نقل موقع تابناك الإيراني عن مصادر بالحرس الثوري الإيراني وصول جثث 100 عنصر من الحرس الإيراني قتلوا في العراق إلى الأراضي الإيرانية، حيث تم دفنهم في محافظة فارس بمدينة شيراز، ولم يذكر الموقع أي تفاصيل عن مقتلهم.
كذلك تسربت أنباء عن خلاف بين وزارة الخارجية والحرس الثوري الإيراني حول الجرحى اليمنيين في إيران، حيث ترفض الخارجية الإيرانية أن يتم دفن أربعة من القتلى الحوثيين داخل إيران، كما طلبت وزارة الخارجية ألا تكون هناك أي تغطية إعلامية لمثل هذه الأحداث، بالإضافة إلى عدم نشر لافتات أو صور للقتلى المدعومين من إيران الذين يسقطون بسوريا والعراق واليمن، حتى لا تأخذ السعودية موقفًا جديدًا ضد إيران بذريعة هذه التصرفات.
العامل المشترك في هذه الأحداث هو الحرس الثوري الإيراني ونشاطه المتزايد خارج حدود إيران في منطقة الشرق الأوسط بالتحديد، حيث تصل إلى طهران يوميًا خسائر عناصره المفقودة إما في سوريا أو العراق أو اليمن، ما يُعطي صورة ذهنية عن حجم قوات هذا الحرس خارج إيران.
هذا الأمر يؤكده قائد فيلق قدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، خلال حضوره في الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لمقتل العميد محمد علي الله دادي، الذي قتل في محافظة القنيطرة السورية، بأن لدى الحرس الثوري الآلاف من المقاتلين في سوريا، حيث أكد سليماني في حديثه أن المقاتلين الإيرانيين الموجودين في سوريا “أكثر مما يتصورهم العدو، ووجودهم هناك هو وجود مشروع للدفاع عن الثورة الإيرانية ومحور المقاومة” على حد تعبيره.
وعن الخسائر التي تكبدها الحرس الثوري خارج إيران في سوريا على سبيل المثال أضاف سليماني قوله: “من أجل الدفاع عن مزار السيدة زينب في الشام، قدمنا تضحيات كبيرة جدًا وسوف نستمر بتقديم أكثر مما قدمناه سابقًا للدفاع عن مقامات أئمة الشيعة بسوريا”.
هذا الحرس الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى مرسوم من قائد الثورة الإسلامية الإيرانية الإمام آية الله الخميني في مطلع مايو عام 1979، كجيش غير تابع للقوة التقليدية للجيش الإيراني النظامي، بقيادة مستقلة تتبع المرشد الأعلى للثورة مباشرة.
يتألف الحرس الثوري الإيراني – حسب تقديرات المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن – من 350 ألف عنصر، في حين يرى معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن أن عدد أفراده لا يتجاوز 120 ألفًا، ولكنه على أي حال قوة متنفذة داخل إيران لها ولاء مطلق لنظام الثورة الإيرانية.
تاريخيًا لعب الحرس الثوري الإيراني أدوارًا مهمة خارج حدود إيران في بداية الحرب ضد العراق بين أعوام 1980 و1988، وكذلك خلال الاجتياح الأمريكي للعراق، حيث اتهمت واشنطن طهران – من خلال فيلق القدس التابع للحرس الثوري – بمساعدة المجموعات الشيعية في العراق، كما تُسند مهام دعم حركات المقاومة والمجموعات الموالية لإيران في المنطقة وعلى رأسها حزب الله في لبنان إلى الحرس الثوري.
تتهم دول خليجية على رأسها المملكة العربية السعودية الحرس الثوري الإيراني بتهريب مواطنيين شيعة من الخليج إلى معسكرات تابعة له لتتم عملية تجنيدهم ومن ثم إعادتهم إلى بلدانهم في الخليج بأجندات تخريبية.
رصدت بعض التقارير الصحفية عملية تدريب الأجانب المقاتلين في سوريا والعراق مؤخرًا، حيث مواقع ومعسكرات التدريب للحرس الثوري والمخابرات الإيرانية، منها معسكرات “الإمام علي” في شمال طهران، ومعسكر “أمير المؤمنين” في كرج غرب طهران، وكذلك في “مرصاد” شيراز أحد أهم مراكز تدريب المقاتلين الأجانب، ومنهم عرب وأفغان وشيشان، وكذلك الأمر في لبنان بمدينة “بعلبك” وفي سوريا توجد معسكرات بمدينة حمص، وصولًا إلى إريتريا التي تعد مركزًا لتدريب وتمويل الحوثيين في اليمن.
وقد صدر تقرير أممي تابع لمجلس الأمن يؤكد ضلوع الحرس الثوري الإيراني في تدريب قوات الحوثيين في جزيرة صغيرة تقع قبالة الساحل الإريتري، حتى إن بعض التقارير أكدت أن معسكرات الحرس الثوري الإيراني امتدت حتى مقاطعة الواهيرا المنطقة الحدودية النائية بين فنزويلا وكولومبيا في أمريكا اللاتينية.
ومؤخرًا كشفت تقارير أخرى أن الحرس الثوري الإيراني درب عشرات الشيعة المغاربة قبل إرسالهم للقتال في عدة جبهات يشارك فيها الحرس الثوري في عدد من البلدان، حيث يُشار إلى أن أغلب هؤلاء الشيعة المغاربة قدموا من الدول الأوروبية، ويحمل أغلبهم جنسيات مزدوجة سهلت تنقلاتهم.
الخسائر الإيرانية التي تظهر تباعًا في سوريا تؤكد أن نشاط الحرس الثوري الإيراني في سوريا متزايد بشكل كبير، وهو ما توضحه حصيلة تم جمعها من مواقع إيرانية تؤكد أن ما يقرب من 100 مقاتل أو مستشار عسكري من الحرس الثوري من بينهم أربعة على الأقل من كبار القادة قتلوا في سوريا منذ أوائل أكتوبر العام الماضي، ناهيك عمن تم التعتيم على مقتلهم.
محللون عسكريون يؤكدون أن الجيش السوري النظامي في الآونة الأخيرة يلعب دورًا ثانويًا في الحرب الدائرة على الأراضي السورية مع المعارضة السورية المسلحة، بينما اضطلعت إيران والميليشيات المتحالفة معها بالدور القيادي في الحرب على المعارضة.
كذلك الخسائر في العراق التي ظهرت في نهاية العام 2014، حيث شهدت النقاط الحدودية الإيرانية من جانبي محافظة البصرة والأحواز في تلك الأيام حركة غير طبيعية، حين أصبحت وحدات من الحرس الثوري وسيارات إسعاف بكادرها الطبي الكامل تتمركز على النقاط الحدودية مع العراق لاستقبال القتلى والجرحى الإيرانيين في معارك بالعراق، تلك المعارك التي دارت بين المليشيات الشيعية التي تقاتل تحت إشراف فيلق القدس الإيراني من جهة، وثوار العشائر العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميًا باسم “داعش”.
وتفيد معلومات من داخل العراق أن الحرس الثوري الإيراني أرسل أكثر من 5000 مقاتل إيراني إلى المناطق الحساسة التي من الممكن أن تسقط بيد داعش، ومن أهم هذه المناطق هي مدينة سامراء التي يرجح أن أكثر القتلى الإيرانيين سقطوا في هذه المدينة، فيما يعد قاسم سليماني أحد قادة الحرس الثوري أحد أهم المحركين لمعارك المليشيات الشيعية المقاتلة على الأرض في العراق.