حصلت الحكومة التونسية الجديدة مساء أمس الإثنين على ثقة نواب البرلمان بأغلبية الأصوات، وتمت تزكية حكومة الحبيب الصيد الثانية خلال جلسة عامة للبرلمان التونسي حضرها 186 نائبًا بالإضافة إلى الوزراء الجدد.
وحظي وزير الخارجية الجديد خميس الجهيناوي، بـ 134 صوتًا مقابل احتفاظ 23 نائبًا بأصواتهم واعتراض 2 على التصويت، ومثل خميس الجهيناوي موضع خلاف واسع بين الحكومة مع المعارضة لتقلده منصب رئيس مكتب العلاقات مع إسرائيل في ظل حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، واعتبر بعض نواب المعارضة تعيين الجهيناوي على رأس الخارجية تكريس للتطبيع مع الكيان الصهيوني وباعث لرسائل سلبية حسب وصفهم.
وشغل الجهيناوي منصب رئيس مكتب تونس بتل أبيب قبل أن يغلق سنة 2000 عقب انتفاضة الأقصى، كما شغل بين 1999 و2004 منصب سفير مفوض فوق العادة لدى إيرلندا وفي 2006 مديرًا للشؤون السياسية والاقتصادية والتعاون مع أوروبا والاتحاد الأوروبي بوزارة الخارجية، وشغل منصب سفير فوق العادة ومفوض تونس لدى روسيا وأوكرانيا ولدى مجموعة الدول المستقلة بين سنتي 2007 و2011.
وكرد على الانتقادات التي وجهت للوزير الجديد على خلفية عمله رئيس لمكتب تونس بتل أبيب، ذكرت نقابة السلك الدبلوماسي أن خميس الجهيناوي تنطبق عليه أحكام النظام الأساسي الخاص بأعوان السلك الدبلوماسىي الذي يلزمه كدبلوماسي بالعمل بكل البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية فى الخارج.
وخصص البرلمان التونسي أمس الإثنين جلسة عامة لمناقشة التعديلات الوزارية التي أعلن عنها رئيس الحكومة الحبيب الصيد وشملت 12 حقيبة وزارية من بين 29، وهو التعديل الأول من نوعه منذ تشكيل الحكومة الأولى في فبراير الماضي وتوليها السلطة بعد انتخابات 2014.
وتضمنت الحكومة الجديدة العديد من التعديلات الوزارية أهمها حذف خطة كتابة الدولة وذلك لأول مرة في تاريخ الحكومات التونسية منذ الاستقلال.
ووجهت أحزاب المعارضة في البرلمان انتقادات للتعديل الوزاري الأخير، واتهم بعضهم رئيس الحكومة الحبيب الصيد بتطبيق مبدأ المحاصصة الحزبية والخضوع للترضيات.
وأصدر الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية)، بيانًا قال فيه: “إن التعديل الوزاري اعتمد مبدأ المحاصصة ولم يراع الكفاءة، كما لم يعالج القصور والعجز الذّي ميز عددًا من الوزارات، وعمد إلى معاقبة بعض الوزراء الذّين عبروا عن نفس إصلاحي حقيقي”.
وفي مقابل ذلك نفى الصيد أن يكون التعديل الوزاري الأخير “قد خضع للترضيات، أو الحسابات السياسية”، وقال الصيد في كلمة له أمام البرلمان، أمس الإثنين بمناسبة انطلاق جلسة منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد، إن “هذا التعديل لم نخضع فيه لمنطق الترضيات، أو الحسابات السياسية، بل راعينا فيه تعزيز العمل الحكومي والمصلحة الوطنية”، وأضاف الصيد: “التعديل الوزاري، الذي تم في إطار ما منحه له الدستور التونسي من صلاحيات، جاء لإضفاء مزيد من الفعالية على عمل الحكومة، وتكريس التوجهات التي عرضتها بمناسبة مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2016”.
وأشار إلى أن التعديل الذي شمل حقيبة الداخلية، “تطلب إعادة هيكلتها، وذلك بالفصل بين الشؤون الأمنية والشؤون المحلية، للتفرغ في المساهمة الفاعلة في خوض الحرب على الإرهاب، والحفاظ على أمن المواطنين وسلامتهم”، مؤكدًا على أن الوزارة ستعني بترسيخ مقومات الأمن الجمهوري.
حظي وزير العدل الجديد عمر منصور بثقة 147 نائبًا، فيما حظي وزير الداخلية بثقة 139 نائبًا واعتراض 20، حيث يشترط لنيل الثقة الحصول على الأغلبية المطلقة للأصوات في البرلمان وهي بـ 109 أصوات بحسب النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب.
من جهته قال رئيس البرلمان التونسي، محمد الناصر، لدى افتتاحه جلسة نيل الثقة أمس: “حري بنا أن نصارح التونسيين بأننا نمر بظرف اقتصادي متدهور وبواقع اجتماعي حرج وبوضع أمني صعب للغاية فهذا المثلث المخيف يتطلب من مؤسسات الدولة ومن مختلف السلطات ومن جميع مكونات المجتمع المدني مضاعفة العمل ومضافرة الجهود لضمان نجاح التجربة”.
وأضاف الناصر، نراهن اليوم أكثر من أي وقت مضى على شعبنا الأبي وبالخصوص على قدرات الشباب ومميزات المرأة وخصوصية التضامن الوطني.
وأبقى التعديل الوزاري على الائتلاف الرباعي في الحكم (نداء تونس، حركة النهضة، الاتحاد الوطني الحر، وآفاق تونس)، كما شمل التعديل ثلاث وزارات سيادية هي الخارجية، الداخلية، والعدل.