“داداب” هو مخيم للاجئين في شمال شرق كينيا والمعروف بأكبر مخيم للاجئين في العالم، فهو بمثابة ملجأ ومسكن لأكثر من من 500.000 لاجئ تم توزيعهم على خمسة مخيمات مصغرة مختلفة، تم إنشاؤه عام 1992 كمخيم مؤقت لضم مجموعة من اللاجئين الصوماليين الهاربين من الحرب الأهلية والمجاعة في الصومال، إلا أنه تحول إلى مخيم بشكل دائم منذ ذلك الوقت، ويشكل الصوماليون 95% من نسبة سكان المخيم الآن، حيث وُلد جيل كامل في ذلك المخيم ولم يخرج منه قط.
يقع المخيم على بعد 100 كيلومتر مربع من حدود كينيا مع الصومال، وهو أقرب المخيمات لمدينة “غاريسا” التي شهدت حدث إرهابي العالم الماضي نتيجة هجوم حركة “الشباب” على جامعة غاريسا أسفر عن مقتل 147 ضحية، والذي أدى إلى إلقاء التهمة مباشرة على المخيم ومطالبة بعض السلطات في كينيا بغلق ذلك المخيم لوجود احتمالية كبيرة في تآمره مع المنظمات الإرهابية الصومالية كحركة “الشباب” باعتبارهم في حالة حرب مستمرة مع كينيا.
موقع مخيم داداب
يضم المخيم ما يقرب من 42 مدرسة و22 مستشفى والعديد من الأسواق، حيث يعتبر داداب مدينة سكنية متكاملة تعيش على التبرعات وإعانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، من المفترض أن يفوق العدد الموجود في المخيم العدد الحقيقي الموجود في السجلات، حيث توقفت مكاتب التسجيل عن العمل في المخيم منذ 2011، كما أصبح مخيم داداب من المخيمات المنسية عالميًا بعد أزمة اللاجئين السوريين، فوضح ذلك للعيان في يوم اللاجئ العالمي في العام الماضي، حينما اشتكى لاجئو المخيم من تحول الخيام من حالة سيئة إلى أسوأ مع استمرار عدم توفير خيام ومعدات جديدة للمخيم واستمرار حظر الحكومة الكينية بناء بيوت كاملة داخل المخيم منذ تأسيسه حتى اليوم، بالإضافة إلى أزمة الطعام التي يجاهد من أجلها برنامج الغذاء العالمي الذي انخفضت حصصه الخاصة بالمخيم بنسبة 30%، مما يعني أن اللاجئين في المخيم يحصلون على أقل من ثلث الحد الأدنى الموصى به من جانب الأمم المتحدة والمفوضية السامية الخاصة بشؤون اللاجئين.
ولد جيل كامل في مخيم داداب، ويبدأون في تأسيس حياتهم كما فعل آباؤهم داخل حدود المخيم، فتشير الإحصائيات الخاصة بالمخيم بميلاد 300 طفل كل شهر، ومعظمهم يولدون بوزن يقدر بنصف الوزن الطبيعي لطفل بصحة جيدة.
صورة لمخيم داداب من الطائرة
مخيم داداب مهدد بالنقل أو الإغلاق التام
أعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عن الحادث الإرهابي في جامعة “غاريسا” في كينيا والذي أدى إلى قتل 147 ضحية داخل الحرم الجامعي العام الماضي، مما أدى إلى تضييق الخناق على مخيم داداب سياسيًا، وأنذرت حكومة كينيا المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بنقل المخيم، نظرًا لاتهام الحكومة الكينية للمخيم بإيوائه مسلحين إرهابيين وتآمره مع الصومال في الحرب التي تشنها المنظمات الإرهابية على كينيا، مؤكدة أن الحركات الإرهابية لها علاقة وثيقة بتنظيم القاعدة وتتخذ المخيم ساحة للتجنيد.
فذلك تصريح من السلطات الكينية بعد الهجوم الإرهابي على جامعة غاريسا: “إن بقاء منطقة داداب خارج الاستهداف واقتصار الاعتداءات على غاريسا ونيروبي ومومباسا لا يعني أبدًا أن هذا المكان آمن، هنا ميدان تجنيد كل الذين ينفذون عمليات ضد الكينيين”.
هل نسي العالم أمر مخيم داداب؟
يبدو أن العالم نسي أمر مخيم داداب واتجه إلى قضايا أكثر إلحاحًا وتعقيدًا مثل أزمة لاجئي سوريا، فربما يهرب اللاجئ من بلده آملًا في أن يُلقب بلاجئ لمدة مؤقتة من الزمن، ولكن قد تمتد تلك المدة المؤقتة لربع قرن من الزمان مثلما حدث مع لاجئي الصومال في داداب، ولا يبدو أن هناك حل طويل الأمد للناس في ذلك المخيم.
خطر الكوليرا يهدد أكبر مخيم في العالم
أعلنت الأمم المتحدة في التاسع من الشهر الجاري وفاة عشرة صوماليين على الأقل بالكوليرا وإصابة ألف آخرين بهذا المرض في مخيم داداب للاجئين، وتفشى الوباء في نوفمبر في هذا المخيم، حيث انتشر بسبب تساقط الأمطار الغزيرة في هذا البلد خلال أسابيع عدة.
قام الكاتب بين راولينج بتصوير حياة اللاجئين في المخيم في روايته “مدينة الأشواك” CITY of THORNS باتخاذه حياة تسعة أشخاص مختلفين في المخيم؛ ليصور بهم الحياة الاجتماعية والسياسية للمخيم، كما يصور اقتصاد المخيم الذي يعتبر الآن إحدى المدن السكنية في كينيا، القائم اقتصادها على التهريب والذي وصلت قيمته بحسب تقرير صحيفة The Economist إلى 400 مليون دولار من التهريب بين الصومال وكينيا، مما دفع الحكومة الكينية إلى إقامة سور ضخم على الحدود بين البلدين للحد من عمليات التهريب وتدفق الأموال لتمويل المسلحين.
كما يصور الكاتب القيود السياسية التي تمنع اللاجئين من الخروج من المخيم، ويصور بعض الحالات التي تم إعادتها قسريًا إلى الصومال، كما تصور الرواية كيف تكون الحياة داخل حدود المخيم لعقود من الزمن للاجئين يطلقون اسم ” الوطن” على مخيم للاجئين لم يروا في حياتهم غيره، ويرتعبون من فكرة العودة إلى وطنهم الأصلي.