ما فتئ الجيش التونسي منذ تأسيسه، يحمي البلاد من الاخطار الخارجية ويساهم في تنميتها خاصة المناطق الحدودية منها، عكس بعض الجيوش العربية التي خيرت الانقلاب على ارادة شعوبها عوض حمايتها والذود عنها.
وتقتصر مهمة الجيش التونسي, بمقتضى الدستور، على الدفاع عن الوطن وحماية النظام الجمهوري. وينص الفصل 18 من الدستور على أن “الجيش الوطني جيش جمهوري وهو قوة عسكرية مسلحة قائمة على الانضباط، مؤلفة ومنظمة هيكليا طبق القانون، ويضطلع بواجب الدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة ترابه، وهو ملزم بالحياد التام. ويدعم الجيش الوطني السلطات المدنية وفق ما يضبطه القانون.”
في مثل هذا اليوم، منذ ستين سنة، 24 يونيو 1956، تشكلت أول نواة للجيش الوطني يوم وكان عدد أفرادها حوالي 5000 عسكري، قاموا بأوّل استعراض في شارع محمد الخامس بالعاصمة شاركت فيه تشكيلات من المشاة ومدفعية الميدان والمدرّعات.وكان الجيش التونسي من بين المؤسسات الأولى التي تمّ بعثها لاستكمال السيادة، بعد استقلال تونس من فرنسا في 20 مارس 1956.
يتولى الجيش التونسي حماية البلاد من الأخطار الخارجية وتأمين الحدود، يضم قوات برية وأخرى بحرية وجوية. خلال ثورة 14 يناير2011 والسنوات التي تلتها، اصطف الجيش الى جانب الشعب التونسي ورفض الانقلاب على ثورته. ودخل الجيش في حرب مع الارهاب، راح ضحيتها عشرات الجنود الى جانب مئات المسلحين, وفي مارس/آذار 2016، خاصت قوات الجيش والأمن التونسيين مواجهات عنيفة مع مسلحين في مدينة بنقردان التونسية القريبة من الحدود مع ليبيا أدت إلى مقتل حوالي 36 مسلحا وسبعة مدنيين و11 أمنيا وعسكري واحد، فضلا عن إصابة 17 بين مدنيين وأمنيين وعسكريين.
إلى جانب دوره الأساسي في المحافظة على سلامة التراب التونسي، يدعم الجيش مجهود الدولة لتنمية البلاد بما من شأنه تعزيز مناعتها. وساهم منذ تأسيسه في تهيئة المسالك الريفية وبناء المطارات وإحيـاء الجــزر و تنمية عديد المناطق الحدودية الصحراوية على غرار منطقة “رجيم معتوق” بمحافظة قبلي ومنطقة حزوة من محافظة توزر أقصى جنوب غرب البلاد على الحدود التونسية الجزائرية. ويعتبر مشروع تنمية رجيم معتوق الواقع بقلب صحراء تونس مشروع متكامل يشرف عليه ديوان تنمية رجيم معتوق التابع لوزارة الدفاع الوطني. و يتضمن إحداث واحات من النخيل والأشجار المثمرة والخضر تمتد على مساحة 2500 هكتارا، فضلا عن إنجاز البنية الأساسية على غرار القرية وتحقيق المرافق الضرورية بها, فتحولت “رجيم معتوق” من صحراء الى واحة يطيب فيها العيش.
في إطار مهمة الجيش التنموية، قرر رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدى إشرافه اليوم على موكب إحياء الذكرى 60 لانبعاث الجيش الوطني، بالثكنة العسكرية بالعوينة، إنشاء شراكة وطنية بين القطاعين العام والخاص في مجال التصنيع العسكري وذلك “للضغط على الكلفة والمحافظة على مدخرات البلاد من العملة الصعبة ومعاضدة المجهود الوطني في تشغيل الشباب واستثمار قدراته العلمية”.
وتعتبر الخدمة الوطنية في تونس واجبة لكل شاب بلغ العشرين من عمره وتدوم سنة، و يصبح كل من أدى الخدمة الوطنية احتياطيا في الجيش حتى سن الخامسة والثلاثين. وينص الفصل 2 من القانون عدد 1 لسنة 2004 المؤرخ في 14 يناير 2004 المتعلق بالخدمة الوطنية على أنه “يجب على كل مواطن بلغ من العمر عشرين عامًا أن يتقدم تلقائيًا لأداء الخدمة الوطنية ويبقى ملزمًا بأدائها إلى حين بلوغه سن الخامسة والثلاثين، ويمكن للمواطن البالغ من العمر ثمانية عشر عامًا أن يؤدي الخدمة الوطنية بطلب منه وبترخيص من الولي وذلك بعد موافقة الوزير المكلّف بالدفاع الوطني“.
رغم المجهودات التي يقوم بها الجيش التونسي على المستوى التنموي والدفاعي، فان يعاني من ضعف التسليح والعدد. ويبلغ عدد الجنود العاملين في الجيش التونسي, حسب ارقام غير رسمية نشرت سنة 2015, نحو 41 ألفا، في حين يصل الاحتياطيون إلى 12 ألفا. ويبلغ عدد دبابات التي يمتلكها جيش تونس نحو 180، وعدد المدرعات إلى 679، ولديه 138 طائرة حربية، و12 طائرة هجومية, و75 طائرة مروحية، و86 طائرة نقل وشحن، 40و طائرة تدريب، ونحو خمسين قطعة بحرية.
ولتفادي النقص الحاصل في عدد الجنود, أعلن رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد في وقت سابق عن رفع حصة التجنيد هذه السنة إلى 30 ألفًا وانتداب 12 ألف شاب وشابة في صفوف الجيوش الثلاثة.
وسبق لتونس أن ابرمت سنة 2014 اتفاقية لشراء 12 مروحية من نوع بلاك هوك الأميركية تسلم آخر دفعة منها عام 2019، وقد بلغت قيمة الصفقة نحو سبعمئة مليون دولار. وتحصلت تونس في نفس السنة على مساعدات عسكرية جزائرية تمثلت في طائرات وصواريخ أرض/جو روسية، إلى جانب تجهيزات أخرى. وفي سنة 2015 وقعت السلطات التونسية اتفاقا عسكريا مع الشركة الأميركية “نورثروب غرومان سيستم كوربوريشن” لتحديث أسطول الطائرات التونسية من نوع “F-5E/F Tiger II“، بمبلغ قدر بنحو 32 مليون دولار. كما سبق للجيش التونسي أن تعاقد مع وكالة في مجاليْ الدفاع والأمن (Defense Security Cooperation Agency)، لتحديث أسطوله من طائرات “أف 5” في المنطقة. وقد قامت تونس مؤخرًا السنة الماضية بتصنيع أول فرقاطة لها وفي العالم العربي والثانية بأفريقيا بعد جنوب أفريقيا وهي “استقلال بي 201” وذلك تصنيعًا محليًا كاملًا.
ويحظى الجيش التونسي باحترام وتقدير التونسي للدور الذي لعبه أثناء ثورة يناير 2011، ورفضه اطلاق النار على المتظاهرين السلمين. و كشف تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية حول مؤشر مكافحة الفساد في قطاع الدفاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السنة الماضية، أن الجيش التونسي يتصدر قائمة الجيوش العربية الأقل فسادًا.