يتصدر هاشتاج “أنا شاركت في ثورة 25 يناير” مواقع التواصل الاجتماعي في ذكرى الثورة المصرية، حيث يوضح النشطاء فيه مواقفهم من الثورة ومشاركتهم فيها تحت رايات مختلفة تعود لخلفيات وأحزاب تتباين فيما بينها، فبعد خسارة المعركة السياسية الذي وضحه العديد منهم في تغريدات بسيطة على تويتر، مازال الأمل يسيطر على مشاركي ثورة يناير باعتبارها الحدث التاريخي الذي كسر حاجز الخوف عند المصريين من النظام البوليسي الصارم، وهو الأمر الذي زعزع في نفوس المصريين عقود من السلبية والركود، والذي وحد لصفوف الأحزاب وطبقات المجتمع المختلفة أيدلوجياتها ومطالبها الاجتماعية والسياسية تحت راية واحدة، وهي الثورة على الفساد.
“أنا شاركت في ثورة 25 يناير” فكرة نوستالجية بحتة يذكر فيها المتظاهرون مواقف لهم أثناء مكوثهم في الميدان لمدة الـ 18 يومًا، ويعقدون مقارنات بينها وبين الوضع السياسي القائم في مصر حاليًا، فقد نال الهاشتاج أكثر من 7 مليون مشاركة من أنصار ثورة يناير في الذكرى الخامسة لها، موضحين بأن ثورة يناير هي أعظم حدث في تاريخ المصريين الحديث، حتى وإن نالت الثورة المضادة منه وانتصرت عليه في المرحلة الحالية، فهو الحدث الذي لم يعد المصريين كما كانوا من قبله، فتلك المسرحيات والتمثيليات الكاذبة التي يلعبها النظام أمام الشعب متمثلة في البرلمان أو الانتخابات لم تعد تلائم الشعب كما كانت تفعل من قبل، حتى وإن استمرت على نفس الموال بعد انتصار الثورة المضادة.
فبعد أن كان المصريون يتوددون للنظام الحاكم لدرء شره، بات الأمر بأن المصريين لا يخافون من ذلك الشر بعد الآن، حتى وإن مازال ذلك الشر أقوى من أنهم يستطيعون تغييره أو مقاومته.
البعض استخدم الهاشتاج كوسيلة للندم على المشاركة في الثورة، معلنًا بأنه لا مكان لشباب الثورة بعد الآن، ولن يقدر ذلك الجيل على الثورة مجددًا، فالعديد من جيل الثورة في السجن، والآخر مغترب، والعديد منهم يلجأ إلى رحلات الهجرة غير الشرعية والتي تودي بحياة الكثير منهم على شواطئ البحر المتوسط.
ما الذي منحته ثورة يناير وسلبته الثورة المضادة؟
من الممكن أن تكون الإجابة عن هذا السؤال هي الشعور بالانتماء، لم يشعر المصريون بهذا الكم من الانتماء والاهتمام بوطنهم كما شعروا به في ثورة الخامس والعشرين من يناير، فعلى الرغم من اختلاف طبقات الشعب واختلاف أفكارهم الثورية ومطامحهم السياسية، كان الجميع في الميدان، وبرزت وقتها مفاهيم الإنسانية التي فقدها المصريون لعقود تحت حكم الدولة البوليسية.
لمعت تلك المظاهر بداية من حماية الشعب نفسه بنفسه بعد هرب الشرطة في يوم 28 يناير وإطلاقها سراح البلطجية من السجون، إلى حماية الثوار لمداخل ومخارج ميدان التحرير لمنع وصول البلطجية إلى داخل الميدان، بالإضافة إلى تنظيف الشعب للشوارع بنفسه، حتى تحول الجميع إلى صاحب أرض، يهتم بها ويرعاها ويحميها، حيث عاد ذلك الشعور بالانتماء للوطن، والذي فقده المصريون طويلًا على الرغم من الحلم به دائمًا.
من أعظم إنجازت ثورة يناير أنها جعلت الشعب هو السيد ووضعت من يحكمونه فى موضعهم الحقيقى كخادمين للشعب وأُجَراءُ عندهhttps://t.co/KW4a8XAYlY
— Mostafa Alnagar (@alnagar80) January 18, 2016
بعد خمس سنوات من ثورة يناير، من في السجن؟
هذا السؤال بات مكررًا بشكل يسبب العجز وفقدان الأمل أحيانًا، فمع ارتفاع أعداد شباب جيل الثورة الموجودين خلف أسوار السجون المصرية حاليًا بدون محاكمة أو تهم موضحة منسوبة إليهم، فقد جيل الثورة الأمل في استمرارية الثورة بعد استيلاء الثورة المضادة على كل جوانبها، بالإضافة إلى مساندة أمراء وملوك الخليج للثورة المضادة، والتي مكنتها من التخلص من كل شيء يعود إلى الثورة.
المطالبة بحق السجناء في الصحة بات أمرًا غير قانوي في مصر بعد الثورة، والذي يعادل في قانون الثورة المضادة تهمة محاولة قلب نظام الحكم، حيث ألقت السلطات المصرية القبض على الدكتور طاهر مختار الذي ألقى الضوء على قضية “الإهمال الطبي في السجون جريمة”، حيث اتهمته السلطات المصرية بمحاولة قلب نظام الحكم، والشروع في أعمال عنف في أحداث ثورة 25 يناير، ليس الدكتور طاهر مختار الطبيب الوحيد الذي يلاقي مصير السجن بسبب مهنته، فسبقه الطبيب إبراهيم اليماني، الذي أتمّ عامًا كاملًا من الإضراب عن الطعام في السجن، حيث اتهمته الشرطة بالمشاركة في قلب نظام الحكم واعتقلته من أحداث مسجد الفتح في 2013 أثناء قيامه بدوره كطبيب في إسعاف المصابين.
محمود شوكان، أكثرمن 800 يومًا في السجن والتهمة كاميرا، بسبب تصويره لأحداث فض اعتصام رابعة في 2013، ليكون شوكان أبرز الأمثلة التي توضح انتهاك الصحافة وحرية التعبير في النظام المصري بعد حكم عبد الفتاح السيسي، فهناك ما يقرب من 600 حالة انتهاك للعمل الميداني الصحفي، و10 حالات قتل لصحفيين، بالإضافة إلى استمرار حبس 66 إعلاميًا.
ما يكتب حتى الآن عن ثورة يناير ليس إلا للتوثيق لأحداث تاريخية قد محت الثورة المضادة العديد من أجزائها بالفعل، وشوهت البعض الآخر في حرب نفسية عملت على تشويه الثورة والثوار ومازلت تعمل على ذلك، ربما إن قضت الثورة المضادة على أمل العودة للشباب، وإن بات الاستسلام الحل الأمثل لهم، يكون ذلك انتصار رسمي للثورة المضادة ورعاتها من أمراء وملوك الخليج.