهبط إلى مستويات جديدة ,وتترقب الأسواق النفطية فيما إذا ستنشب “حرب أسعار النفط” بين الممكلة وإيران ومن سيكون الرابح فيها.
انخفضت بورصة السعودية الأكبر في العالم العربي مع هبوط مؤشرها بنسبة 2.4% ليغلق عند 6788.13 نقطة وسط ضغوط بيعية مكثفة نالت من أداء معظم الأسهم الكبرى.
سهم مجموعة صافولا السعودية هبط بنحو 2% متأثرًا بتوتر العلاقات بين البلدين خوفاً من تضييقات على استثماراتها في إيران قد تؤثر بالسلب على أرباحها، إذ تستثمر الشركة في إيران باسم “عافية الدولية” للأغذية و “بيهتام رويان كافي” المتخصصة في الأغذية والحلويات، وقد بلغت إيرادات “عافية الدولية” في إيران نحو 3.5 مليار ريال سعودي أي 13% من إجمالي إيرادات الشركة في عام 2014.
بورصة قطر هي الأكبر خسارة بين الأسواق إذ هبط مؤشرها الرئيسي بنحو 2.64% مع تراجع 37 سهمًا من إجمالي 39 سهم جرى التداول عليها في يوم الإثنين الماضي.
فيما قادت الأسهم العقارية مؤشر بورصة دبي للانخفاض بنسبة 1.6% ليغلق عند 3084.43 نقطة وخسر رأس المال السوقي للأسهم المقيدة نحو 4.17 مليار درهم ( 1.13 مليار دولار).
أما مؤشر بورصة أبوظبي فقد هبط هو الآخر ولكن بوتيرة أقل بلغت نسبتها 1.3% ليغلق عند 4215.58 نقطة بعد هبوط الأسهم القيادية في قطاعي الطاقة والعقارات والبنوك.
وبعد ارتفاع على مدى جلستي تداول في بورصة مصر أغلق مؤشر البورصة دون 7 آلاف نقطة مسجلًا انخفاضًا بنسبة 1.5% مغلقًا عند 6982 نقطة، وحسب حسابات “وكالة الأناضول” يكون رأس المال السوقي للأسهم المصرية خسر بنحو 4.4 مليار جنيه أي 573 مليون دولار بفعل هبوط أسهم كبرى يتقدمها ” البنك التجاري الدولي” بانخفاض قدره 2.5%.
وانخفضت بورصة الكويت مع هبوط مؤشراتها الثلاثة الرئيسية وتراجع المؤشر السعري لها بنسبة 0.83% إلى 5568 نقطة وأغلق مؤشر “كويت 15” للأسهم القيادية متراجعًا بنسبة 0.87% إلى 892.61 نقطة.
بورصة الأردن تراجعت بنحو 0.82% إلى 2100.13 نقطة مع نزول مؤشر القطاع المالي بنسبة 0.75% والصناعي بنسبة 0.72% والخدمي بنسبة 0.66%.
مؤشر بورصة البحرين تراجع بنسبة 0.23% بعد لحاقها بخطوة السعودية (قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران).
بالنظر إلى أسواق السلع العالمية يظهر أنّ التوتر السعودي الإيراني يهدد بانهيار أسعار النفط العالمية إلى 30 دولارًا ويشعل حرب النفط بين البلدين بوتيرة أعلى حيث لم يستبعد محللون في لندن أن تنخفض أسعار النفط إلى 30 دولارًا خلال الشهر الجاري.
بعد انخفاضِ لأسعار خام برنت في بورصة البترول الدولية بلندن يوم الأربعاء 6 يناير بنسبة 2% إلى أقل من 35 دولارًا للبرميل وهو أدنى سعر منذ 11 سنة مسجلًا سعر 34.83 دولارًا لأول مرة منذ الثمانينات أما خام غرب تكساس انخفض بنسبة 1.5% إلى 35.44 دولارًا للبرميل.
ويرى محللون أن هبوط أسعار البترول إلى هذه المستويات سببه إحساس المستثمرين في العقود الآجلة أن التوتر سيمنع احتمالات خفض الإنتاج في المدى القريب، بالإضافة إلى ضعف النمو العالمي وأزمة الاقتصاد الصيني التي تنعكس بشكل مباشر على الطلب النفطي.
خبراء المال والاقتصاد في العالم يستبعدون أن يتطور التوتر الحاصل بين البلدين إلى مواجهة عسكرية إلا أنهم يتفقون أنه سيؤثر بشكل سلبي على مستقبل الصناعة النفطية الإيرانية الباحثة عن تطوير قدراتها الإنتاجية ومنافذ التسويق بعد رفع العقوبات عنها مطلع العام الحالي الذي ربما يدخل حيّز التنفيذ في الأسابيع القليلة المقبلة.
وأن اشتداد وتيرة “حرب النفط” بين البلدين سيضر كثيرًا بمصالح إيران الاقتصادية مقارنة بالرياض التي تعد قوة عظمى في سوق النفط من خلال شركة النفط الوطنية السعودية “أرامكو” الرائدة من حيث التقنية والأداء كما أن لديها قدرة إنتاجية تتراوح بين 12.5 و13 مليون برميل يوميًا وتصدر أكثر من 10.3 مليون برميل يوميًا، في حين أن إيران تسعى لرفع قدراتها الإنتاجية إلى مستوياتها المسبوقة قبل الحظر البالغة 3.8 مليون برميل يوميًا، وتقدم عروضًا لشركات الطاقة الدولية لتطوير صناعة النفط وقدرتها التسويقية، لكن في ظل هذه الأخطار الجيوسياسية في المنطقة سيؤدي إلى عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في الأسواق الإيرانية.
كما يؤكد البروفسور سكوت لوكاس، من جامعة بيرمنغهام البريطانية لنشرة إنيرجي فويس: “أعتقد أن إيران في موقف اقتصادي ضعيف وفي حاجة إلى منظمة أوبك لتسويق نفطها مقارنة بالموقف القوي للسعودية”.
ويرى خبراء في مجال الطاقة أن ما يدعم قوة النفوذ السعودي في أسواق الطاقة تَملُّكها لشراكات في مصافي نفطية في أمريكا تعد الأكبر في العالم وأخرى في الصين ولديها قدرات تكريرية تبلغ 3.5 ملايين برميل يوميًا وهذا يمنح السعودية القدرة على النفاذ في الأسواق أكثر في حال نشوب حرب سعرية بين البلدين، أضف إلى ذلك أنّ الشركات النفطية الكبرى في العالم تفضل التعامل مع السعودية أكثر من إيران، ومن الوارد أن تتخلى عن العقود الإيرانية لإرضاء السعودية التي تمتلك علاقات نفطية راسخة وعقود طويلة الأجل مع هذه الشركات في مجال الخدمات النفطية والمصافي مقارنة بإيران التي تحاول حديثا” عقد شراكات استثمارية مع الشركات النفطية العالمية.
أما الذهب فقد شهد ارتفاعًا ملحوظًا في تعاملات العام الجديد 2016 ليصل إلى نحو 1096 دولارًا للأوقية اليوم الخميس 7 يناير حسب نشرة إنفيستنغ، يعود هذا الارتفاع إلى بحث المستثمرين عن الأمان في ظل تصاعد التوتر بين السعودية وإيران بالإضافة إلى التوتر في شبه الجزيرة الكورية بعدما أعلنت عن إجراء تجرية ناجحة لقنبلة هيدروجينية وأسباب أخرى.
على صعيد آخر هبطت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها في ثلاثة أسابيع بعد نشوب التوتر الذي قد يؤدي إلى تضرر الأنشطة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث بلغ سعر الليرة 3.0204 ليرة للدولار اليوم الخميس 7 يناير حسب نشرة بنك الكويت التركي العامل في تركيا.