بدأ الموسم السينمائي الصيفي باكرًا هذه السنة، ومنذ نهاية حفل الأوسكار، أخذت الأعمال ذات الميزانيات الضخمة تتهاطل واحدًا بعد آخر، وكما هو واضح، فإن هذا العام هو عام الأبطال الخارقين بلا منازع، تفضل ‘مبراطوريات الإنتاج الاستثمار في المضمون، والمضمون اليوم هو تلك الشخصيات الخارقة التي لها محبون بالملايين، والذين هم مستعدون لحضور أي شيء فيه شخصياتهم المفضلة، تتعدد الأجزاء بلا نهاية، وكلما تحدث نهاية، يجيء سيناريست بارع أو مخرج حكيم، لينبش أكثر ويعيد رسكلة الفكرة القديمة، أحيانًا لا يحتاج المنتجون إلى أية رسكلة، مجرد فكرة الاستمرار تغري المشاهدين بالذهاب ودفع التذكرة.
أغلب الأفلام المنتظرة لهذا الصيف هي أجزاء جديدة لأعمال قديمة، أو إعادة رسكلة، أو استعمال شخصيات معروفة في قصة جديدة، أعتقد أن هذا منذر بالخطر، فشركات الإنتاج لم تعد تريد المخاطرة، وهذا يعني أننا قد لا نرى فيلمًا بقيمة الماتركس يرى النور مثلاً، فيما يلي سأعرض عليكم أهم الأعمال السينمائية المنتظرة لهذا الصيف.
10ـ جايزن بورن Jason Bourne (يصدر في 29 تموز القادم)
كما هو واضح من العنوان، فنحن نتحدث عن الجزء الخامس من سلسلة أفلام العميل جايزن بورن، وكان النجم مات ديمون Matt Damon قد امتنع عن المشاركة في الجزء الرابع واشترط أن يكون المخرج هو بول غرينغروس Paul Greengross (مخرج الجزئين الثاني والثالث) وهو ما توفر في هذا الجزء الجديد.
لمن لا يعرف جايزن بورن، فهي قصة فاقد للذاكرة يكتشف رويدًا رويدًا أنه ضابط وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) من أولئك الذين تلقوا تدريبات خاصة في القتل، وتمر الأجزاء بين محاولته استعادة ماضيه المفقود، والتعامل مع هويته التي لا يذكر منها أي شيء.
في هذا الجزء، وقد تذكر جايزن بورن ماضيه، يعود الرجل إلى ذاكرته ليحاول فهم العناصر الغامضة المتعلقة بهويته، ويبدو من خلال مشاهد المقطع الدعائي، أن الأحداث قد أخذته إلى اليونان، في ذروة أزمة 2012.
9ـ بين هور Ben-Hur (يصدر في 19 آب القادم)
يعتبر فيلم بين هور أحد أهم إنجازات هوليود في الخمسينات، وحازت هذه الرؤية السينمائية لرواية الأمريكي لو والاس (Lew Wallas) على 11 أوسكارًا كاملاً سنة 1960 وظل الرقم قياسيًا حتى اليوم (بالتساوي مع تايتانك وسيد الخواتم: عودة الملك).
ويبدو أن شركة ميترو غولدمائير MGM تفتقر إلى الأفكار الجديدة فعادت إلى تلك التي صنعت مجدها، لقد نجح بين هور في زمن ما قبل الـ CGI والمؤثرات والخدع التي يتمتع بها الزمن الحالي، فما الذي يمنع نجاحه اليوم؟
لا تبدو القصة مختلفة عن قصة فيلم 1959، نحن في روما زمن ظهور المسيح، حيث يتعرض يهودي نبيل للخيانة (Judah Ben Hur) من صديقه الروماني، ويباع كالعبيد ويعيش مغامرة محفوفة بالمخاطر قبل أن يعود لينتقم.
أجل يمكن أن ندرج الفيلم ضمن طبق الدعاية اليهودية المألوف، وهي دعاية كما ذكرتُ هنا، من مستوى راق وينبغي أن نتعلم منها، ولكن قد يكون لها علاقة أيضًا بالمواقف الأوروبية المناوئة لسياسة الاستيطان الصهيونية، نوع من التذكير المعتاد بالخطيئة الرومانية التي على أوروبا أن تتحمل عبئها.
8- الآن تراني ـ المشهد الثاني Now you see me – Second Act (صدر في 10 حزيران)
أعتقد أنه من المقلق أن يصدر جزء ثان لفيلم “الآن تراني”، فالحقيقة أن هوليود لم تتوقف عن إنتاج فيلم من هذا الصنف، ربما منذ تحفة ستانلي كيوبرك الشهيرة “القتل” The killing سنة 1956، وأعني بهذا النوع، قصصَ الاحتيال التي تتمحور كلها حول خطة عبقرية لسرقة شيء ثمين، أو خداع خصم ما.
لاقى فيلم “الآن تراني” الذي أنتج سنة 2013 نجاحًا جماهيريًا لا بأس به حيث يملك درجة 7.3 من عشرة على موقع IMDB بينما قيمه جمهور rotten tomatoes بـ 70%، لكنه فيلم فقير فنيًا ويعتمد أكثر على الإبهار وعلى الوجوه الهوليودية المؤثرة، حيث نجد جيسي أيزنبرغ Jesse Eisenberg ومارك روفالو Mark Ruffalo، والنجمين مايكل كاين Michael Caine ومورغن فريمان Morgan Freeman.
حافظ المنتجون على التشكيلة نفسها في الجزء الثاني من أجل ضمان حظوظ أكبر في شباك التذاكر، ويبدو أن تقييمه الأولي لا يبتعد كثيرًا عن الجزء الأول، ويبدو أن القصة كذلك تتشابه قليلاً، رباعي من المحتالين يضعون خطة مجنونة لاختلاس أموال ضخمة بشكل علني ويمنحونها للناس على طريقة روبن هود، يعاود الرباعي الظهور في الجزء الثاني، تحت تهديدات ثري مهووس بالتقنية.
لماذا علي أن أقلق؟ لأن هذا النوع من الأفلام مطلوب من قبل الجماهير، ولا يمثل إنتاج فيلم جديد من هذا النوع مخاطرةً تجارية تذكر، فلماذا الإصرار على استعمال أفكار قديمة إن لم يكن افتقارًا للأفكار الجديدة؟
7ـ البحث عن دوري Finding Dory (صدر في 8 حزيران الجاري)
بعد ثلاثة عشر سنة من نجاح الجزء الأول “البحث عن نيمو” Finding Nemo، قررت شركة بيكسار Pixar أن الوقت قد حان للجزء الثاني، أو ربما لم تجد أفكارًا أفضل، المهم أن الفيلم الجديد يستعمل كل عناصر الجزء الأول تقريبًا، لا يوجد أي فن هنا، فقط صناعة الأفلام هي الغالبة، وجبة لا بأس بها من الأكشن والدراما والمغامرة والغوص في عالم البحار الفاتن والكوميديا الرائعة، خلطة يجيدها خبراء بيكسار بما أن أغلب أفلام الأنيمي ثلاثية الأبعاد تعتمد على هذه العناصر فعلاً.
في هذا الجزء، يحدث أن تتذكر السمكة دوري Dory أبويها اللذين أضاعتهما صغيرة، وتقرر البحث عنهما لأن لا شيء أهم من العائلة، ولأن دوري كانت قد ساعت مارلن Marlin في الجزء الأول في رحلة البحث عن ابنه نيمو Nemo، فقد رافق وابنه صديقته التي تعاني من فقدان الذاكرة القصيرة والهدف هو البحث عن والدين لا يعرفون عنهما أي شيء!
الفيلم عائلي جدًا وممتع لمن يريد أن يقضي وقتًا طيبًا مع أبنائه الصغار.
6ـ يوم الاستقلال: الانبعاث Independance Day :Resurgence (صدر يوم 24 حزيران الجاري)
بعد عشرين سنة من الفيلم الأول، وضعت شركة تونتيث سنتوري فوك 20th century fox نحو 165 مليون دولار في الجزء الثاني من فيلم يوم الاستقلال، ولمن لا يعرف الفيلم الأول، فقد كان من بطولة ويل سميث، ويتحدث عن احتلال الأرض من قبل قوة عسكرية فضائية، وعن أبطال المقاومة الذين حققوا الاستقلال.
في هذا الجزء يعود المحتلون بقوة أكبر وبشراسة أشد، وطبعًا بخدع بصرية أكثر تطورًا وصور بتقنية الـ CGI بشكل أكثر كثافة، ولكن بدون ويل سميث.
5ـ غوستبسترز Ghostbusters (يصدر في 25 تموز القادم)
يصدر في هذا الصيف فيلمًا جديدًا من سلسلة أفلام طاردي الأشباح Ghostbusters التي عرفت نجاحًا كبيرًا في الثمانينات، مع أسماء لامعة مثل بيل موراي Bill Muray وصاحب الفكرة دان أيكرويد Dan Aykroyd، ومع عودة السلسلة في الألفينات، يبدو أن الجمهور لم يملها بعد، ويبدو أن هناك مشاريع لإنجاز أعمال لاحقة أيضًا.
تتمحور السلسلة حول فريق من الخبراء في مطاردة الأشباح، ظننت هذا واضحًا من العنوان، ما ليس واضحًا هو أن السلسلة كوميدية حافلة بالإشارات الساخرة لأفلام الرعب والإثارة (مثل طارد الأرواح الشريرة The exorcist، أو جودزيلا، الخ) وهذا بالأساس سبب نجاحها.
في هذا الصيف، تقرر أن يكون فريق الغوستبسترز من النساء، وهو ما يمنح الفيلم ـ حسب صانعي القرار في شركة كولومبيا المنتجة ـ نفسًا جديدًا يسيل لعاب المشاهدين، لننتظر ونرَ.
4ـ أسطورة طرزان The legend of Tarzan (يصدر مطلع تموز القادم)
تعود شخصية طرزان للظهور هذا العام بعد نجاح الفيلم الجديد لكتاب الأدغال في مطلع السنة، وكأن بين ماوكلي وطرزان تسابقًا وتلاحقًا على الظفر بلقب بطل الأدغال الخارق، ويبدو أن الفيلم يعول أيضًا على ما توفره التقنيات الحديثة من صور متميزة شديدة المحاكاة للواقع، وبحسب الفيديو الدعائي، يبدو العمل مؤسسًا على قراءة أكثر واقعية وأكثر قسوة للأحداث، مع الحفاظ على العناصر الميثولوجية لها (الحبيبة الجميلة، الجسد القوي المتكامل، إلخ)، كما يعول الفيلم أيضًا على الأسماء المضمونة وعلى رأسها صاموائيل ل. جاكسن Samuel L. Jackson وكريستوفر فالتس Christopher Waltz.
أما القصة فتعود بطرزان الذي صار يعمل في لندن، إلى الأدغال حيث عليه أن يبحث في حقيقة الأنشطة التي تحدث في حوض منجمي هناك، فهل ينجح طرزان في شد الأنظار مثلما فعل من قبل ماوكلي؟
3ـ استحضار الأرواح 2 The Conjuring (صدر في 10 حزيران الجاري)
عرف الجزء أول من سلسلة استحضار الأرواح The conjuring نجاحًا كبيرًا دفع بالمنتجين إلى إصدار جزء ثان هذا الصيف قد لا يكون الأخير مع حمى الاستنساخ السينمائي هذه، تعود بنا السلسلة إلى أجواء سلسلة طارد الأرواح الشريرة The exorcist المرعبة الشهيرة، ولكن بشكل أقل قسوة وبشاعة.
لورين وإد وارن Warren هما زوجان خبيران في عوالم ما وراء الطبيعة، وفي استحضار الأرواح وطردها، يصنعان خبرتهما من خلال مساعدة أولئك الذين يتعرضون إلى حالات تواصل غريبة ومفزعة مع العالم الآخر.
وفي هذا الجزء ينتقلان إلى لندن حيث تجاهد امرأة عجوز لتربية أطفالها الأربعة في منزل يبدو أنه يعج بكائنات العالم الآخر.
يتميز الجزء الأول بحرفيته العالية، وجمعه الفريد بين وجود الرعب وغياب البشاعة، ومرد ذلك هو خلفيته المسيحية الواضحة، وعلى عكس أفلام الرعب المعتادة، لا نجد في هذا الفيلم مشاهد فاضحة، كما لا نجد مشاهد بشعة أو مقرفة، هذا بالإضافة إلى صورة العائلة المثالية كما تريدها الكنيسة الأمريكية، زوجان أبيضان وابنهما الجميل، والكائن الشيطاني وحده من يريد لهما سوءًا، وعبر هذه الأفلام “المستوحاة من أحداث حقيقية” كما يُزعم في البداية، تحاول الكنيسة أن تعيد صنع رابط بين المواطن الأمريكي وعالم الميتافيزيقا أو عالم الغيب الذي يحاربه الشق الملحد هناك، فهل ينجح الفيلم الجديد في لفت الأنظار إليه؟
2ـ ستار تريك ما وراء الحدود Star Trek Beyond (يصدر في 22 تموز القادم)
ينتظر أحباء سلسلة “ستار ترك” عددًا جديدًا هذا الصيف، يأخذهم إلى “الشركة” Entreprise وسفنها العملاقة وأبطالها الذين يواجهون مجاهيل الفضاء وأخطار الفضائيين منذ ستينات القرن الماضي، الحقيقة أنه يصعب على غير المتتبعين الإلمام بتفاصيل هذا العالم المتشعب الذي تكون عبر عشرات السنين، وعبر الكثير من الأعمال السينمائية والتليفزيونية والأدبية، لقد قدم صناع ستار ترك عبر السنين عالمًا كبيرًا ربما أكثر تعقيدًا من عالم حرب النجوم، لقد شكلت السلسلة لغة كلينغون Klingon التي أخرج أول قاموس لها سنة 1985، وبلغ هوس أحباء السلسلة درجة التكلم بها، واستعمالها، حتى ظهر عمل مسرحي كامل بلسانها.
ولكن أعتقد أنه يمكن متابعة الفيلم الجديد حتى لمن لا يعرف السلسلة، وذلك بناء على النجاح الذي حققه الجزء الفارط “ستار ترك: في وسط الظلمة” Star Trek : Into the Darkness خصوصًا في الصين، هذا الجزء يتبع ذات الخط الجديد الذي سارت عليه السلسلة منذ 2009، وفي هذه المرة تتعرض سفينة الشركة (USS Entreprise) إلى هجوم فضائي رهيب يجبر طاقم السفينة على الهروب، وفي الكوكب المجهول الذي رسوا فيه، لا تبدو للناظر أية وسيلة للنجاة بل إنهم وجدوا هناك مفاجآت سيئة.
1- الفرقة الانتحارية Suicide Squad (يصدر في 5 آب القادم)
ربما يكون الظهور الأول للفرقة الانتحارية على الشاشة الكبيرة أهم الأحداث التي تنتظرها الجماهير لهذا الصيف، فبعد تجربة فيلم باتمان ضد سوبرمان التي أثارت جدلاً بين متتبعي عالم الأبطال الخارقين، يتجدد التحالف بين شركة DC Comics للقصص المصورة وعملاق هوليود Warner Bros، ولكن على العكس من الفيلم الأول، فمدار هذا العمل فكرة نقيض البطل (Antihero)، حيث تضم فرقة الانتحاريين مجموعة من المجرمين الخطرين الذين عرضت عليهم الحكومة مساعدتها مقابل الحرية، وتتمثل المهمة في عملية سرية ضد الجوكر The Jocker الذي يعرفه الجمهور في سلسلة أفلام باتمان، لا ننسى هنا أننا في العالم الخيالي ذاته، حتى باتمان سيسجل حضوره في هذا الفيلم.
لكن ما يشد الانتباه أيضا هو طاقم العمل، فبالإضافة إلى بين أفليك Ben Affleck الذي يمثل دومًا شخصية باتمان، يعود ويل سميث Will Smith للظهور في شخصية نقيض البطل وذلك بعد آدائه المحمود لشخصية هانكوك Hankock، يقدم ويل سميث هذه المرة شخصية Deadshot القناص، أما الجوكر، تلك الشخصية التي أخذت بعدًا آخر مع كريستوفر نولان وهيذ ليدجر في فارس الظلام، فسيقدمها في شكلها الجديد المبدع جارد ليتو Jared Leto (مرثية حلم Requiem for a dream، نادي دالاس للمشترين Dallas Buyers Club، السيد لا أحد Mr Nobody) وبحسب ما بدا على الفيديو الإعلاني، فقد نشهد عملاً فنيًا ملفتًا.
تتميز الفترة الصيفية عمومًا بأفلام الجماهير، الكثير من الأبطال الخارقين، الكثير من كوميديا الشباب الطائش، الكثير من الحركة والانفجارات، والكثير من الصور المتحركة المسلية، لكن يبدو أن صيف 2016 هو صيف الأبطال الخارقين بشكل غير مسبوق، بشكل يجعلنا نتساءل في وجل: إلى أين تمضي صناعة السينما؟