فلورنتينو جلّاد المدربين
7 أشهرٍ بالتمام والكمال، مضت على تعيين رافا بينيتيز ربّاناً لدفّة تدريب النادي الملكي، وها هو ذا يجد نفسه خارج أسوار القلعة البيضاء، ربما لأنه ارتكب بعض الأخطاء، وربما لكونه جاء في توقيتٍ خاطئ، وربما لكونه لم ينجح في إرضاء الكبرياء الملكي الذي تحدّثنا عنه من منصّة نون بوست في مقالٍ سابقٍ حمل عنوان:
هل ينجح رافائيل بينيتيز في إرضاء الكبرياء الملكي؟
وربما لأسبابٍ أخرى، أهمّها ديكتاتوريّة رئيس النادي الملكي فلورنتينو بيريز، التي دعته لطرد 10 مدرّبين خلال 12 موسماً قضاها كرئيسٍ للنادي، بدءاً بفيسنتي ديل بوسكي، كارلوس كيروش، أنتونيو كاماتشو، غارسيا رايمون، فاندرلي لوكسمبورغو ولوبيز كارو، خلال فترة رئاسته الأولى التي امتدت بين عامي 2000 و2006، ومروراً بمانويل بيلغريني، جوزيه مورينو وكارلو أنشيلوتي، الذين أقالهم خلال فترته الرئاسية الثانيّة منذ عام 2009، وانتهاءً ببينيتيز الذي أعلن عن إقالته في 4 يناير الماضي، ليسلّم دفّة تدريب الملكي من بعده إلى أحد أساطير النادي السابقين، بل هو واحدٌ من أهمّ ما أنجبت كرة القدم عبر تاريخها من لاعبين، إنه الفرنسي الشهير زين الدّين زيدان، الذي عاد إلى الأضواء الملكيّة مجدّداً، لقيادة الميرينغي كمدرّب.
محطّات من تاريخ زيدان كلاعب
بقميص المنتخب الفرنسي حاملاً كأس العالم عام 1998
-ولد يوم 23 يوليو 1972 في مارسيليا بفرنسا، لعائلةٍ جزائريّة مهاجرةٍ إلى فرنسا منذ عام 1953، قوامها الأب اسماعيل وزوجته مليكة، و5 أولادٍ أصغرهم زين الدّين، ولقبه بين أفراد عائلته (زيزو).
-مارس زيزو رياضة الجودو في طفولته، قبل أن يتحوّل إلى كرة القدم وهو في العاشرة، حين انضمّ لنادي (اتحاد سان هنري) بمارسيليا، ولعب في صفوف صغاره عاماً، ثمّ رحل إلى نادي (هوليس فالونيس)، ليلعب في صفوف أشباله مدّة 3 أعوام، قبل أن تلتقطه أعين كشّافي مواهب نادي (كان) الشهير، فتضمه إلى ناديها عام 1986.
-في نادي (كان)، لعب زيزو موسمين ضمن فرق الشّباب، قبل أن يتم تصعيده إلى الفريق الأوّل صيف عام 1988، حيث لعب مباراتين فقط خلال الموسم الأوّل، قبل أن يرتفع عدّاد مشاركاته ليبلغ الرقم 65 خلال مواسمه ال4 مع الفريق الأوّل، والتي نجح في تسجيل 6 أهدافٍ خلالها.
-صيف عام 1992، انتقل زيزو إلى نادي بوردو، حيث قضى 4 مواسم تحوّل خلالها تدريجيّاً إلى نجم الفريق الأوّل، بعد أن قادهم إلى الفوز بكأس (إنترتوتو) الأوروبي عام 1995، ثمّ إلى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي عام 1996، قبل أن يقرّر ترك النادي، بعد أن لعب له 174 مباراة سجّل خلالها 37 هدفاً.
-في يونيو 1996، انتقل زيدان إلى يوفنتوس الإيطالي، وهناك صنع نجوميّته بعد أن مكث 5 مواسم، توّج خلالها ب5 ألقابٍ مع البيانكونيري، أهمّها لقب الدوري الإيطالي مرتين في موسميه الأوّلين مع النادي، إضافةً لألقاب السوبر الأوروبي والانتركونتيننتال عام 1996، والسوبر الإيطالي عام 1997، كما لعب زيدان مع اليوفي نهائي دوري الأبطال عامين متتاليين، فخسروا نهائي عام 1997 أمام بروشيا دورتموند الألماني، ونهائي 1998 أمام ريّال مدريد الإسباني، الذي شاءت الأقدار بعد سنواتٍ أن يكون وجهته التالية، بعد أن أكمل 5 مواسم مع السيّدة العجوز، لعب خلالها 239 مباراة وسجّل 42 هدفاً.
-مع المنتخب الفرنسي، خاض زيدان 108 مبارياتٍ خلال مشواره الذي امتدّ زهاء 12 عاماً، سجّل خلالها 31 هدفاً، وحقّق إنجازاتٍ كبرى أبرزها عام 1998، عندما سجّل هدفين في نهائي كأس العالم أمام البرازيل، قاد بهما منتخب الدّيوك للتتويج بأوّل وآخر لقبٍ عالميٍّ في تاريخه، قبل أن يضيف كأس أمم أوروبا عام 2000 إلى إنجازاته مع الديوك، التي اختتمها عام 2006 بقيادتهم إلى نهائي كأس العالم، حيث كانت الهزيمة المرّة أمام إيطاليا بركلات الترجيح، بعد طرد زيزو إثر نطحته الشهيرة لماركو ماتيرازي.
-على صعيد الألقاب الفرديّة، تزخر خزائن زيزو بالكثير من الجوائز والتكريمات، أهمّها على الإطلاق اختياره من قبل منظّمة الفيفا كأفضل لاعب كرة قدم في العالم 3 مرّات، أعوام 1998، 2000، و2003، فضلاً عن فوزه بكرة (فرانس فوتبول) الذهبيّة عام 1998.
زيزو نجم الميرينغي
متوّجاً بدوري أبطال أوروبا مع ريـال مدريد عام 2002
مسيرة زيدان مع النادي الملكي كلاعبٍ بدأت في يوليو عام 2001، حين التحق بكتيبة المدرّب ديل بوسكي قادماً من يوفنتوس، مقابل مبلغٍ قُدّر ب66 مليون دولار، جعلته حينها أغلى لاعب كرة قدم على سطح المعمورة، وحفلت مسيرته بالكثير من الإنجازات، أوّلها كأس السوبر الإسباني التي فاز بها مطلع موسمه الأوّل، قبل أن يقود الكتيبة الملكيّة للتتويج بدوري أبطال أوروبا للمرّة التاسعة في تاريخهم، بتسجيله هدف الفوز الرائع في نهائي عام 2002 أمام باير ليفركوزن الألماني.
مطلع موسم 2002-2003، حقّق زيزو مع فريقه لقبي السوبر الأوروبي والانتركونتيننتال، قبل أن ينهي موسمه الثاني متوّجاً بلقب الدّوري الإسباني، أتبعه بلقب السوبر الإسباني عام 2003، ولتتوقّف الألقاب بعدها، ويمضي زيدان سنواته ال3 الأخرى مع الميرينغي دون ألقابٍ تُذكر، وليمثّل ختام موسم 2005-2006 خط نهاية مشوار النجم الفرنسي مع ريـال مدريد، بعد أن مكث معهم 5 مواسم، خاض خلالها 244 مباراةً وسجّل 59 هدفاً.
وبعد أقل من شهرين، أعلن زيدان -ابن ال34 عاماً- اعتزاله لعب كرة القدم تماماً، وذلك في 9 يوليو عام 2006، إثر خسارته نهائي كأس العالم مع منتخبه الفرنسي.
زيدان المدرّب
بجانب كارلو أنشيلوتي كمدرّبٍ مساعد
لا تتضمّن سيرة النجم الفرنسي كمدرّبٍ الكثير من التفاصيل، فخبرته التدريبيّة الوحيدة اكتسبها ضمن النادي الملكي، حيث دعاه القائمون على النادي للعمل ضمن الطاقم الفنّي للمدرّب جوزيه مورينو اعتباراً من عام 2010، قبل أن يرتقي إلى مرتبة المساعد الأوّل للمدّرب كارلو أنشيلوتي موسم 2013-2014، والذي انتهى بفوز الميرينغي بلقبه العاشر في دوري أبطال أوروبا.
اعتباراً من 25 يونيو 2014، اضطلع زيدان بمهمّة تدريب الفريق الثاني لريـال مدريد (كاستيا)، والذي ينشط في دوري الدّرجة الثالثة، ولم ينجح في موسمه الأوّل بالصعود بفريقه إلى مصاف أندية الدّرجة الثانية، ليكرر المحاولة في الموسم الحالي، الذي ترك فيه فريقه بعد 19 مرحلة، بعد أن حصد معهم 37 نقطةً من 10 انتصاراتٍ و7 تعادلاتٍ وهزيمتين، وضعتهم في المرتبة الثانية من مجموعتهم، على بعد 4 نقاط عن الصدارة.
وفي 9 يناير الجاري، خاض زيزو أولى مبارياته كمدرّبٍ للفريق الأوّل لريال مدريد، وكانت أمام ديبورتيفو لاكورونيا في ملعب سانتياغو بيرنابيو، ضمن المرحلة ال19 من الليغا الإسبانيّة.
التجربة الغوارديوليّة
زيدان وغوارديولا
راهن فلورنتينو بيريز عند تعيينه زيدان، على ما اصطُلح تسميته ب(التجربة الغوارديوليّة)، وهي التي قام بها الغريم برشلونة عام 2008، عندما غامر رئيسه بتسليم دفّة قيادة الفريق الأوّل للاعب النادي السابق بيب غوارديولا، رغم ضعف خبرته التدريبيّة حينها واقتصارها على فرق الفئات السنيّة، وقد آتت تلك المغامرة أكُلها ونجح بيب أيما نجاح، مفنّداً بعض الآراء التي شكّكت في نجاح تجربة تحوّل نجوم الكرة إلى لاعبين، والتي عزّزها إخفاق نجومٍ كثرٍ في نقل تجربتهم الناجحة كلاعبين إلى حقل التدريب، كمارادونا ولوثار ماتيوس وفان باستن وغيرهم، مقابل نجاح تجارب أخرى، كتجربة يوهان كرويف وفرانس بيكينباور قديماً، وغوارديولا ولوران بلان ولويس إنريكة وغيرهم حالياً.
فهل يكون رهان بيريز رابحاً، وينجح زيدان بدوره الجديد في كسب قلوب جماهير سانتياغو بيرنابيو، التي لطالما هتفت وتغنّت باسمه عندما كان لاعباً صنع ربيع النادي؟
وهل يفلح الفرنسي في نقل شغفه وفكره الكروي إلى لاعبي الميرينغي، فيُحدث لديهم صدمةً إيجابيّةً منعشةً، توقظهم من سباتهم الحالي، وتعيدهم إلى درب الانتصارات والبطولات، التي لن ترضى عنها الجماهير الملكية بديلاً؟
هذا ما ستجيب عنه بقيّة مباريات الموسم.