*الصورة: من حملة إسرائيلية لطمأنة الإيرانيين بأن تل أبيب لن تقصف بلادهم
“ايران هي صديقة اسرائيل المفضلة، ونحن لا ننوي تغيير موقفنا بما يتعلق بطهران” بهذه الاقتباس المنقول عن رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحاق رابين بدأ تريتا بارسي وهو مؤسس والرئيس الحالي للمجلس الوطني الايراني الأمريكي ومؤلف كتاب التحالف المخادع عن التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة حديثه في أحد عروض TED الشهيرة متحدثاً عن قوة العلاقة الايرانية الاسرائيلية المحاطة بفقاعة مزيفة من التهديدات والحرب الاعلامية الفارغة، ثم يضيف : صدقوا أو لا تصدقو، الجملة السابقة اقتباس من حديث رئيس وزراء اسرائيلي ولكنه ليس بن غوريون او غولدا مائير من عهد الشاه، انه من حديث اسحاق رابين عام 1987 الذي يشير على أن ايران صديقة جيواستراتيجية في الوقت الذي كان فيه الخميني على قيد الحياة ومثله احمدي نجاد اليوم الذي يستخدمون أسوأ انواع الخطاب تجاه اسرائيل.
اليوم ونحن نسمع ارهاصات الحرب والتهديدات والخطب البلاغية نظن كما لو أنها مشكلة أخرى غير قابلة للحل في الشرق الأوسط، في الوقت الذي كانت فيه العلاقات بين الايرانيين واليهود ايجايبة للغاية منذ عام 539 قبل الميلاد عندما قام الملك سايروس عظيم الفرس بتحرير الشعب اليهودي من السبي البابلي حيث عاد ثلث الى العراق وثلت الى فلسطين، والثلث الأخير من اليهود آنذاك عادوا وعاشوا في بلاد فارس حيث يعيشون الان في ايران يشكلون الآن أكبر جالية يهودية في الشرق الأوسط خارج اسرائيل.
وحتى اليوم، لازالت العلاقات قريبة من بعضها البعض، وخطاب رابين ذاك الوقت يعكس عقوداً من التعاون في مجال الأمن والاستخبارات بين البلدين والتي ولدت من ادراك كليهما التهديدات المشتركة، حيث أن كلاهما يخشى دولاً قوية مثل الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة اضافة الى دول مجاورة مثل مصر والعراق، وانطلاقاً من المبدأ الاسرائيلي حول أمنها بعمل تحالفات مع دول غير عربية في المنطقة من أجل تحقيق التوازن بين الدول العربية الأمر الذي تحقق لها، بينما من وجهة نظر الشاه فانه كان حريصاً على أن يبقى الأمر سريّاً قدر الامكان، فعلى سبيل المثال عندما سافر رابين الى ايران في السبعينيات بنى الايرانيون مدرجاً خاصاً بعيداً عن المبنى الرئيسي لمطار طهران حتى لا يلاحظ المسافرون الطائرات المترددة بين تل أبيب وطهران.
الآن، وبعد نجاح الثورة الاسلامة في ايران في 1979 هل توقف ذلك كله ؟ الجواب لا، وعلى الرغم من ايديولوجية القيادة الجديدة المعادية لاسرائيل والواضحة في ذلك الا أن المنطق الجيوسياسي المشترك بينهما ما زال يقول أن الأخطار مشتركة مما أعطى عمراً جديداً للتعاون، وعندما اشتعلت الحرب الايرانية العراقية في عام 1980 خشيت اسرائيل من انتصار العراق مما دفعها لمساعدة ايران من خلال بيعها أسلحة وتزويدها بقطع تبديل للاسلحة الامريكية في الوقت الذي كانت فيه ايران تعاني من الحظر الأمريكي .
ومع انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي وهزيمة ايران للعراق شعر كلاهما كما لو أن التهديدات المشتركة بدأت بالتبخر وأنهما أصبحا أكثر أمناً، واسرائيل التي كانت أحرص على فتح خطوط التواصل والمحادثات يبن واشنطن وطهران أصبحت أكثر خوفاً وخشية من التقارب الايراني الأمريكي في الوقت الذي أصبح كلا البلدين مصدر خوف للآخر مما يجعل ايران بالنسبة لاسرائيل مصدر قلق على حساب أمنها الأمر الذي يعنيه عزل ايران دوليّاً والضغط في سبيل تحقيق ذلك واستمراره،كل ما سبق يعني أن الصراع الاسرائلي الايراني هو ظاهرة جديدة بجذور جيوسياسية مما يجعل الحلول سهلة العثور عليها وتحقيقها مع قليل من التنازلات.