اختتمت حركة نداء تونس أمس الأحد مؤتمرها الأول تحت شعار “الوفاء” في مدينة سوسة (شرق)، وأعلن رافع بن عاشور، رئيس المؤتمر قائمة أعضاء الهيئة السياسية للحزب بعد المصادقة عليها والمكونة من 30 شخصًا، بينهم 14 أمينَا وطنيًا حُددت مهامهم، و16 عضوًا تحدد مهامهم لاحقًا.
لم تكن المصادقة على الهيئة السياسية أهم ما أفرزه المؤتمر ولا أهم ما جاء فيه حسب العديد من المراقبين، بل كانت إطلالة رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي وحضوره كضيف شرف هلّل له الجمهور وصفق لكلامه واستحسن وجوده بينهم في مؤتمرهم الأول، أبرز ما بقي من هذا المؤتمر.
رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، أكد خلال مشاركته في المؤتمر الأول لحزب نداء تونس، على قيم التوافق التي تجمع بين كل التونسيين، واعتبر حضوره “لحظة تاريخية مهمة ومحطة من محطات نضج الديمقراطية في تونس”، وقال إنه يرى في تونس طيرًا يُحلق في السماء بجناحي النهضة والنداء، وأضاف الغنوشي أن الطائر ليس مجرد جناحين بل هو طير يحتاج للجميع، مشددًا على أن تونس تحتاج إلى كل أبنائها وأن منهج التوافق سيخدم كل الأطراف وأن من مصلحة النهضة التوافق كما أن مصلحة نداء تونس تكمن في التوافق.
وأكد الغنوشي وجود تنافس حقيقي بين نداء تونس وحركة النهضة وليس التناحر وقال “نحن ننتقل من مراحل التناحر والصراع الراديكالي إلى مرحلة المعايشة والمشاركة والتنافس الذي تشهدها الأحزاب في كل الديمقراطيات”، ونفى رئيس حركة النهضة ما يشاع عن اختراق حزبه لحزب نداء تونس ومحاولة تقسيمه، حيث قال “النهضة لا تنتهج أسلوب الاختراق كما يشاع عنها، والنداء هو من فرض نفسه وليست النهضة من أرادت خلقه”، وأكد الغنوشي على أن التقارب بين النهضة والنداء هو “ثمرة من ثمار إستراتيجية التوافق، التي بدأت في لقاء باريس سنة 2013، وأفضت إلى الحوار الوطني والانتخابات وإعطاء تونس دستور وهيئات دستورية”.
وضمت هيئة الأمناء التي أفرزها المؤتمر نجل الرئيس التونسي حافظ قايد السبسي مكلفًا بالإدارة التنفيذية والممثل القانوني للحزب، وعبد العزيز القطي ناطقًا رسميًا باسم الحزب، إضافة إلى سلمى اللومي، بوجمعة الرميلي، رؤوف الخماسي، رضا بلحاج، خميس قسيلة، سفيان طوبال، أحمد الزقلاوي، قاسم مخلوف، ناصر شويخ، محمد صوف، فوزي اللومي، وأنس الحطاب، حيث كلّف كل منهم بملف معين.
الغنوشي خطف الأضواء وحول وجهة نظر الجميع فبعد أن كان الاهتمام منصبًا نحو الهيئة السياسية وما سيفرزه المؤتمر، تحول الاهتمام إلى الغنوشي وكلامه وحتى نحو استغلال فرصة بأخذ صورة تذكرية معه علها تصلح في وقت ما.
كلمة الغنوشي خلال هذا المؤتمر أعقبها تصفيق كبير وترحيب من الجميع بعد أن كان النطق باسمه والتلفظ باسم حركته لا يأتي إلا في إطار التهجم عليه والسخرية منه ومن أفعاله.
من جهته رحب رئيس الجمهورية التونسية ومؤسس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي بحضور راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة مؤتمر حزبه السابق، فيما اعتبر القيادي المستقيل من الحزب محسن مرزوق أن وجود الغنوشي في مؤتمر النداء تأكيدًا لما وصفه بخيانة حزبه السابق لناخبيه، واتهم محسن مرزوق حزبه السابق نداء تونس بالانحراف عن وعوده للناس بتكريس الديمقراطية، وقال: “نداء تونس خالف الهوية التي اتفقنا عليها عندما قررنا خوض المعركة الانتخابية وانحرف عن الوعود التي قدمها للناس”.
واستقال القيادي محسن مرزوق من حزب نداء تونس رفقة 17 آخرين في وقت سابق، وأعلن عن تكوين حزب جديد، سيعلن عنه في مارس المقبل، وذلك بعد خلاف بدأ منذ شهور مع نجل الرئيس حافظ قايد السبسي على المناصب القيادية داخل الحزب ومرجعية الحزب وهويته.
سنتان مرتا على اجتماع باريس بين رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي ومؤسس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي، في العاصمة الفرنسية باريس، الذي مثل نقطة تحول في علاقة زعيمي الحزبين وعلاقة حزبيهما في مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد.
وأسس الباجي قايد السبسي، حزب “نداء تونس” في 2012، وشارك في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2014، وتمكن من نيل الأغلبية البرلمانية بـ 86 مقعدًا، وفاز بالانتخابات الرئاسية.
وانعقد المؤتمر التأسيسي لحزب نداء تونس بعد أزمة حادة ومخاض عسير حسب وصف رئيس الحركة ورئيس مجلس النواب محمد الناصر، وأضاف أن الحزب لازال قائمًا صامدًا بطاقاته الثرية، وأنهم قد توصلوا إلى رأب الصدع وتجاوز المنزلقات التي كادت تعصف بالحزب، وتجاوز الأزمات بفضل الحوار”، و دعا الناصر إلى ضرورة تغليب العقل والحكمة، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يضعف الحزب.