يعاني الفلسطينيون في غزة من إغلاق مصر لمعبر رفح، المنفذ الوحيد لهم على العالم، حيث تستمر السلطات المصرية في التضييق على الفلسطينيين منذ الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي.
القطاع الواقع بين البحر وعدو ظاهر وأخ لم يعد يحاول أن يخفي عداوته، يقاوم الاحتلال الإسرائيلي والحصار المصري.
العام الماضي من حكم مرسي كان الأفضل في حياة الغزيين، فقد تم فتح المعبر، ليس بشكل كامل، لكن بشكل كان من الصعب حدوثه قبل تولي مرسي، كما أن مصر رعت صفقة الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط.
يحكي الفلسطينيون في غزة قصصا طويلة عن دور مرسي أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة عقب قتلها رئيس أركان كتائب الشهيد عز الدين القسام، وكيف أن مرسي استطاع أن يحصل للفلسطينيين على مكاسب لم يكونوا ليحلموا بها قبل تلك الحرب، كما أن الإسرائيليين لم يكونوا خاسرين من ذلك الوضع أبدا، بل على العكس، يقول أحد الضباط المشرفين على الحدود الإسرائيلية مع غزة في تصريح سابق للإيكونوميست البريطانية، أنه بفضل الاتفاق بين حماس وإسرائيل -الذي رعته مصر كذلك- فإن “التلاميذ الإسرائيليين يذهبون إلى مدارسهم في حافلات غير مدرعة وينامون على أسرتهم بدلا من النوم في الملاجئ.”
فمع حالة توازن الرعب التي أكدتها حماس بوصول صواريخها لتل أبيب، أصبحت إسرائيل أكثر احتراما لاتفاقاتها مع حماس، وأوقفت حماس صواريخها التي بلغت أكثر من ١٥٠٠ صاروخ العام الماضي لتصل هذا العام إلى ٥٠ صاروخا فقط بحسب الإسرائيليين.
إلا أن الوضع الجيد لم يستمر، على الأقل بالنسبة للفلسطينيين، فمع الانقلاب العسكري في مصر، وإدراك الجيش للعلاقة بين حماس والإخوان المسلمين في مصر، بدأت حملة التضييق، ليس على الحكومة الفلسطينية، وإنما على أهل غزة، في مسعى واضح لحث أهالي القطاع على “الثورة ضد حكم حماس”.
المصريون قالوا ذلك بوضوح، وتوفيق عكاشة الذي يُعتبر بوق العسكر للمزارعين البسطاء وأهالي الريف في مصر، أكد أن الجيش قد يدخل في حرب مع القطاع، ودعا بكل وضوح أهالي القطاع للثورة.
ويسود الاعتقاد في الشارع الفلسطيني أن النشطاء المغمورين في غزة الذين يدعون الى التمرد، ويقودون حركة “تمرد غزة” ليسوا سوى امتداد لثورة مضادة تقودها دولة الامارات وتهدف للاطاحة بالثورات العربية، وحكم الاسلاميين في العالم العربي، وهي على غرار حركة “تمرد” المصرية. بل وأوردت مصادر عديدة أن هناك تنسيق تم بالفعل بين تمرد مصر وغزة تم في مصر بحضور إماراتي وبدعم من بعض الأطراف الفلسطينية مثل القيادي سيئ السمعة الذي لفظته حركة فتح، محمد دحلان.
حماس من جانبها تحاول السيطرة على الوضع المتأزم بشدة، فمن جهة يحاول قادة حماس في الخارج إعادة تحسين علاقاتهم بممولي حماس الرئيسيين مثل إيران، والتي تسببت الثورة السورية وموقف المقاومة الإسلامية منها في انقطاع شبه كامل للعلاقات بين حماس وطهران و -بالطبع- دمشق.
ومن جهة أخرى تحاول حماس إعادة التذكير بشرعية حكمها للقطاع عبر إقامة عروض عسكرية تذكر الفلسطينيين بأمجاد المقاومة، كما تواصل الضغط السياسي على السلطة الفلسطينية عبر التأكيد على فشل المفاوضات التي يُصر الجانب الفلسطيني على إتمامها، والتركيز على المقاومة كحل وحيد للقضية.
حماس أيضا تتعامل مع الأمر بشكل إنساني، فقد قالت حكومة حركة المقاومة الإسلامية، في بيان لها أمس إن إصرار الجانب المصري على إغلاق معبر رفح لليوم العاشر، يؤكد على ما سمته «سياسة تأزيم للوضع الإنساني واستهتاره بمعاناة سكان قطاع غزة». وتساءلت الحكومة: «ما هي الفائدة التي تعود على الجانب المصري من استمرار إغلاقه للمعبر؟ وما هي الدوافع التي تجعل الجانب المصري يصر على إغلاق المعبر؟».
كما دعت حماس دول العالم المختلفة العربية والإقليمية إلى «التعبير عن موقفهم تجاه هذه السياسة المتواصلة التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني في غزة»، مطالبة بما سمته «وضع حد للاستهتار بحياة الفلسطينيين والتدخل الفوري والعاجل من أجل فتح معبر رفح الحدودي وكل المعابر المغلقة التي تخنق قطاع غزة».
يبدو أن الأمور تتجه في غزة نحو المزيد من التأزم، فالمصريون والإماراتيون يحثون دحلان على العودة إلى غزة وإعطائه دورا ما، لكن باسم نعيم، القيادي في حماس يقول “لسنا مثل الإخوان المصريين، فلن نكون ضحية سهلة المنال”،