تصدرت حركة النهضة الإسلامية في تونس أمس الجمعة الكتل البرلمانية في البرلمان بعد تفعيل استقالات عدد من نواب نداء تونس رسميًا.
وقال حسان الفطحلي المكلف بالإعلام بالبرلمان التونسي لـ “نون بوست”: “بعد تفعيل استقالة 17 نائبًا من كتلة نداء تونس، تصدرت كتلة حركة النهضة المشهد البرلماني بـ 69 نائبًا، تليها حركة نداء تونس بـ 65 مقعدًا، ثم مجموعة الـ مستقلين المتكونة الآن من 17 نائبا في انتظار تفعيل 5 استقالات أخرى، ثم كتلة حزب الاتحاد الوطني الحر بـ 16 مقعدًا، ثم الجبهة الشعبية بـ 15 نائبًا، ثم كتلة آفاق تونس والحركة الوطنية ونداء التونسين بالخارج، والكتلة الديمقراطية الاجتماعية بـ 10 نواب و11 نائبًا غير منتمين لكتل.
وعن ماهية التغيير الذي سيطرأ على البرلمان التونسي بعد تصدر النهضة الكتل قال الفطحلي “التغيير سيشمل مكاتب بعض اللجان بما يتناسب وحجم الكتلة السابعة، الكتلة الجديدة”.
وأكد مراقبون بقاء الوضع في البرلمان التونسي على ما هو عليه على اعتبار أن الكتلة البرلمانية الجديدة ستحافظ على نفس منهج التصويت على المشاريع بحكم تقاربها الفكري واشتراكها في نفس الأرضية التي انبنت عليها مع كتلة نداء تونس الأم، بالإضافة إلى تأكيد حركة النهضة المتكرر لعدم نيتها الانفراد بالحكم واستغلال أزمة نداء تونس، فيما أكد أعضاء هذه الكتلة البرلمانية الجديدة عدم التزامهم السياسي لا مع الحكومة ولا مع المعارضة إلى حين انعقاد مؤتمر حزبهم التأسيسي في شهر مارس المقبل.
وسبق لرئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، أن أكد عدم نية حركة النهضة الانفراد بالحكم في ظل الانقسام الذي يشهده نداء تونس.
ووصف الغنوشي، أزمة نداء تونس بالطبيعية “على اعتبار أنه حزب تأسس على عَجَل من أجل تحقيق هدف معين هو الوصول إلى السلطة”، على حد قوله.
ويشهد نداء تونس منذ ما يزيد عن شهرين حالة انقسام حادة بين فريقين، الأول يدعم أمينه العام المستقيل محسن مرزوق والآخر يساند حافظ السبسي، وهو ابن الرئيس الباجي قايد السبسي.
وكان مرزوق قد أعلن عن تأسيس حزب جديد سيعلن اسمه في مارس المقبل، مشيرًا إلى أنه يضم شخصيات وطنية، وعقد نداء تونس السبت والأحد الماضيين مؤتمرًا بمدينة سوسة (شرقًا) أفرز قيادة جديدة بزعامة حافظ السبسي.
وتم أمس الجمعة إيداع ملف الكتلة الجديدة للنواب المستقيلين من كتلة نداء تونس بمكتب ضبط مجلس النواب، وتحمل هذه الكتلة اسم “الكتلة الحرّة” وهي تتكون حاليًا من 17 نائبًا في انتظار تفعيل استقالة الـ 5 نواب الآخرين من كتلة نداء تونس.
وإلى جانب استقالة أعضاء هذه الكتلة من كتلة النداء فقد استقال 8 نواب آخرين من الحزب، غير أنهم مازالوا ينتمون إلى الكتلة البرلمانية للنداء وقال الفطحلي لـ “نون بوست” في هذا الشان إن ما تم تداوله حول استقالة مجموعة من 8 نواب من حزب نداء تونس يعتبر استقالة آلية من الكتلة ووجب التوضيح أن كلا الموضوعين منفصلين حيث لا تؤثر الاستقالة الحزبية على حجم الكتل النيابية وترتيبها ولا تتعارض مع النظام الداخلي الذي يخوّل للنواب المستقلّين الانضمام للكتل البرلمانية.
وذهب العديد من المحللين إلى اعتبار أن الاستقالات المتكررة من حزب نداء تونس والانقسام الحاد بين قياداته هي نتيجة حتمية لالتقاء شخصيات وأطراف لا فكر ولا هوية تجمعهم، فبانتهاء المصلحة تنتهي الصداقة حسب وصفهم.
وكان من المقرر أن تجتمع الهيئة السياسية المنبثقة عن المؤتمر الأول لحزب نداء تونس الذي عقد الأحد الماضي، ظهر أمس، للتباحث حول موجة الاستقالات الأخيرة التي شهدها الحزب، لكن تم تأجيلها في آخر وقت.
ووصف القيادي المستقيل من الحزب فوزي اللومي ما حدث في سوسة (في إشارة للمؤتمر التأسيسي الأول) كان انقلابًا وأنّ المؤتمر كان فاشلاُ وخير دليل على ذلك استقالة رئيسه، وأضاف، تم تغيير أسماء المرشحين للجان التنظيمية والتي تم التوافق عليهم بأسماء أخرى بعد فرض الحاضرين في اجتماع جربة رأيهم، متابعًا ”70% من الحاضرين في مؤتمر سوسة لا علاقة لهم بنداء تونس وتم تعيينهم مؤخّرًا”.
وقال اللومي إنّه لم تقع استشارتهم في اختيار وزراء من نداء تونس، متابعًا في السياق ذاته بأنّ الندائيين المستقيلين كانوا ضد تعيين الحبيب الصيد رئيسًا للحكومة ليس لشخصه بل لأنّهم ضد تعيين رئيس حكومة من خارج نداء تونس، مؤكّدًا أن الهيئة التأسيسية هي من اختارت الحبيب الصيد.
وتؤكد حدة هذه الأزمة التي يمر بها حزب نداء تونس فشله في إدارة الحوار بين قياداته وعجزه عن إيجاد حل توافقي يجمع بين كل الأطراف على مبدأ واحد، فيما ذهب مراقبون إلى اعتبار فشل نداء تونس في الحفاظ على وحدته دليل على فشله في إدارة الأزمات وحكم تونس، وأرجعوا الأزمة التي تمر بها تونس في جميع الأصعدة إلى فشل نداء تونس في الحكم، معتبرين أن تصريحات قيادات الحزب قبيل الانتخابات السابقة بقدرة حزبه على تشكيل 4 حكومات تقود تونس مجرد خطابات لا تتجاوز لسان قائلها.
إلى جانب ذلك أعلن وزير الشؤون الاجتماعية استقالته من جميع الهياكل السياسية لحزب نداء تونس، في حين كتب وزير الصحة سعيد العايدي على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تجميد عضويته بالمكتب السياسي للحزب مع بقائهما في منصبهما الوزاري.
وأرجع مراقبون استقالة وزيري الشؤون الاجتماعية والصحة من حزب نداء تونس إلى عدم إعطاء هذين الوزيرين مسؤوليات حزبية عقب المؤتمر التأسيسي الذي عقد الأسبوع الماضي، الأمر الذي يؤكد أن صراع المناصب هو ما شتت نداء تونس وهو ما يحاول البعض نفيه.
وعبر العديد من المواطنين عن خيبة أملهم مما يحصل في الحزب الأول في تونس من انقسام وتشتت، وعن خشيتهم من إمكانية تأثير هذه الأزمة على العمل الحكومي والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
ووصف وزير التنمية التونسي ياسين إبراهيم في وقت سابق الوضع في تونس بالصعب بعد أن فشلت الدولة في تحقيق نسبة 0.5% في نموها الاقتصادي.