تترقب أعين وقلوب الكثيرين اليوم، ولأول مرة ومنذ 25 يناير من 2011 تصبح ذكرى الثورة الخامسة محط ترقب من الجميع، اشترك في القلق والأمل ولأول مرة كل الأطياف التي شاركت في ثورة 25 يناير 2011 بعد صراعات سابقة في الذكريات السنوية التي سبقت، وأيضًا ولأول مرة يشعر الجميع أن النظام أيضًا خائف.
فكيف سيمر اليوم؟
لا أظن أن ذكرى الثورة اليوم ستشهد انتفاضة ثورية أكبر مما شهدتها ذكرى 25 يناير لسنة 2015 على صعيد المظاهرات، نعم اختلف هذا العام بأن صار الجميع يتمنى رحيل السيسي، ولكن أيضًا وفي هذا العام أعلنت 6 أبريل ومعظم الأحزاب التي خرجت من رحم الثورة أن ما قالوه في 30 يونيو بأن “ميدان التحرير موجود إذا أتى انقلاب عسكري” ما هو إلا أكذوبة تم بسببها إراقة دماء الجميع وليس فقط من الإخوان بل من جميع التيارات التي صارت أقصى أمانيها إسقاط قانون التظاهر أو الاتشاح بالسواد.
وبين هؤلاء مازال الصراع داخل الإخوان المسلمين يتصاعد ولا يعلم المتابع إلى أين سينتهي.
ولكن هل هذه هي النهاية؟
يظن البعض أن إذا مر اليوم والغد والأسابيع التي تليه بسلام فإن بهذا يستطيع النظام إعلان نصره المظفر، لتنسحب الجموع الباقية في يأس وليصمت الزمان ردحًا وأجيالًا حتى تحدث هبة جديدة، ولكني لا أعتقد أن الأمر سيصير بهذه الوتيرة، فاليوم سيثبت النظام أنه قد أنهى جولته مع الحراك السلمي بضعف هذا الحراك وإظهاره أنه قد صار ضعيفًا وليس كما سبق.
ولكنه وفي نفس ذات الوقت سيمنح هؤلاء الهادئين العاملين المنتظرين تحت الظلال فرصتهم الحقيقية الأولى، في ظل مجتمع كتلته الحرجة تفور ثأرًا وعموم شعب غاضب اقتصاديًا ومعيشيًا.
وهنا بينما يظن أفراد النظام العسكري أن الأمر قد مضى بخير، يكون التاريخ قد بدأ كتابة صفحة جديدة من عمر هذه الأرض، مداد قلمه فيها اليأس والاستبداد ودموع الأمهات والزوجات والأبناء وتضحيات الرجال.
وهنا تفقد الجموع الكامنة والثائرة ويفقد الشباب من كل التيارات ثقتهم فيمن توجوهم يومًا قيادات سواء في تحالف دعم الشرعية أو جماعة الإخوان أو المجلس الثوري المصري أو 6 أبريل أو الاشتراكيين الثوريين أو غيرهم من النخب أمثال وائل غنيم والبرادعي وعبد المنعم أبو الفتوح ومن الإعلاميين والكتاب أمثال باسم يوسف وبلال فضل.
وهنا ومن حيث لا يحتسب النظام يكون قد نحت سكين ذبحه بجعل تلك الجموع وفي قلبهم الشباب يكفرون بكل من ألجموا ووأدوا ثورتهم يومًا.
ليبدأ نسيم الغضب، نسيم يعلم عقلاء النظام بقدومه ولكن أصواتهم ضائعة داخل قطار وقوده غرور القوة المفرطة، قطار مستمر في القمع والاعتقال والإخفاء القسري والتصفية والسرقة والنهب وإفقار من لم يكن فقيرًا.
قطار تعلوه رؤوسًا تعسة قد شاهت وجوهوها من الظلم يظنون أن بضعة دبابير على أكتافهم وسلاح قد يمنع غضب، قطار يعتمد فيه رؤوسه على نخبة تصدرت مشهد الثورة فصارت لها الثورة لقاء تلفزيوني أو منصب سياسي أو مقالة دورية تنشر أو بضع عبارات ثورية معلبة بعناية إعلامية جوفاء بالقصاص أو مصلحة اقتصادية.
ولكنهم لا يعلمون القادم من بعد اليوم، لا يعلمون الغد، فغدًا ينكشف العوار وتجرى سنة الاستبدال، ويبدأ الرجال في الالتحام مع جموع الصادقين، غدًا يبدأ تغيير الخطاب ويخرج من رحم الشباب الصادقين أمل القادة من تحت الظلال مشمرين عازمين، رجال يحبون دينهم ولا يحتقرون شعبهم ولا يتاجرون بآلامهم ولا يرضون إلا بالعدل والعدل للجميع لا فرق فيه بين غنى وفقير.
لتبدأ بذور الخير في الطرح من جديد، بذور ثورة لا تنفصل عن دينها فتهلك، ولا تنفصل عن آمال شعب أرضها وآلامهم فيتوسدهم الطغاة من جديد.
غدًا يصبح اليأس منحة، وتصبح الثورة هبة المخلصين.