تؤكد الإصدارات المرئية لتنظيم الدولة الإسلامية – مقاطع تم تصويرها من السماء بواسطة طائرة مسيرة صغيرة بدون طيار – امتلاكه لهذه التنقية الحديثة، فمثلما تلقى خسائر من الطائرة المسيرة، تساعده اليوم بإمداده بالمعلومات.
أصبح استعمال الطائرات المسيرة العسكرية لعمليات المراقبة والتصوير فضلاً عن الأغراض العسكرية والقتالية من قِبل الجيوش أمرًا مسلمًا به، وأكثر من تعرض إلى ضربات من قِبل هذا النوع من الطائرات هو تنظيم القاعدة وجيله اللاحق تنظيم الدولة، إلا أن التنظيم عمد في الأشهر الأخيرة إلى استعمال هذه التكنولوجيا في معاركه لكن باللجوء إلى نوعها المدني.
وفيما تبحث الدول إصدار تشريعات ناظمة لحركة الطائرة المسيرة الصغيرة في الجو وشروط استعمالها سارع التنظيم إلى إدخالها المجال العسكري مستفيدًا من الميزات التي تقدمها.
مميزات الطائرة
طائرة صغيرة الحجم تستعمل حتى الآن في مجال التصوير الإعلاني والدعائي والبرامج والحصول على لقطات وصور فنية خصوصًا لأماكن لم يكن الحصول على لقطة علوية لها إلا مكلفًا ومجهدًا، ولها استعمال محدود في تسليم البضائع، وتمتاز الطائرة بخفة وزنها وصغر حجمها وقلة كلفتها.
دخلت بقوة إلى عالم التصوير، حيث يمكن الحصول على صور ثابتة وصور فيديو وصور بانورامية وبث مباشر بواسطتها، ويتم التحكم بها بعدة طرق فمن خلال جهاز موجه أرضي يتحكم بها وبالكاميرا المحمولة فيها، وابتكر مؤخرًا تطبيق خاص يتم تحميله على الهواتف الذكية للتحكم بها واستقبال الصور من على متنها.
هذه الطائرات يمكنها التحليق عموديًا وأفقيًا وحلزونيًا، ومن مميزاتها أيضًا سهولة المناورة والتقاط الصور بزوايا متنوعة والحصول على صور بانورامية، كما يمكنها التحليق لمدة 30 دقيقة أو لعدة ساعات بحسب نوع حجم بطارية الشحن المزودة للطاقة، والكاميرا المحملة على متنها ثابتة ولا تتأثر بحركة الرياح.
هذه الطائرات التي يطلق عليها البعض “أوكتوكوبترز” أو “درون”، بإمكان بعض أنواعها التحليق لمسافة 16 كيلومترًا عن مكان التوجيه.
فوائد للتنظيم
أبرز ما حصل عليه تنظيم الدولة من الطائرة الصغيرة المراقبة والحصول على المعلومات، فاستخدام هذا النوع من الآلات الطائرة لأغراض مدنية في الكثير من الدول، وفي وقت لا تزال للكثير تعد ألعابا سخرها التنظيم للأغراض العسكرية والاستخبارية، وأتاحت إمكانات التصوير والحصول على المعلومات عن الآخر وشكلت رافدًا لخدمة عملياته العسكرية.
وأصبحت تشكل تهديدًا خصوصًا في هجماته ضد القوات العراقية، ومن خلال تحليل الإصدارات المرئية للتنظيم ظهر أنه يعتمد عليها بشكل كبير في التصوير وتحديد الأهداف ومعرفة فعاليات القوات الأمنية من خلال رصد مقراتها وتحركات عناصرها وآلياتها ومعرفة التفاصيل داخل الثكنات وعدد العناصر البشرية وتوزيعهم ونقاط القوة والضعف، من خلال الصور ومقاطع الفيديو التي يحصل عليها من الطائرة، ووجود عملية التصوير المباشر عالي الدقة مكونة فكرة متكاملة لديه وتعرفه على تفاصيل أكثر دقة.
يستعلمها التنظيم في توجيه قواته على الأرض؛ حيث تقوم غرفة عمليات المعركة للتنظيم بمتابعة شاشات كبيرة تنقل التغطية المباشرة التي تزودهم بها كاميرا الطائرة، فيحددون طبيعة حركة الهدف ويوجهون عناصرهم عبر أجهزة الاتصال اللاسلكي إلى الطرق الأقرب والأكثر تأثيرًا وكيفية معالجته.
كما لا يفوت التنظيم تسخير هذه التقنية للأغراض الدعائية؛ حيث يظهر تمكنه من استعمال التكنولوجيا حديثة، وخدمة إعلامية فتتضمن إصداراته المرئية مواد أخذت من كاميرا الطائرة، تساعده في عمليات الإخراج والمونتاج الفني للإصدارات.
الطائرة لا تثير الانتباه إلا نادرًا وعملية إسقاطها تتطلب مهارة عالية؛ فإذا استخدمت الصواريخ الموجه تكون مكلفة وإذا استخدمت النيران البشرية المباشر يكون من الصعب إسقاطها لقدرتها على المناورة.
وبهذا أصبحت ضمن عمليات ترشيد الجهد الاستخباري البشري للتنظيم وتقليل تعرض عناصره للمواجهة بهدف الحصول على المعلومة التي باتت أسرع وأوضح وأدق باستعمال هذه التقنية.
كما لا تحتاج إلى منصة إطلاق أو مدرج أو مكان مهيأ، فيمكن لربانها أن يطلقها من أي مكان حتى من داخل مبنى والخروج بها إلى الجو من فتحة بالجدار أو السقف؛ ما يعطي ميزة أمنية للحفاظ على سلامة طاقهما الأرضي.
ولم يُسجل حتى الآن استعمالها في تنفيذ عمليات قتالية.
وحدة خاصة
تعد عمليات قيادة الطائرات المسيرة عملية ليست بالسهلة بل تتطلب قدرة وكفاءة عالية سواء في الجانب التقني والتصوير أو تقنيات الملاحة للطائرة نفسها، بالإضافة إلى محطات التحكم الأرضية ومعرفة الظروف الجوية في محيط عمل الطائرة وتحتاج إلى كادر مؤهل.
وبحسب مصادر من داخل التنظيم فإنه تم تأسيس وحدة محاطة بسرية تابعة لجهاز الاستخبارات مهمتها تنفيذ فعاليات الطائرات المسيرة وتقوم بتزويد المؤسسة الاستخبارية وغرف عمليات المعارك بالصور والفيديو المباشر، ويقوم عناصر وحدة الاستخبارات بتحليل المعلومات الواردة عبر كاميرا الطائرة.
مشغلو الطائرات مقاتلون روس وأوروبيون، وهؤلاء العناصر تلقوا تدريبات خارج مناطق سيطرة التنظيم قبل التحاقهم بصفوفه.
لا يعرف بالضبط عدد الطائرات التي يمتلكها التنظيم، لكن يتوقع بأنه يمتلك طائرتين على الأقل في كل قاطع عمليات له، واحدة يستعملها وأخرى بديلة.
الحصول عليها
لا يوجد عائق أمام حصول التنظيم على الطائرة، فهذا المنتج متوفر في أسواق العديد من الدول وتباع للهواة دون الحاجة لترخيص أو قيود على عمليات بيعها وشرائها، لذلك يمكنه شراءها عبر عناصره في الدول المتوفرة في أسواقها وتهريبها إلى داخل المناطق التي يسيطر عليها في العراق وسوريا.
انخفاض كلفتها فسعر الطائرة الواحدة في الأسواق العالمية تتراوح 75 إلى 3000$، حسب حجمها وتقنياتها ولا تعد هذه المبالغ رقمًا يذكر لدى التنظيم قياسًا لميزانيته والفوائد الأمنية والعسكرية والدعائية العائدة منها.
كما هناك أنباء شبه مؤكدة عن قيام التنظيم بتصنيع عدد منها، بعد الحصول على المواد اللازمة لذلك، خصوصًا أن طرق التصنيع لمثل هذه الطائرات انتشرت على الإنترنت.
أبرز العمليات
شاركت الطائرة المسيرة في العديد من العمليات التي نفذها التنظيم لمراقبة الهدف ومن ثم مرافقة القوات البرية من الجو، حيث أظهرت الإصدارات المرئية للتنظيم استعمالها بكثرة في معارك الرمادي وكذلك الهجمات على ثكنات القوات العراقية خارج المدن، وكذلك في هجومه بالصواريخ على معسكر شرطة نينوى البديل داخل سبايكر الجوية في نهاية شهر نوفمبر الماضي، فضلاً عن مشاركتها في العديد من الهجمات قرب الموصل وفي سنجار وفي تلعفر ضد قوات البشمركة الكردية.
في سوريا ظهر استعمال الطائرة أيضًا في عدة إصدارات.
إسقاطها
تم إسقاط إحدى الطائرات المسيرة التابعة للتنظيم الأسبوع الماضي داخل مدينة الرمادي من قِبل جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، وفي نهاية شهر نوفمبر الماضي تم إسقاط طائرة مسيرة قرب بعشيقة شرق الموصل من قبل قوات البشمركة، وفي شهر أكتوبر أسقطت قوات البشمركة واحدة أخرى بتلعفر غرب الموصل.