بعد أشهر من اغتيال السياسي التونسي محمد البراهمي، تكلم رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، وللمرة الأولى، عن محاولة انقلاب تعرضت لها كل مؤسسات الدولة في تونس، وتعرض له هو شخصيا، ودامت طيلة الصيف الماضي، وذلك في حوار مع وكالة الأناضول للأنباء، ذكر فيه الأسباب التي أدت إلى إفشال الانقلاب، متجنبا الكشف عن الجهة التي حاولت افتكاك السلطة.
وقال المرزوقي: “كانت هناك محاولة لإخراجي من هذا المكان (القصر الرئاسي بقرطاج) بوسائل غير ديمقراطية “، مضيفا: “خلال هذا الصيف شهدنا محاولة انقلابية بكل وضوح، وكانت هناك نية لاحتلال المجلس التأسيسي (برلمان مؤقت) ودعوة لاحتلال المقرات السيادية داخل البلد وكانت هناك مطالبات برحيل كل الأطراف”.
وأكد المرزوقي أن الانقلاب فشل ولكن ارتداداته مستمرة، قائلا : ” هذا الانقلاب لم ينجح وتونس بقيت مثل الباخرة التي تواجه عواصف حادة لكنها باخرة لم تغرق ومواصلة طريقها”، رابط فشل الانقلاب بعاملين أساسيين هما: “أن الشعب لم يتجاوب أبدا وإطلاقا مع كل دعوات الاستيلاء على المقرات، بالإضافة إلى أن تونس لديها جيش منضبط شرعي غير انقلابي وطني كان السدّ الحامي للوطن”.
وفي الوقت الذي أكد فيه المرزوقي بأن العامل الأول والأهم في إفشال الانقلاب هو القدر، قائلا: “أنا أؤمن أن ربنا حامي هذا الوطن”، قال في المقابل أن تجربة “الانقلاب الفاشل”، أكدت أن لتونس جهاز أمن أثبت بوضوح أنه أمن جمهوري لا يمكن استغلاله لتنفيذ مخططات انقلابية ولا ينحاز لفئة سياسية بعينها، مشيرا إلى أن حادثة ثكنة العوينة كانت حدثا شاذا أدانته كل القوى الأمنية الوطنية.
ومن جهة أخرى، ومن العاصمة الجزائرية، أعلن الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم، أن حكومة رئيس الوزراء الحالي، علي العريض، لن تستقيل قبل الانتهاء من صياغة الدستور والمصادقة عليه، أو قبل الانتهاء من تشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات.
وتأتي هذه التصريحات التي أدلى بها الغنوشي على إثر لقاء، هو الثاني من نوعه خلال شهرين والخامس خلال سنة، مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الأمر الذي فسره أسعد مقداد، الخبير المتخصص في العلاقات التونسية الجزائرية، لـ”العربية.نت” بأن “الغنوشي بدأ يشعر بأهمية العلاقات التونسية مع الجزائر، وبضرورة أن تتوجه الحكومة في تونس إلى العمل والتنسيق مع الجزائر في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، أكثر من أي جهة سياسية أخرى”.
في حين ربط مدونون ونشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي وعلى بعض القنوات المحلية، بأن قيادات عسكرية جزائرية تورطت في العملية الانقلابية التي أفشلتها تونس في الأشهر الماضية، من خلال تسهيل دخول جماعات إرهابية متمركزة في منطقة الجبال الحدودية بين الدولتين، وبأن الغنوشي يتردد على الجزائر للاستفادة من العلاقة الشخصية الطيبة التي تجمعه بالرئيس بوتفليقة، لإقناعه بضرورة ردع هذه القيادات وبأن المصلحة المشتركة للبلدين تستدعي نجاح مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.
وأشاد رئيس حركة النهضة، في تصريحاته، بالتعاون الأمني القائم بين البلدين قائلاً: “هناك تعاون كثيف بين الجزائر وتونس وبين جيشي البلدين لمقاومة كل أنواع الإرهاب والعنف”، مضيفا أن “التعاون لا يقتصر على الجوانب الأمنية بل يتعداها إلى التعاون الاقتصادي والتجاري”.
وأما رئيس الوزراء التونسي، فقد تصدر تصريحه يوم الأربعاء الماضي كل عناوين الأخبار، ففي الوقت الذي دعت فيه المعارضة التونسية للخروج للشارع للمطالبة باستقالة الحكومة، صرح علي العريض لوسائل إعلام محلية قائلا: “الحكومة لم تأت برغبة المعارضة، ولن ترحل برغبتها”، مؤكدا أن أولوية الحكومة الأولى هي مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وأن الحوار مستمرّ، لكن بشكل ثنائي أو ثلاثي بهدف فتح الانسدادات الحاصلة فيه، واصف تعطل الحوار بالأمر الطبيعي، مشيرًا إلى أن الحوار قد ينطلق من جديد خلال الأسبوع المقبل.