أنور عشقي في إسرائيل .. مسيرة التطبيع تتكلل بالزيارة

screen_shot_2016-07-24_at_6

قبل عام بالتحديد، وفي يونيو 2015، قام مجلس الشؤون الخارجية الأمريكية بتنظيم مؤتمر في واشنطن ضمّ لواءا سعوديا متقاعدا يُدعى أنور عشقي، والذي عمل مستشارا لرئيس المخابرات السعودية السابق بندر بن سلطان، ودور غولد، المدير العام لوزارة الشؤون الخارجية الإسرائيلية، ومؤلف كتاب “مملكة الكراهية: كيف دعمت المملكة العربية السعودية الإرهاب العالمي الجديد”، واللذان تحدثا عن العدو المشترك بين السعودية وإسرائيل: إيران!

وقبل عام من ذلك التاريخ، عقد السعوديون والإسرائيليون سلسلة من الاجتماعات السرية غير الرسمية، بغية وضع الخطط وإيجاد الإستراتيجيات لمواجهة النفوذ الإيراني!
جرى أحد تلك الاجتماعات في لكناو بالهند، وتم تنظيمه من قِبل مؤسسة فكرية بارزة في دلهي، وكانت الوفود تضم لفيفًا من كبار المسؤولين العسكريين السابقين، حيث كان الوفد الإسرائيلي مكونًا من أعضاء مركز القدس للشؤون العامة والذي يضم -للعجب- دور غولد نفسه، فيما كان الوفد السعودي مكونًا من أعضاء مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والقانونية، والذي يرأسه -للمفاجأة!-  اللواء المتقاعد الدكتور أنور ماجد عشقي.

كان الوفدان السعودي والإسرائيلي يجلسان في الهند على جانب واحد من الطاولة بمواجهة المشاركين الهنود، وبحسب أحد المعلقين فقد كانت الواقعة تؤكد طغيان حسابات الجغرافيا السياسية وليس الأيديولوجيا على خيارات الدول.

 وخلال الأيام الماضية، قام اللواء المتقاعد أنور عشقي بزيارة إسرائيل ذاتها هذه المرة.
 
 فقد كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن زيارة قام بها الجنرال عشقي إلى القدس المحتلة للقاء كلاً من مدير عام وزارة الخارجية دور غولد، الذي نعرف أنه صار صديقه منذ وقت طويل، ومسؤول التنسيق الأمني في الضفة الغربية المحتلة يوآف مردخاي في فندق الملك داود.

وقالت الصحيفة في تقريرها إن عشقي حضر إلى إسرائيل مصطحبا معه ببعثة أكاديمية ورجال أعمال سعوديّين، التقوا خلال الزيارة الحميمة بمجموعة من أعضاء الكنيست، بهدف “تشجيع الخطاب في إسرائيل، حول مبادرة السّلام العربيّة”.

لكن عشقي الذي ظهرت صورة له بصحبة أعضاء الكنيست الإسرائيلي نفى أن تكون زيارته لإسرائيل! قائلا إن زيارته كانت لفلسطين للوقوف على أوضاع المعتقلين الفلسطينيين وأسر الشهداء.

لا يعلم أحد أي أسر شهداء هم الذين كان يقابلهم عشقي أثناء لقائه بأعضاء الكنيست كسانيا سفيتلانا وعومر بار ليف (عن المعسكر الصّهيونيّ)، أو وميخال روزين عن حزب ميرتس!

السعوديون والعرب عبروا عن غضبهم من زيارة عشقي لإسرائيل، خاصة مع تصريح الحكومة السعودية وموقفها المعلن بمنع مواطنيها من السفر إلى عدة دول، من ضمنها “إسرائيل”.

واعتبرها البعض خيانة عظمى!

تصريحات عشقي التي حاول أن يبرر بها زيارته جلبت عليه غضب الكثيرين من الفلسطينيين والعرب أيضا

كذلك أدانت حركة حماس زيارة عشقي، حيث صرّح النائب عن الحركة يحيى موسى بأن تلك الزيارات تشجع “على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني”.

لكن الكثير من المحللين يتفقون على أن زيارة عشقي لا يمكن أن تتم بدون موافقة عليا من داخل النظام الملكي السعودي. فاليوم ، تدرك كل من السعودية وإسرائيل حاجتها للطرف الآخر، خصوصًا في ظل الأحداث التي تمر بها المنطقة، فبالإضافة إلى إيران، لدى الطرفين العديد من المصالح المشتركة، تحديدًا في مصر، كما أن هناك عدد من الأعداء المشتركين مثل تنظيم داعش وحتى حركة المقاومة الإسلامية حماس، والتي ترتبك تجاهها المواقف السعودية بشكل كامل.

لكن إيران تَعد أقوى ما يوحد العلاقات بين السعودية وإسرائيل، فكلا الطرفين ينظر إلى إيران على أنها الخطر الأكبر له وللمنطقة، وتحديدًا فيما يخص تطوير إيران للأسلحة النووية، وقد ازدادت حدة الانتقادات الصادرة من السعودية وإسرائيل ضد إيران على وتيرة واحدة وبأسلوب متشابه خصوصًا بعد الصفقة الإيرانية – الأمريكية وتقارب العلاقات الأمريكية – الإيرانية، كما أن ازدياد التأثير الإيراني في المنطقة في العراق وسوريا ولبنان واليمن من الأمور التي تزيد من التوافق السعودي الإسرائيلي بخصوص الخطر الإيراني.

ورغم أن مبادرة السلام التي اقترحتها السعودية منذ 10 سنوات تقتضي أن تنسحب إسرائيل من حدود 1967 إلا أن في هذا الأمر إشارة أيضًا إلى أن وجود الكيان الإسرائيلي في المنطقة ليس بمشكلة للنظام السعودي، وليس من صالح كلا النظامين الإعلان عن هذا التعاون الخفي، ورغم أن النظام السعودي ينفي أي تعاون محتمل مع إسرائيل إلا إذا قبلت إسرائيل بالانسحاب من حدود 1967، وهو ما يؤكد عليه عشقي باستمرار!، إلا أنه إذا اشتد الخطر الإيراني ووجدت السعودية وإسرائيل أنفسهما محاصرين فإن الطرفين قد لا يجدا مفرًا من أن يتعاونا على العلن في سبيل تحقيق مصالحهما.