“إما الركوع وإما الجوع” كانت هذه رسالة النظام السوري والدول الداعمة له ملخصة مأساة مدينة مضايا.
مضايا في سطور
مدينة تقع بريف دمشق شمال غرب مدينة دمشق في سلسلة جبال القلمون المحاذية للحدود اللبنانية، يعيش بالمدينة حسب بعض التقديرات حوالي 40 ألف إنسان بما يقدر بحوالي 8 آلاف أسرة محاصرين من قِبل قوات النظام وحزب الله اللبناني حسب صديق سوري.
بدأ الحصار منذ ما يقرب من 7 أشهر ونتج عنه تناقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية حتى وصل الحال بأهل المدينة لأكل الحيوانات وورق الشجر حتى تجاوز عدد المتوفين من الجوع أكثر من 25 شخصًا.
الحصار
مع ارتفاع حدة الحصار وقيام النظام السوري وميلشيات حزب الله بزرع ستة آلاف لغم حول المدينة لمنع تهريب أي مواد غذائية لها بحيث يصبح النظام هو المتحكم الوحيد بإدخال الغذاء؛ فإن المواد الغذائية بدأت تنضب حتى صار النظام يبيع كيلو الأرز بما يقارب 130 دولارًا.
في مضايا وجبة الطعام لأسرتك قد تكلفك إما ألف دولار يوميًا أو لغم في أفضل أحواله سيبتر ساقك.
يقول البعض إن مضايا تفضح أخلاقيات حزب الله والنظام السوري فهل هذه هي الحقيقة فقط؟
هذه هي ثلث الحقيقة وللحقيقة ثلثين آخرين تعمد تغييبهم عن المشهد والحقيقة الأولى هي أن منظمة الأمم المتحدة الـ UN مشتركة في تلك الجريمة هي والدول الرئيسية المؤسسة لها؛ فطبقًا لما نشره موقع الجزيرة فإن من ضمن بنود الاتفاق الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة في شهر ديسمبر 2015 حول المناطق المحاصرة من قِبل النظام السوري وميلشيات حزب الله وإيران كان فك الحصار وإمداد المناطق المحاصرة بالغذاء والدواء غير أن الأمم المتحدة لم تتابع مهامها بإتمام الاتفاق.
عفوًا، الأمم المتحدة في أجازة
وفقاً لما نشرته الجزيرة نت فإن مدير المشفى الميداني في الزبداني وعضو الهيئة الإغاثية الموحدة للزبداني ومضايا عامر برهان كشف لمؤسسة إعلامية تتبع المعارضة السورية أن مكتب مسؤول ملف الزبداني في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان رد على رسالة مكررة من المجلس المحلي في البلدة يستغيث بالمؤسسة الدولية من أجل إدخال المساعدات الغذائية إلى الأهالي المحاصرين، بأن كادر المكتب بأكمله في إجازة من تاريخ 24 ديسمبر 2015 حتى 5 يناير 2016، هذا مع العلم أن مقر الأمم المتحدة في ريف دمشق لا يبعد عن مضايا سوى مسافة أقل من عشر دقائق بالسيارة.
وبينما يعانى أهل مضايا من الجوع تمرق فوق رؤوسهم في سماء سوريا طائرات التحالف الأمريكي الغربي ليس من أجل إسقاط سلل الغذاء أو فك الحصار عنهم كما فعلوا مع الإيزيديين في جبال سنجار بالعراق، بل من أجل قصف قوات ما تسمي بالتنظيمات الإرهابية التى تقاتل ضد النظام السوري الحالي وميلشياته.
التحالف الإسلامي العسكري.. الثلث الأخير من الحقيقة
بينما يموت أطفال وشيوخ مضايا والمعضمية وغيرها من الجوع بسبب الحصار، تشكل السعودية التحالف الإسلامي العسكري ليس لنصرة الشعوب أو فك الحصار عن أهل مضايا ونصرة أهل الشام أو تحرير الأقصى، بل لمحاربة الإرهاب وما الإرهاب في نظر البعض إلا ثورة شعب.
تمضي مضايا محاصرة وليست مشكلتها في جمع الأموال لإطعام أهلها بقدر ما هو عجز رجال الثورة عن فك الحصار عنها.
بينما يتشارك الجميع في الجريمة، تمضي مضايا ولسان حال البعض قد صار بأن الحل يكمن في حلين الأول فيهم أن يدعي تنظيم الدولة الإسلامية أنه هو من يحاصرها لعل وعسى أن يتحرك النظام الأمريكي والإعلام الغربي العربي لإنقاذها من يد متوحشي داعش، أو أن يحرر التنظيم مدينة مضايا ويدخلها كما دخل مخيم اليرموك الذي اشتهر بمأساة حصاره وموت أهله جوعًا حتى دخلها التنظيم فاختفت مظاهر الجوع منه.
وحتى هذا الحين يبدو أن قرار النظام العالمي والإقليمي وبرعاية الأمم المتحدة لشعب سوريا هو: “الجوع أو الركوع”.