صنعاء.. ذوبان الجليد وبدء موسم التباب المتحركة

441

كل الطرق تؤدي إلى صنعاء، فالأحداث المتتابعة في اليمن تحدثك عن ذلك، فهي تعيش حربًا مفتوحة منذ انقلاب الحوثيين، الجماعة القادمة من شمال الشمال والرئيس السابق علي عبدالله صالح على السلطة الشرعية وإكمال السيطرة على أجهزة الدولة في 21 سبتمبر من العام 2014.

جبهات المعارك تزداد توسعًا وتقترب أكثر وأكثر من المركز المقدس كما دأب ناشطون إطلاقه على محافظات في الشمال، تعد معقلاً رئيسًا لمليشيات الحوثي والمخلوع التي واصلت زحفها وحربها في مناطق كانت بعيدة عنهم، لتبدأ حرارة الحرب تصلهم، تصل إلى حدود صعدة، كرسي الزيدية والإمامة في اليمن، بل وتقترب من صنعاء معقل الحكم الانقلابي ومخزن أسلحتهم الكبير.

فالمقاومة الشعبية في آزال بدأت بالعمل الميداني وهي تتقدم الجيش الوطني من عدة محاور وجبهات، قبل أشهر من المستحيل أن تتحدث عن وجود عمل للمقاومة في مناطق كانت تعد مغلقة للانقلابيين بل عملت لأن تكون الخزان البشري لمقاتليهم، فإعلان المعركة من مرتفعات شمال وشرق صنعاء تنبئ بأن زحف التباب نحو العاصمة صنعاء مركز الإقليم غدا واقعًا، وأن المعركة بدأت بالفعل.

أزيز المدافع بدأ يصل إلى ساكني صنعاء، والمعركة تحولت فلم يعد التحالف العربي يقصف مواقع المليشيا وصالح بالطائرات فقط، فعلى مقربة من العاصمة جيش وطني مدرب وكتائب أخرى للقبائل تستعد للانقضاض، وهي القبائل التي لا تختلف عن تلك التي أحاطت بها من قبل تحت مظلة الحوثيين وصالح، فتحركات عدة تتم لاستمالة أكبر عدد منها لتسهيل مهمة تحرير العاصمة.

الحوثي وصالح وتحالفهما، الذي سوق بأنه إستراتيجي، بدا كما يرى محللون وكأنه جليدي، فكتلته بدأت بالذوبان، من خلال الخروج الانفرادي للرئيس السابق ولقاءاته المتكررة مع السفير الروسي، ورسائله التي لم تصب شيئًا إلا الإعلان عن نهاية التحالف وأن عقد تحالفه مع الحوثي بدأ ينفرط.

تسريبات عدة تفيد بأن روسيا تعمل على إيجاد مخارج آمنة لحليفها صالح، الذي ما زال معولاً كثيرًا عليها وأنها ستعمل على إنقاذه من ورطته الكبيرة بحق اليمنيين، لكن روسيا وعبر سفيرها تتحدث بين الآونة والأخرى بأنها لن تقف مع معارضي الشرعية في اليمن، وإن احتفظت بعلاقاتها مع أطراف صنعاء فهو من أجل مصالحها كما يقول خبراء إستراتيجيون خصوصًا في صفقات الأسلحة التي تدر على خزينتها ملايين الدولارات، مع علمهم بقدرة التحالف بدخول صنعاء وأنه يعد العدة لتحريرها.

مؤخرًا خرج ممثل الأمم المتحدة من صنعاء نحو تعز في الجنوب التي تشهد قصفًا وحصارًا لسكانها منذ تسعة أشهر تقريبًا، وهي المنظمة التي واجهت انتقادات كبيرة، خصوصًا لممثلها السامي في صنعاء، الذي لم يتحدث في تقريره الأخير عن الأزمة خصوصًا في مدن عدت من قبل منكوبة، ووصف التقرير بغيرالمحايد والمنحاز للانقلابيين، بل ويعمل على تمرير أهداف سياسية كما تحدث عن ذلك ناشطون ومنظمات محلية ودولية أخرى.

فالزيارة الأممية تحريك لكتلة الجليد أيضًا، وظهور أن هناك من يدفع بالأزمة اليمنية نحو الحل ويضع ثقله كله من أجل تحريك كل الأوراق واستغلالها، بعد أن استغلت كثيرًا من قبل المليشيا وأجنحتها السياسية.

هو الآخر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، يسعى إلى عودة الفريقين إلى طاولة التفاوض بعد أن فشل مرتين في التواصل إلى أي نتائج ملموسة، نجح كما يسخر ناشطون من دخول صنعاء، على الرغم من أنه لم يكشف عن طبيعة مشاوراته في صنعاء، إذ لم يحصل على أدنى مطالب بإمكانها بناء قليل من الثقة وإعلان حسن النية في التفاوض، لكنه وصف عمله بالجيد وأنه خطوة في إذابة كتلة الجمود التي تعامل بها الحوثيون وصالح أمام ملفات عدة منها المعتقلين والإفصاح عن أماكن اختطافهم وعن حالاتهم الصحية.

لم يحدد الموعد القادم للتفاوض، ولم تحدد النهاية للمعركة التي بدأت في تخوم صنعاء أو تلك القريبة منها، ومن معقل ومخبأ زعيم الحوثيين في صعدة، حيث تدور معارك شرسة في حجة، ويقودها أقوى خصم للرجلين، إذ خرج من المشهد ليعود إليه وهو الجنرال علي محسن الأحمر، لتعود معه معركة التباب وزحفها مجددًا نحو مكاتب ومؤسسات الدولة التي دنستها المليشيا وقوات الرئيس السابق