أشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن ضباط رفيعي المستوى من جيش الاحتلال الإسرائيلي أطلعوا الصحفيين في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء المنصرم عن مخاوفهم بأن تنظيم الدولة الإسلامية الإهاربي قد أوضح بأن إسرائيل ستكون هدفه المقبل.
وذكرت الصحيفة في تقرير نشرته يوم في 26 يناير تحت عنوان “ضباط الجيش الإسرائيلي: تنظيم الدولة الإسلامية سيحول تركيزه إلى اسرائيل”، بأن تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم الدولة، والناشط في شبه جزيرة سيناء المصرية، يخوض حربًا دامية مع الجيش المصري، ولكن ضباط الجيش الإسرائيلي يعتقدون بأن المجموعة الإرهابية سوف تتحرك في نهاية المطاف لتستهدف إسرائيل.
ونقلت الصحيفة تصريحًا عن أحد ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي أشار فيه بأن “الصراع مع الجهاديين لن يحصل بالضرورة اليوم أو غدًا أو العام المقبل، ولكنه سيحدث بالمحصلة”.
وربط كاتب المقال، جوداه آري غروس، هذه المخاوف مع المقطع الصوتي الصادر عن زعيم الجماعة الإرهابية، أبو بكر البغدادي، في ديسمبر، والذي تضمن تهديدًا صريحًا لإسرائيل، موضحًا بأن هذا التهديد “هو الأول من نوعه الذي يدل على أن الدولة اليهودية أضحت على جدول أعمال الجماعة”؛ ففي تسجيل صوتي صدر على وسائل الاعلام الاجتماعية، حذّر البغدادي بأن قواته “ستلتقي قريبًا مع اليهود في فلسطين”، وأكد على أن “إسرائيل ستدفع ثمنًا باهظًا على أيدي مقاتلي الدولة الإسلامية”، واستطرد موجهًا خطابه لكيان الاحتلال قائلًا “فلسطين لن تكون أرضكم أو داركم، ستكون مقبرة لكم، فالله جمعكم في فلسطين حتى يقتلكم المسلمون”.
وأوضحت الصحيفة بأن المؤتمر الصحفي الذي عُقد يوم الثلاثاء فصّل العديد من المواضيع التي تم طرحها أيضًا خلال خطاب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، في مؤتمر دراسات الأمن القومي بتل أبيب الأسبوع الماضي، حيث وضّح آيزنكوت التهديدات المفترضة على الأمن الإسرائيلي والتي يشكلها حزب الله على الحدود الشمالية، حماس في غزة، الدولة الإسلامية في سيناء، واستمرار العنف في الضفة الغربية.
التهديد الشمالي
نقلت الصحيفة في ذات المقال تحت بند “التهديد الشمالي” ما صرّح به مسؤولو جيش الدفاع الإسرائيلي حول عدم احتمالية تلقي حزب الله، والذي وصفته الصحيفة على أنه التهديد المركزي لأمن إسرائيل، لأي تدفقات نقدية جديدة والتي يرتقبها البعض جرّاء رفع العقوبات عن راعيه الرئيسي الإيراني، حيث رجّح الضباط أن تستخدم إيران الغالبية العظمى من الأموال الجديدة التي ستقع تحت تصرفها جرّاء رفع العقوبات، لإعادة الاستثمار في قطاعها الاقتصادي المتداعي، وليس لتمويل الجماعة الإرهابية، كما جاء في وصف الصحيفة.
وأشارت تايمز أوف إسرائيل في مقالها بأنه وفقًا لتقديرات الجيش الإسرائيلي فإن حزب الله لا يزال يمثل عقبة خطيرة على أمن إسرائيل، حتى بدون التمويل الإيراني الإضافي، حيث جاء على لسان مسؤولي الجيش بأنه: “على الرغم من عدم وجود تهديد وشيك لوقوع أي هجوم في شمال إسرائيل، إلا أن حادثًا صغيرًا قد يشعل، عن غير قصد، صراعًا أكبر مع المجموعة الإرهابية الشيعية”.
وفي هذا السياق، اقتبس الكاتب على تصريح آيزنكوت ضمن مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي المنعقد في 18 يناير، والذي جاء فيه: “يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعدًا لاندلاع الحرب خلال فترة قصيرة للغاية، لذا من الخطأ أن نسخر جميع مواردنا لمكافحة الإرهاب”.
وعرّجت الصحيفة في هذا المقام لتسرد التقديرات الإسرائيلية لترسانة حزب الله الصاروخية التي وصفتها بأنها تضم حوالي 100.000 صاروخ قصير المدى قادر على ضرب شمال إسرائيل، بالإضافة إلى عدة آلاف من الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى تل أبيب ووسط إسرائيل، ومئات الصواريخ الأخرى التي يمكن أن تستهدف كافة أنحاء الأراضي المحتلة.
وتكهن المقال، بناء على تصريحات ضباط الجيش، بأن فتح صراع أكبر مع حزب الله من شأنه أن يؤدي على الأرجح إلى إسقاط الطائرات الإسرائيلية بصورايخ حزب الله المضادة للطائرات، مما سيسفر عن إغلاق مطار بن غوريون الدولي، استهداف سفن البحرية الإسرائيلية بصواريخ ياخونت الروسية المضادة للسفن، وأسر جنود جيش الدفاع الإسرائيلي من قِبل عناصر حزب الله، مما سيضطر الكيان الإسرائيلي للتفاوض من أجل استرجاعهم.
ونقلت الصحيفة على لسان أحد المسؤولين العسكريين الإسرائيليين قوله: “الحرب القادمة ستكون مختلفة، فحزب الله حوّل معظم القرى الشيعية في جنوب لبنان إلى مراكز عسكرية، وأصبح يميل بشكل واضح لتحويل المعركة إلى جوف الأرض ونقل المعركة إلى أرضنا، فحزب الله كان يحفر الأنفاق حتى قبل قيام حركة حماس بذلك”.
ولكن بذات الوقت، أوضح كاتب المقال بأنه من غير المرجح أن يضغط حزب الله لتجديد الصراع مع إسرائيل، نظرًا للخسائر الفادحة التي تكبدها مسبقاً منذ بدء الصراع في سوريا.
الجبهة الجنوبية
ذكرت الصحيفة إلى أنه وبالتزامن مع التهديد الذي ترتقبه إسرائيل من عناصر الدولة الإسلامية في سيناء، يواجه الجيش الإسرائيلي أيضًا تهديدات تلوح في الأفق من حركة حماس في قطاع غزة.
ويوضح كاتب المقال بأنه بصرف النظر عن حادثة إطلاق الصواريخ الأسبوع الماضي، كان قطاع غزة هادئًا نسبيًا جرّاء محاولات حماس لفرض النظام على الجيب الساحلي، ومنع الجماعات الإرهابية السلفية من إطلاق الصواريخ وتنفيذ عمليات إطلاق نار ضد المدنيين والجنود الإسرائيليين، ولكنه حذر على لسان المسؤولين العسكريين بأن هذا الهدوء لا يطمئن بخير، لأنه يشير إلى أن حماس تحضر للجولة المقبلة من الأعمال العدائية، تحفر الأنفاق، تدرب المقاتلين، وتبني قدراتها الصاروخية الجديدة.
تهديدات الداخل
تحت عنوان “تهديدات الداخل”، أوضح كاتب المقال بأنه بالتوازي مع التهديدات الخارجية التي تواجه الجيش الإسرائيلي من قِبل الميليشيات، كحزب الله وتنظيم ولاية سيناء، يجب على الجيش أن يتعامل أيضًا مع أعمال العنف الجارية داخل إسرائيل والضفة الغربية، حيث تطرق إلى حوادث قتل وإصابة مئات الإسرائيليين الجارية في الداخل منذ 1 أكتوبر من خلال حوادث إطلاق النار والطعن والصدم بالسيارات، مضيفًا إن هذا النوع من الهجمات يشكل تحديًا جديدًا للجيش والشرطة، اللذان يجب عليهما أن يكافحا اليوم لحماية المدنيين الإسرائيليين سواء داخل أو خارج المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، على حد تعبير الكاتب.
واستطرد الكاتب موضحًا بأن ضباط الجيش، ونتيجة لنجاح هذا النمط من الهجمات، يتوقعون اعتماد المزيد والمزيد من الإرهابيين الفلسطينيين، كما وصفهم المقال، على أسلوب التسلل إلى المستوطنات الإسرائيلية لمهاجمة السكان، كما أشار بأن الجيش الإسرائيلي، الذي يصف هذه الحوادث باسم “الانتفاضة المحدودة”، حاول عدم التعرض لغالبية السكان الفلسطينيين في ظل تضييقه على رماة الحجارة والقنابل الحارقة.
ولكن في ضوء الهجمات الأخيرة، اضطر الجيش، لاتخاذ إجراءات صارمة، كمنع العمال الفلسطينيين من دخول المستوطنات اليهودية، وإغلاق القرية التي ينحدر منها أحد منفذي الهجوم الذي وقع مساء يوم الاثنين في بيت حورون، وفقًا لما جاء بالمقال.
وخلص الكاتب أخيرًا إلى أنه في الوقت الذي يدعي فيه الجيش الإسرائيلي بأن القيود التي تم فرضها ضرورية لضمان سلامة المواطنين الإسرائيليين، فإنه يجب التخفيف من هذه التدابير والسماح للفلسطينيين بأن يمارسوا حياتهم الاعتيادية، لأن ذلك سيساعد في نهاية المطاف على تهدئة غليان الوضع الحالي.