ترجمة حفصة جودة
آلاف من الناس يموتون جوعًا داخل مدينتين محاصرتين في سوريا، وتماشيا مع أساليبهم المعتادة تقوم قوات بشار الأسد وحزب الله بإشهار سلاح الجوع في وجه مضايا والزبداني.
هذا السيل من الصور ومقاطع الفيديو تثبت بالدليل القاطع حجم المعاناة داخل تلك المناطق المعزولة، وقد قيل إن الأسد قد وافق بكل سماحة على إرسال الأمم المتحدة للمساعدات الغذائية يوم الإثنين، ولكن حتى لو حدث ذلك فإن سياسات الحصار من العصور الوسطى تلك جزء أساسي من أساليب الأسد لتحطيم أعدائه.
وأقولها مرارًا وتكرارًا، هذا الديكتاتور يقوم بمحاصرة تلك المناطق حيث يوجد عناصر من المقاومة ويقوم بتجويع سكانها ليجبرهم على الاستسلام، وإذا تم تجاوز هذه الأزمة الحالية في المدينتين، فهذه المحنة سوف تتكرر غالبًا في المستقبل، وعندما يحدث ذلك فأول من سيموت هم الأطفال وستكون وفاتهم بطيئة ومؤلمة.
هذه الأحداث تطرح سؤالاً هامًا: لماذا لا يكون سلاح الجو الملكي البريطاني على أهبة الاستعداد لإلقاء الغذاء على مضايا والزبداني؟ وإذا كانت الطائرات البريطانية تستطيع إلقاء القنابل على سوريا فلماذا لا تلقي المواد الغذائية؟ وبعد كل ذلك، فقد تمكن سلاح الجو الملكي من إيصال المساعدات الطارئة لجبل سنجار شمال العراق عندما قامت داعش بمحاصرته عام 2014.
قام مصدر من وزارة الدفاع بإرسال هذا التوضيح لتلغراف يوم الجمعة:
“جبل سنجار كانت منطقة ترغب الحكومة الديموقراطية المنتخبة لهذه البلاد أن نذهب إليها ونفعل شيئًا، الوضع مختلف بالنسبة لمضايا، فالمحيط الجوي مختلف تمامًا وسط وجنوب سوريا، هناك صواريخ أرض – جو والمنطقة تقع تمامًا في قلب النظام، وإذا قامت طائرات الحلفاء بالتحليق هناك فقد يكون الأمر كارثيًا”.
هذه الأعذار للتقاعس عن هذا العمل غير مقنعة على الإطلاق، وقد يكون هذا المصدر من وزارة الدفاع غير مدرك لأن مضايا تبعد فقط ستة أميال عن حدود سوريا الغربية مع لبنان أو حوالي 40 ثانية من التحليق باستخدام طائرة هرقلز للنقل، فهل من الصعب حقًا على سلاح الجو الملكي أن يخترق أجواء العدو في رحلة تستغرق حوالي 80 ثانية؟
بالنسبة لقوة الدفاعات الجوية السورية المزعومة فهذه إحدى الخرافات المتكررة في تلك الأزمة، فكل الاقتراحات المقدمة لعمل منطقة حظر جوي تمت معارضتها بحجة أن مقاتلات الأسد الجوية وصواريخ أرض جو مستعدة لتدمير أي طيران معادٍ.
إليكم الحقيقة، بصرف النظر عن الحادثة الوحيدة المتنازع عليها والخاصة بالطائرة التركية فإن هذه الدفاعات الجوية السورية الهائلة لم تطلع حتى طائرة واحدة من أراضيها منذ حرب أكتوبر عام 1973، ولا طائرة منذ أكثر من 42 عامًا.
خلال تلك السنوات، بالمناسبة، قامت إسرائيل بتنفيذ عشرات الغارات الجوية في سوريا دون أن تعاني من خسارة واحدة، وفي آخر ثلاث سنوات قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف عشرات الأهداف داخل وحول دمشق نفسها، قامت بالضرب “في قلب النظام” تلك الجملة التى قالها مصدرنا في وزارة الدفاع، كل هذه المقاتلات عادت إلى إسرائيل بأمان.
وفي عام 2007 قامت القوات الجوية الإسرائيلية بواحدة من أكثر عملياتها طموحًا حيث قامت بتدمير مفاعل نووي عميق شرق سوريا بالقرب من دير الزور (ولولا هذه الغارة بالمناسبة لكانت داعش الآن تفخر بامتلاكها برنامجًا للأسلحة النووية)، وفي عام 2003 قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف معسكر للتدريب خارج دمشق، وغني عن القول أن كل هذه العمليات حدثت دون أي خسارة وبلا مقاومة.
لذا فالدرس يبدو واضحًا تمامًا: إذا كنت ترغب في القيام بضربة جوية معينة فمجال الأسد الجوي هو أكثر الأماكن أمنًا في العالم، فنسبة العُشر من طياري سوريا متخصصين في إلقاء البراميل المتفجرة على مدنهم وليس الدفاع عن مجالهم الجوي، وإذا كان سلاح الجو الملكي في حاجه لأي نصيحة للتعامل مع الدفاعات الجوية الفاشلة للأسد فيمكنهم سؤال نظيرهم الإسرائيلي.
لنكن واضحين: إذا كان سلاح الجو الملكي البريطاني لا يستطيع بالفعل مساعدة اللآلاف من الجوعى بالتسلل مسافة ست أميال فقط في مجال العدو الجوي فيجب ألا نزعج أنفسنا بامتلاك قوة جوية على الإطلاق.
المصدر: تلغراف