قد يكون التعامل مع مادة الجرافين أمرًا صعبًا على اعتبار أن الجرافين من المواد الصلبة، خاصة وأن البيئة الملوثة التي تحيط بالمواد الكربونية التي تؤلف الجرافين، يمكن أن تؤثر على أداء إلكترونات الجرافين، ولذلك فقد توصل باحثون من جامعات رايس وأوساكا لإيجاد طريقة بسيطة لرصد الملوثات التي قد تفسد الجرافين، حيث قام الباحثون بقيادة عالمي الفيزياء جونيشيرو كونو وماسايوشي تونوشي بابتكار وسيلة لكشف وتحديد العناصر الموجودة على سطح الجرافين، والتي لا تنتمي للجرافين، وذلك باستخدام آلية التحليل الطيفي التيراهيرتزي، وذلك لأنه من السهل جدًا دخول العديد من الشوائب عن طريق المصادفة إلى هذه المادة، ومن المتوقع أن يكون هذا الاكتشاف مهمًا بصورة خاصة لشركات التقنية، نظرًا لاستخدام الجرافين في الأجهزة الإلكترونية.
بحسب كونو فإن دخول جزيء واحد من أي مادة غريبة إلى الجرافين، يؤدي إلى تلوثه بشكل يؤثر على خواصه الكهربائية والضوئية، حيث إن هذا التلوث قد يؤدي إلى فقدان الجرافين القدرة على توصيل الكهرباء.
إن الطريقة التقليدية لقياس مدى فعالية التوصيل في المادة، تعتمد على توصيل الموصلات ومن ثم قياس خواصها الكهربائية، إلّا أن الطريقة الجديدة لا تتطلب التوصيل لقياس الخواص الكهربائية، حيث تعتمد التقنية الجديدة على دمج مركب فوسفيد الإنديوم الذي يقوم ببث موجات تيراهيرتزية عندما تتم رفع حرارته مع الجرافين، ومن ثم استخدام جهاز ليزر يطلق أشعة تحت الحمراء، وتسليط هذه الأشعة بتقنية نبضات الفيمتو ثانية، على مركب فوسفيد الإنديوم والجرافين، مما يؤدي إلى قيام فوسفيد الإنديوم بإصدار موجات التيراهيرتز من خلال الجرافين، وبهذا سيتمكن العلماء من التقاط الشوائب الموجود على الجرافين بواسطة جهاز التحليل الطيفي، من خلال الفقاعات الهوائية الأوكسيجينية الصغيرة التي تكونت على سطح الجرافين.
شملت التجربة التي قام بها الباحثون تكوين جرافين نقي باستخدام ترسيب الأبخرة الكيميائية وتحويلها إلى ركيزة فوسفيد الإنديوم، بعد ذلك قامت نبضات الليزر بتوليد دفعات متلاحقة من إشعاع تيراهيرتز، حيث تم تمرير هذه النبضات ضمن المجال الكهربائي المدمج في سطح ركيزة فوسفيد الإنديوم، وتغيرت هذه الموجات بسبب انتقال الشحنة بين الجرافين والجزيئات الملوثة.
أشار كونو أن موجات التيراهيرتز الصادرة عن فوسفيد الإنديوم كانت مختلفة عن الموجات العادية، حيث لم يقتصر التغيّر على كثافة انبعاث التيراهيرتز فقط، بل أيضًا تغير شكل الموجات الإشعاعية ، وأضاف أن هذه التقنية يمكن أن تقوم بتحديد موقع الجزيئات الملوثة وقياس مدى تغيرها مع مرور الوقت، حيث يقوم الليزر بإزالة جزيئات الأوكسجين تدريجيًا من الجرافين، مما يؤدي إلى تغيير كثافته.
النتيجة التي توصل إليها العلماء كانت بمثابة تحذير لمصنعي الأجهزة الإلكترونية، فمن المهم جدًا الأخذ بعين الاعتبار تأثير البيئة المحيطة على الجرافين عند تصنيعه، حيث إن وضعه في حيز من الفراغ أو إحاطته بطبقتين غير ملوثتين قد يؤمن له الاستقرار، إلّا أن تعرضه للهواء قد يؤدي إلى تلوثه مباشرة.