تشهد النقابات على اختلافها في المجتمع المصري، وقفات احتجاجية في الفترة الماضية ضد قانون الخدمة المدنية لمنع تمريره في مجلس النواب، بحجة أن الحكومة تحاول بشتى الوسائل تحميل عجز الموازنة على الموظف والشعب بالعموم من خلال تقليص العمالة في الجهاز الحكومي المصري وتخفيض الأجور، بينما لا تتطرق الحكومة للأغنياء لا من قريب ولا من بعيد، ورفعت الاحتجاجات لافتات وشعارات تحث فيها الحكومة على أن يتحمل الإصلاح الأغنياء في مصر دون الفقراء، “فاتورة الإصلاح يجب أن يتحملها الأغنياء”.
ففي الأمس رفعت المجموعة النقابية “تضامن” – 30 نقابة مهنية وعمالية تمثل آلاف العاملين في القطاع الحكومي – في وقفة احتجاجية أمام نقابة الأطباء، شعارات ضد قانون الخدمة المدنية، رافضين تمريره للبرلمان للمرة الثانية بعد إصرار الحكومة المصرية على إقراره، ومن بين الشعارات المرفوعة “لا لقانون السخرة المدنية” و”الخدمة المدنية… باطل”.
وكان القانون قد رفض بأغلبية ساحقة من قبل مجلس النواب في يناير/ كانون الثاني الماضي، بينما تحاول الحكومة إعادته إلى المجلس مرة أخرى لمناقشته وتمريره.
رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية دعا في مؤتمر الأمس قبيل الوقفة الاجتجاجية، مختلف المحافظات المصرية للتأكيد على رفض القانون والضغط على النواب في دوائرهم لرفض القانون مرة أخرى، علمًا أن لجنة القوى العاملة في البرلمان تحاول تمرير القانون وتصويره على أنه جيد.
ماذا يعني قانون الخدمة المدنية؟
وصف البعض هذا القانون بأنه أشبه بخصخصة الوظيفة العامة وأنه سيكون سببًا في تدمير العمالة المصرية وتخفيضها إلى أقل من مليون وهو ما تصر عليه الحكومة وتسعى لإقراره، علمًا أن العمالة المصرية في القطاعات الحكومية يناهز عددها سبعة مليون موظف وفق الأرقام الرسمية.
مشروع القانون يسهل فصل الموظف العامل في القطاع الحكومي بدون حكم قضائي اعتمادًا على تقرير كفاءة بتقدير ضعيف بالإضافة إلى إمكانية حرمان العامل من بدل الإجازات وإنهاء خدمة المعين في أول 6 أشهر دون إمكانية التظلم أو الاعتراض.
النقابات ترفض القانون لأنه يشكل خطرًا على الجهاز الإداري للدولة برأي بعض النقابات، كما أنه سيؤدي إلى تقليل أجور العاملين وجعل الحوافز مبالغًا مقطوعة بعد أن كانت نسبة من أساسي الرواتب 5% سنويًا، وفضلاً عن هذا كله فإن هذه الخطوة في الوقت الحالي ستؤدي للضغط على العمال المصريين الذين يكتوون كل يوم من جراء غلاء الأسعار وتؤدي إلى إفقارهم بشكل أكبر.
وزير التخطيط المصري أشار في جلسة في البرلمان أن القانون يمثل نظامًا عامًا يسمح بوضع نظام خاص لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة بحيث يتم استبقاء العاملين الأكفاء وفق معايير أداء تضعها كل مؤسسة على حدى، وبحسب الوزير فإن القانون من المقرر أنه سينصف الموظف خلال فترة الخدمة وما بعدها، وأشار أن نصوص القانون تسري على كل الجهات الخاضعة للمادة 15 من قانون الموازنة.
وبحسب مصادر في وزارة التخطيط فإن القانون سيطبق على 34 وزارة من بينها الوزارات السيادية ويشمل الـ 27 محافظة في البلاد وجميع العاملين فيها، باستثناء المؤسسات التي لها لوائح خاصة مثل القضاة التابعين لوزارة العدل في حين أن العاملين المدنيين بالوزارة يطبق عليهم القانون.
بينما أكد رئيس لجنة القوى العاملة في البرلمان أن “القانون لن يخرج إلا بعد التوافق عليه من جميع الأطراف المرتبط بها دون تغول طرف على حساب آخر”، وأردف قائلًا “إن مجلس النواب ليس ضد العاملين كما يتم الإشاعة عنه”.
من مستثنى من القانون؟
تلقت لجنة القوى العاملة في مجلس النواب في وقت سابق، خطابًا من وزارة التخطيط بشأن الجهات التي ستطبق عليها نصوص القانون وإجمالي العاملين في الجهاز الإداري للدولة، يتضمن استثناء 2 مليون موظف من إجمالي عدد الموظفين البالغ عددهم 6.363 مليون موظف، حيث سيستثنى العاملون في هيئات تخضع للوائح خاصة بموازنة أجور قبل إعداد القانون ومنها الهيئات الاقتصادية والهيئات العامة مثل قناة السويس والهيئة القومية لسكك حديد مصر وهيئة النقل العام في القاهرة والإسكندرية واتحاد الإذاعة والتلفزيون.
من سيشملهم القانون؟
سيشمل القانون العاملين في الوزارات والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة التي تنظمها لائحة خاصة بالخدمة المدنية والتي أجور العاملين فيها 218 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي.
نقابة الأطباء تعترض!
وكيل نقابة الأطباء منى مينا اعترضت على القانون واستثناء بعض الجهات فيه ووصفت هذا الاستثناء بـ “عدم الدستورية”، فضلًا عن كيفية تطبيق العلاوة على أعضاء بعض القطاعات ومن بينها نقابة الأطباء، حيث قالت الوكيلة إن نقابة الأطباء لديها 11 اعتراضًا على القانون من أهمها نسبة العلاوات التي سبق أن خفضتها الحكومة وجعلتها لا تزيد عن 50 جنيهًا سنويًا على أصل الراتب.
الحكومة المصرية لا تعمل لصالح الشعب وتلبية متطلباته في هذه الأوضاع العصيبة التي يمر بها، فـ “القانون يضر الجميع في مصر” كما تقول وكيلة نقابة الأطباء التي اتهمت الحكومة أنها عازمة على القضاء على الموظف المصري بهكذا قوانين وإجراءات.