قضى نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني أرشيد حكمًا بالسجن وصل إلى العام ونصف العام في سجن ماركا، بتهمة “تعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة”، وفق ما أسند له مدعي عام محكمة أمن الدولة، وذلك بعد أن كتب على صفحته في “فيسبوك”، انتقاد لدولة الإمارات، لوضعها جماعة الإخوان المسلمين ضمن لائحة الجماعات الإرهابية.
297 يومًا قضاها بني أرشيد في سجنه، وكان من المفترض أن يفرج عنه ظهر يوم الإثنين بتاريخ 4 يناير، ولكن إدارة سجن ماركا، قامت بالإفراج عنه قبل ساعات من فجر يوم الإثنين، مسجلة بذلك سابقة هي الأولى من نوعها، وذلك بالإفراج عن سجين سياسي، قبل انقضاء مدة حكمه بالكامل، وفقًا لما بينه عبد القادر الخطيب، محامي الدفاع عن بني أرشيد.
وقال الخطيب في تصريحات خاصة “تفاجأت بخروج موكلي قبل موعد انقضاء حكمه بساعات، فقد أخبرتني إدارة السجن قبلها بيوم أن موكلي سيخرج ظهر يوم الإثنين، موعد انقضاء كامل مدة الحكم، ولكن الذي حصل أن إدارة السجن، طلبت من موكلي فجر الإثنين الاستعداد للإفراج، حيث قامت بإيصاله في سيارة أمن إلى منزله في حوالي الساعة الواحدة فجرًا”.
وفسر الخطيب قرار الإفراج عن موكله قبل موعده قائلاً: “يبدو أن إدارة سجن ماركا، قررت الإفراج عن موكلي فجرًا والناس نيام، وذلك لتفويت الفرصة على أنصاره ومؤيديه من التجمع والحشد أمام بوابة السجن، من أجل الاحتفاء به إكرامًا له، وإعلاءً من شأنه كما كان معلنًا من قبل، حيث دعت جماعة الإخوان المسلمين إلى التجمع أمام بوابة سجن ماركا لاستقبال موكلي عند خروجه وتهنئته بالإفراج”.
بني أرشيد طلب وكالات قانونية لمساجين لا يملكون مالاً
وتابع الخطيب حديثه عن أحوال موكله بني أرشيد داخل السجن بقوله “كان نائب المراقب العام لجماعة الإخوان محبوبًا جدًا من نزلاء مهجعه داخل سجن ماركا، وكذلك من الأمن في داخل السجن، فقد كان يحظى باحترام الجميع، حتى إن إدارة السجن عملت على تكريمه مع آخرين، وذلك بالسماح لأسرته بزيارته وتناول طعام الإفطار معه في رمضان الماضي”.
وواصل رئيس لجنة الحريات في حزب جبهة العمل الإسلامي حديثه عن موكله قائلاً: “من اللفتات الإنسانية التي تميز بها موكلي داخل السجن، أنه قد مر عليّ مدة من الزمن لم أزره في سجنه، وذلك بعد النطق بالحكم، وكان قد أعطى رقم هاتفي لأحد المفرج عنهم، وطلب منه الاتصال بي، وإخباري أنه يريد أن أزوره في السجن، وبالفعل قمت بزيارته بعد الاتصال الهاتفي، وإذ به يطلب مني أن أقبل وكالات قانونية لمساجين داخل السجن لا يملكون مالا من أجل توكيل محام”.
وكشف الخطيب أن الشيخ بني أرشيد، طلب منه تحديد موعد زيارة للنزلاء الذين كانوا برفقته في مهجعه، للاطمئنان عليهم وعلى أحوالهم، ولكن إدارة السجن رفضت طلب بني أرشيد دون إبداء الأسباب.
وأضاف محامي الدفاع “تقدم موكلي داخل سجنه، بشكوى قضائية ضد صحيفة الرأي، بتهمتي التحريض والإساءة، وذلك لنشرها معلومات إبان مثول بني أرشيد أمام القضاء، اعتبرها موكلي أنها ستؤثر على مسار القضية التي كانت ما زالت منظورة أمام هيئة قضائية”.
وبين الخطيب أن القضية ما زالت منظورة أمام المدعي العام، على أن يتم إحالتها إلى المحكمة خلال الأيام القليلة المقبلة، منوها إلى أنه سبق أن أقام بني أرشيد قضية ضد صحيفة الرأي، حيث حصل على تعويض مالي من الصحيفة بعد أن حكمت المحكمة لصالحه.
وحول مذكرات نائب المراقب العام، قال الخطيب: “إن موكلي كان يدون ويكتب كل الأحداث التي مرت به داخل السجن، وكان يحفظها على أوراق خاصة به، ولكن عند اقتراب موعد الإفراج عنه، قامت إدارة السجن بمصادرة المذكرات، الأمر الذي أغضب موكلي، في الوقت الذي يعتبر فيه قرار إدارة السجن مخالفًا لقانون السجون، إذ ينص القانون على تسليم المفرج عنه كل مستلزماته وحاجياته الخاصة، ويمنع مصادرتها”.
وأردف الخطيب قائلاً: “قمت بمراجعة إدارة السجن حول المذكرات، وطلبت منها تسليمها لموكلي، فوعدت الإدارة بتسليمها ولكن بعد تدقيقها وقراءتها”.
النزلاء أقاموا حفل وداع لبني أرشيد
من ناحيته، أكد علي بني أرشيد نجل الشيخ، أن إدارة سجن ماركا، فاجأت العائلة عندما أحضرت الشيخ إلى المنزل فجر يوم الإثنين، أي قبل موعد الإفراج بساعات، وهم لم يكونوا يتوقعوا هذا الأمر، حيث كانوا يهيئون أنفسهم لاستقباله ظهر يوم الإثنين.
وقال علي حول أول ما طلبه والده عند الوصول إلى المنزل فجر الإثنين: “كان أول طلب لوالدي من والدتي، هو إعداد فنجان قهوة، لأنه لم ير أن قهوة السجن كالقهوة التي كان يشربها في المنزل”.
علي بني أرشيد، اعتذر عن الاسترسال في الحديث عن أحوال والده داخل السجن أو ليلة الإفراج عنه، نزولاً عند رغبة والده، ولكنه أكد أن النزلاء في مهجع والده، أقاموا له حفلة وداع صغيرة، مع عشاء بسيط، وذلك قبل الإفراج عنه بلحظات، لتهنئته بمناسبة الإفراج والسلام عليه، وشكره على مواقفه معهم.
بني أرشيد عاكف على مبادرة إصلاحية
في النهاية، وحول المبادرة التي أعلن عنها نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني أرشيد، حاولنا معرفة عناوينها وبنودها وأهدافها، ولكن لم تحصل على إجابة وافية شافية.
فقد اكتفى مصدر داخل جماعة الإخوان بالقول إن “المبادرة التي أعلن عنها نائب المراقب العام، قد خطرت له في سجنه، وهو الآن عاكف مع الأطراف أصحاب العلاقة، ذوي الاختصاص، لدراسة المبادرة ومناقشتها، والسير في إجراءاتها لتخرج بالصورة النهائية”.
وتوقع المصدر قيام بني أرشيد بعقد مؤتمر صحفي قريبًا، لشرح بنود مبادرته، وتوضيح أهدافها، ووسائلها التي ستعمل على تحقيقها على أرض الواقع من أجل إنجاحها ورؤيتها النور.
إلى ذلك، يتساءل مراقبون ومهتمون بالشأن الإخواني، إن كانت مبادرة بني أرشيد الغامضة ستنجح في ظل التشظي والخلاف الذي تعيشه جماعة الإخوان المسلمين؟ وهل تعجل بني أرشيد في طرح مبادرته التي يصعب نجاحها وتقبلها بعد أن توسع الرتق على الراتق؟
فالمبادرة التي حسب المتوقع، سيتم عرضها من قِبل بني أرشيد على قيادة الجماعة للداخل الإخواني وللخارج السياسي، ينتظرها الكل بعد جريان كثير من المياه تحت الأقدام، فالمشهد اختلف، حيث يتطلب قراءة مغايرة للمعطيات والتحديات التي تواجه جماعة الإخوان المسلمين، فهل ستنجح المبادرة أم ستصبح كسابقتها؟
المصدر: أردن الإخبارية