جاء الإعلان عن توقيع الحكومة الأردنية ممثلة في شركة الكهرباء، لاتفاقية استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل عبر شركة “نوبل إنيرجي” الأمريكية، بقيمة 10 مليار دولار خلال الـ 15عامًا القادمة ليثير الجدل مجددًا داخل الشارع الأردني خاصة والعربي بصورة عامة.
ففي الوقت الذي يتمتع فيه الأردن بعشرات البدائل لتوفير مصادر الطاقة إذ به يبرم أكبر صفقة في تاريخ علاقاته بالكيان الصهيوني، وهو ما عبر عنه وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، بوصفه للاتفاقية بأنها حدث تاريخي، وإنجاز قومي يحسب للقيادة السياسية الحاكمة بتل أبيب.
الاتفاقية التي بدأت إرهاصاتها الأولى عام 2014، وقوبلت بالرفض حينها شعبيًا وبرلمانيًا، ها هي اليوم تدخل حيز التنفيذ دون اعتبار للإرادة الشعبية التي انتفضت رفضًا وتنديدًا لهذه الصفقة التي وصفت بأنها “بيع للوطن” وليس شراء للغاز، مطالبين بإلغائها فورًا كون أن الغاز المراد استيراده من قبل الكيان الصهيوني هو غاز فلسطيني في المقام الأول.
العديد من الأسئلة تطرح نفسها في هذا الملف وتبحث عن إجابة: طالما أن هناك بدائل متوفرة لإنتاج الطاقة فما الحاجة لاستيراد الغاز من الكيان الصهيوني؟ وهل هناك ضغوط مورست على القيادة الأردنية لتوقيع هذه الاتفاقية؟ وكيف يتم تمريرها شعبيًا بعدما رُفضت في السابق؟ ثم في النهاية: هل تعلم الحكومة الأردنية مصارف إنفاق قيمة هذه الصفقة من قِبل إسرائيل ووقعها على مستقبل الفلسطينيين وقضيتهم؟
ندرة مصادر الطاقة
تعد أزمة الطاقة وندرة مصادرها أكبر التحديات التي تعرقل مسيرة المملكة الاقتصادية، إذ تستورد عمّان ما يقرب من 96% من حاجتها للطاقة، وفي ظل الزيادة السكانية السنوية ارتفعت قيمة وتكلفة استيراد مصادر الطاقة من الخارج بنسبة تزيد عن 170% خلال أقل من خمسة سنوات، من 1.8 مليار دينار (2.5 مليار دولار) في 2009 إلى حوالي 3.9 مليار دينار (5.5 مليار دولار) في 2013، وصولًا إلى ما يقرب من 6 مليار دينار (8.4 مليار دولار) في 2016، وهو ما أثر بصورة سلبية على موازنة الدولة ومنظومتها الاقتصادية.
ارتفعت قيمة وتكلفة استيراد مصادر الطاقة من الخارج بنسبة تزيد عن 170% خلال أقل من خمسة سنوات
وأمام هذا الارتفاع الجنوني في قيمة استيراد مصادر الطاقة من الخارج فضلًا عن الانخفاض الكبير في حجم استيراد الغاز الطبيعي من مصر في الآونة الأخيرة، وهو ما ترتب عليه اللجوء إلى استيراد كميات أكبر من مادة الديزل وغيرها من المنتجات النفطية عالية الكلفة لتزويد احتياجات محطات توليد الكهرباء، لم تجد المملكة أمامها سوى إسرائيل لتفتح معها ملف التفاوض حول استيراد الغاز، بدءًا من صفقة عام 2010 مرورًا بـ 2013 وصولًا إلى توقيع اتفاقية 2014 وما تلاها من إبرام آليات التنفيذ في 2016.
أكبر صفقة في تاريخ الأردن وإسرائيل
في خطوة جديدة نحو تفعيل سبل التطبيع بين الأردن والكيان الصهيوني، وقعت شركة الكهرباء الأردنية اتفاقية مع شركة “نوبل إنيرجي” الأمريكية المطورة لحوض شرق البحر المتوسط، لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، مقابل عشرة مليارات دولار لمدة 15عامًا.
وتقضي الاتفاقية بتزويد الشركة الأردنية بـ 40% من حاجتها من الغاز الإسرائيلي من حقل “لفيتان البحري”، لتوليد الكهرباء، وتبلغ الكميات التي ستستوردها الشركة بدءًا من عام 2019 نحو 225 مليون قدم مكعبة يوميًا.
وتعتبر شركة الكهرباء الوطنية المستورد الوحيد للغاز الطبيعي للأردن وتقوم بتحويل الغاز إلى شركات توليد الكهرباء التي تنتج 85% من حاجة المملكة للكهرباء باستخدام هذا الغاز والكمية المتبقية يتم إنتاجها باستخدام الديزل وفقًا لاتفاق الحكومة مع مصفاة البترول.
وتستهلك “الكهرباء الوطنية” ما يقارب 350 مليون قدم مكعبة يوميًا؛ وكانت الشركة وقعت في العام 2014 مع شركة “نوبيل إنيرجي” الأمريكية، المشغلة لحقل ليفاتيان للغاز الطبيعي قبالة السواحل الفلسطينية وتسيطر عليه إسرائيل مذكرة تفاهم، بحيث يتم بموجبها توريد الغاز الطبيعي الإسرائيلي للأردن للسنوات الـ 15 المقبلة.
تقضي الاتفاقية بتزويد الشركة الأردنية بـ 40% من حاجتها من الغاز الإسرائيلي من حقل “لفيتان البحري”
وقالت الشركة في بيان إنها ستوفر أكثر من 300 مليون دولار سنويًا مقارنة مع مشترياتها من الغاز المسال المقدرة بسعرٍ لمزيج برنت يبلغ ما بين خمسين وستين دولارًا للبرميل.
وبحسب الشركة، ستسهم الاتفاقية بتخفيض التكلفة على شركة الكهرباء الوطنية تجنبًا للارتفاعات الحادة في التعريفة الكهربائية على المستهلكين خلال السنوات المقبلة.
وبحسب البيان، فإن اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين الأردني والإسرائيلي الموقعة العام 1994 في المادة (19) تتضمن بنوذ تنظم العلاقة فيما يخص قطاع الطاقة وتضمنت الاتفاقية ملحقًا خاصًا تحدث عن الربط الثنائي وأنابيب الغاز التي تنظم العلاقة بين الجانبين.
ويأتي توقيع الاتفاقية انسجامًا مع أهداف الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة القاضي بتنويع مصادر التزود بالطاقة والتوسع بالطاقة المتجددة والطاقة النووية، إضافة إلى الصخر الزيتي، وعدم الاعتماد على مصدر وحيد لتجنب تكرار الآثار السلبية لانقطاع الغاز المصري.
حقل لفيتان البحري الذي تمتلك فيه الشركات الإسرائيلية 61%
مؤامرة تمرير الصفقة
لم يخطر ببال الحكومة الأردنية خلال تفاوضها مع الجانب الصهيوني بشأن إبرام صفقات استيراد الغاز أنها ستقابل بهذا الرفض الشعبي والسياسي والبرلماني غير المتوقع، وهو ما دفع الحكومة ممثلة في شركة الكهرباء الوطنية إلى مراعاة ذلك خلال التوقيع على اتفاقية استيراد الغاز الصهيوني.
ففي 2014 وقعت شركة الكهرباء الأردنية رسالة نوايا مع تجمّع شركات حقل “لفاياثان” ممثلة بشركة “نوبل إنيرجي” الأمريكية، بشأن اتفاقية تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار على مدار 15 سنة مقابل ما مجموعه 45 مليار مترمكعب من الغاز، وبناء على هذه الاتفاقية ستدفع شركة الكهرباء للتجمع شركات حقل لفايثان مليار دولار سنويًا من إجمالي مصاريفها السنوية والبالغة 3.5 مليار دولار أي 30%.
أما عن سبل تمرير الصفقة، يقول خبير الطاقة في مؤسسة دراسات الأمن الوطني الإسرائيلية، أودد إران، أن الفكرة من توقيع شركة نوبل إنيرجي الاتفاقية بالنيابة عن تجمع شركات حقل لفايثان “أن تخلق جهة جديدة لا ترتبط قانونيًا مع إسرائيل ولكن ستسمح لإسرائيل أن تكون البائع التعاقدي مع شركة الكهرباء الوطنية، فعندما يقوم البرلمانيون الأردنيون بالاعتراض على هذه الصفقة للملك أو لرئيس الوزراء، عندها يمكن لهؤلاء الاثنين أن يقولوا أن شركة الكهرباء تشتري غازًا من شركة أمريكية.
التوقيع مع شركة أمريكية حتى لا يعترض أحد على الصفقة إذا ماوقعت مع شركة إسرائيلية.
ويذكر أن الشركات الإسرائيلية تملك 61% من حقل لفايثان، مقسمة كالتالي: شركة أفنر للنفط والغاز التي تملك 23%، وشركة دلك التي تملك 23%، وشركة راشيو للاستكشاف النفطي التي تملك 15%، بينما تملك شركة نوبل الإنرجي الأمريكية 39% الأخرى.
إسرائيل: حدث تاريخي وإنجاز قومي
في إطار سعيها لتعميق علاقاتها مع الدول العربية، لم تدخر إسرائيل جهدًا نحو تفعيل كل ما من شأنه تقوية أواصر الصداقة مع بعض الدول العربية، وفي الوقت نفسه تحقيق أعلى مكاسب اقتصادية ممكنة بجانب المكاسب السياسية، وهو ما عبّر عنه وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، والذي قال عقب توقيع الاتفاقية مع الأردن: “إن توقيع الاتفاق مع الأردن يشكل إنجازًا قوميًا فائق الأهمية، إنه معلم طريق هام لتعزيز العلاقات والتعاون الاستراتيجي بين إسرائيل والأردن والمنطقة بأسرها، وينبغي لمعارضي خطة الغاز أن يطلبوا الصفح من شعب إسرائيل في يوم الغفران المقبل، ولو أن حملة التضليل الهاذية التي قادوها نجحت، لخسرت إسرائيل إحدى ذخائرها الاستراتيجية الأهم، إن خطة الغاز تثبت نفسها، كما قلت طوال الوقت، وستقود إلى تطوير سريع لحقل لفيتان، هذه لحظة تاريخية تحولت فيها إسرائيل لأول مرة إلى مصدرة طاقة وغاز طبيعي، ولا ريب عندي أن اتفاقيات أخرى مع دول أخرى ستأتي، ومعها اكتشافات غاز أخرى”.
وزير الطاقة الإسرائيلي: إن توقيع الاتفاق مع الأردن يشكل إنجازًا قوميًا فائق الأهمية
من جانبه ثمّن المدير الإقليمي لشركة نوبل إنرجي، إسرائيل بيني زومر، هذا الاتفاق مع الأردن، وقال “إن شركته ستواصل تطوير مشروع لفيتان، وهذا حدث تاريخي بسبب دوره الهائل في تطوير صناعة الغاز والنفط في إسرائيل، إن أثر ذلك إيجابي على الاقتصاد، البيئة وأمن الطاقة في إسرائيل، والأهم تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة، نوبل إنرجي فخورة بأن تكون شريكة لدولة إسرائيل ومواطنيها في تطوير صناعة الغاز والنفط،، وهي تتوقع توسيع هذه المسارات عن طريق توسيع السوق المحلي وأيضًا التصدير للدول المجاورة”.
أما المدير العام لشركة “ديلك للتنقيب وأفنير” الإسرائيلية، يوسي آفو، فقال “إن توقيع اتفاقية التصدير من حقل لفيتان إلى شركة الكهرباء الأردنية، يشكل يومًا تاريخيًا ويرسخ حقل لفيتان كمركز هام في خريطة الطاقة الإقليمية، إن إمداد الأردن بالغاز الطبيعي سيسمح لجيراننا في الأردن، كما للمواطنين في إسرائيل، بالتمتع بطاقة ناجعة، نقية ورخيصة، سوف تسهم في ازدهار الاقتصاد في إسرائيل والأردن وتساعد في توثيق العلاقات والتعاون، إن شراكة لفيتان ستواصل التقدم بجهد لإبرام اتفاقيات توريد غاز أخرى خصوصًا لمصر وتركيا والسلطة الفلسطينية”.
حجج واهية
“الحكومة تنسى أن المحتل لم يحترم اتفاقيات سابقة أهم بالنسبة له من الغاز، على رأسها اتفاقية وادي عربة، واتفاقيات الوصاية على المقدسات، فكيف لإسرائيل أن تلتزم مستقبلاً بتوريد الغاز، وعمر الاتفاقية معها يصل إلى 15 عامًا، لا ندري ما سنشهد خلالها من مخططات كريهة للإسرائيليين، الذين يسيطر عليهم التطرف أكثر فأكثر”، بهذه الكلمات استهلت الكاتبة الصحفية جمانه غنيمات رئيس تحرير صحيفة “الغد” الأردنية، حملتها ضد توقيع اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني.
غنيمات أشارت في مقال لها أنه في الوقت الذي تمعن إسرائيل في انتهاكاتها وممارستها الهمجية في الأقصى والقدس، وتتطاول على الأردن وحقه التاريخي في الوصاية على المقدسات، وتستكمل تطبيق مخططاتها لتهويد الأقصى، تسارع الحكومة في تفعيل بنود اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلي.
وأضافت: المثال على عدم احترام المحتل للاتفاقيات صارخ، ويلزم أن يكون درسًا للحكومة، التي ما تزال تبرر لجوءها للغاز الإسرائيلي، مختبئة خلف فكرة أن الاتفاق موقّع مع شركة أمريكية، وليس إسرائيلية، بعد ما جرى في الأقصى وما سيجري، لم تعد الحسبة مالية بحتة بل سياسية ومصلحية، فمن قال إن إسرائيل التي تتنصل من العهود ولا تحترم الاتفاقيات ستلتزم باتفاقية الغاز التي تربط اقتصاد الأردن استراتيجيًا مع العدو، وتابعت: اتفاقية الغاز، تندرج ضمن فكرة التطبيع الاقتصادي التي نادي بها ساسة إسرائيليون، يؤمنون أن ربط بلادهم بمصالح اقتصادية مع الدول المجاورة، سيجعلها أكثر إذعانًا لهم ولسياساتهم.
عدم احترام المحتل للاتفاقيات صارخ، ويلزم أن يكون درسًا للحكومة، التي ما تزال تبرر لجوءها للغاز الإسرائيلي
الكاتبة الأردنية فندت حجج ومبررات الحكومة في توقيع هذه الاتفاقية بقولها: الحكومة لم تتراجع، والحجة المصلحة الوطنية، وتخفيف الكلف المالية على الخزينة، على قاعدة أن إسرائيل قدمت للأردن أسعارًا تفضيلية، وهي النقطة المهمة التي تستخدمها الحكومة لتبرير خطوتها، الكلام غير دقيق، بمعنى، صحيح أن السعر قد يكون أقل بقليل من الأسعار العالمية، لكنه ليس تفضيليًا، حيث تشير المعلومات المتوفرة أن السعر يتراوح بين 7 – 9 دولارات لكل مليون قدم مكعب، والحديث عن توفير 600 مليون سنويًا غير دقيق، إذ يقابل كل 1.5 دولار من سعر الغاز، سنت من كلفة الكهرباء، والحكومة تحاجج بأن إسرائيل وفرت الغاز، في وقت انعدمت المصادر الأخرى، وتنصلت دول شقيقة من ذلك، وهذا أيضًا غير صحيح، فالاتفاقية الحكومية الموقعة مع شركة شل كفيلة بتوفير كامل احتياجات الأردن من الغاز المسال، عبر الأسواق العالمية ومنها الإسكندرية، وماليزيا، وسومطرة.
تظاهرات تنديدًا لاتفاقية باستيراد الغاز الإسرائيلي
بيع وطن
شنّت بعض المؤسسات والهيئات الوطنية والمدنية الأردنية حملة ضد إبرام الحكومة لهذه الاتفاقية رغمًا عن الشعب بعد أن رفضها الشارع والبرلمان في 2014، حيث أكدت لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع الأردنية، أن اتفاقية شراء الغاز من إسرائيل غير شرعية ومخالفة للدستور.
رئيس اللجنة مناف مجلي في تصريحات له قال: “نحن لا نسميها صفقة بيع غاز وإنما عقد بيع وطن، ونرفضها وندينها وقد رفضناها سابقًا وسنستمر برفضها”.
وتابع: “إن توقيت التوقيع مريب وهو يطرح الكثير من التساؤلات، فالحكومة الحالية حكومة تسيير أعمال، كما أنه لا يجوز توقيع اتفاقيات دولية دون موافقة مجلس النواب وسبق وأن رفضها مجلس النواب السابق”.
وفي سياق آخر هددت بعض الجمعيات والمؤسسات المجتمعية بالتصعيد الشعبي ضد هذه الاتفاقية من خلال بعض التظاهرات والندوات والمؤتمرات التي تفضح نوايا الكيان الصهيوني من هذه الصفقة، وخسارة الجانب الأردني بسببها لا سيما في ظل توافر العديد من البدائل التي يمكن أن تعوض حاجة الأردن من الطاقة وتسد العجز في ندرة المصادر كما سيأتي ذكره لاحقًا.
رفض مجلس النواب الأردني للصفقة
عشرات البدائل… لكن؟
ما كان بالأمس مسموحًا به من استيراد الغاز من الكيان الصهيوني بسبب ندرة المصادر بات اليوم غير مسموح به في ظل توافر العديد من البدائل، وهذا ما أكدت عليه الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني، والتي أشارت أن بدائل استيراد الغاز من إسرائيل أصبحت متاحة، بعد ورود أخبار عن مشاريع مختلفة لإنتاج الطاقة الكهربائية، منها استغلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية والصخر الزيتي، وميناء الغاز المسال، والانخفاض الكبير في أسعار النفط، وإمكانات تطوير حقول الغاز الأردنية.
الحملة سردت في بيان لها بعض المشروعات الهامة في مجال مصادر الطاقة، فعلى صعيد طاقة الرياح، افتتحت مؤخرًا مزرعة للرياح في الطفيلة لتوليد الطاقة الكهربائية، تضاف إلى مشاريع طاقة الرياح الأخرى العاملة أو المستقبلية بالأردن، وعلى صعيد الطاقة الشمسية، بينت الحملة أن وزارة الطاقة والثروة المعدنية “وقعت في ديسمبر الماضي مع ائتلاف شركة إنفايرومينا سيستمز الإماراتية و(ي تي سي) الإسبانية، عقد تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء بمنطقة القويرة باستطاعة 103 ميجاوات وبكلفة 128 مليون دولار أميركي ممولة من صندوق أبو ظبي للتنمية”.
عشرات البدائل للإستغناء عن الغاز الصهيوني، منها استغلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية والصخر الزيتي، وميناء الغاز المسال، والانخفاض الكبير في أسعار النفط، وإمكانات تطوير حقول الغاز الأردنية.
وتابعت الحملة أن عدد مشاريع استغلال خام الصخر الزيتي العاملة على الأراضي الأردنية أربعة مشروعات، تنفذها شركات عالمية باستثمارات إجمالية تقدرها بيانات (الطاقة) بحوالي 29.7 مليار دولار، ملفتة إلى ما قاله وزير الطاقة إبراهيم سيف مؤخرًا: “إن الأردن لن يتأثر بأي بشكل من عملية التفجير الأخيرة لخط الغاز العربي، لأن المملكة لم تعد تعتمد على الغاز المصري بعد أن تحولت كليًا إلى الغاز المستورد بحرًا عن طريق العقبة، وأن هذه الباخرة توفر كميات غاز تغطي احتياجات المملكة لتوليد الكهرباء”.
من جانبه قال النائب زكريا الشيخ، رئيس لجنة التوجيه الوطني والإعلام بمجلس النواب الأردني، إن النواب يرون في اتفاقية الغاز مخاطر عديدة، أهمها فتح المجال للاحتلال الإسرائيلي للهيمنة على الاقتصاد الأردني، مضيفًا أن هناك مشاريع مثل ميناء العقبة ومشاريع الطاقة البديلة، واستخراج النفط الصخري، يمكنها أن تغني عن استيراد الغاز من المحتل.
بينما أشارت النائبة رولا الحروب إلى أن شركة البترول الوطنية تسلمت في عام 1999 دراسة أجرتها شركة “جيوكويست” العالمية التي أشارت إلى وجود 70 تريليون قدم مكعب احتياطي غاز في حقل الريشة، ملفتة إلى أن هذه الدراسة استغرق إعدادها ثلاث سنوات، وشاركت في إجرائها أهم شركة من شركات النفط في العالم هي “شلمبرجر”.
وملخص الدراسة أن هذا المخزون من الغاز يمكن أن يغطي احتياجات السوق الأردنية وأغراض التصدير لمدة 50 عامًا، بمعدل إنتاج يتراوح بين 10-20 مليار قدم مكعب في العام، منوهة إلى أن هذه وقائع مثبتة في محاضر البترول الوطنية ونشرتها صحيفة البلاد، ولا يمكن لأحد إنكار صحتها.
وتساءلت الحروب: “لماذا لم تفعل حكوماتنا الرشيدة شيئًا منذ تاريخ تسليم تلك الدراسة حتى اليوم؟ ولماذا كان الفعل الوحيد الذي قامت به هو توقيع اتفاقية بشروط مجحفة مع شركة بريتيش بتروليوم؟”.
كما أشارت البرلمانية الأردنية إلى أن هناك ست آبار عاملة في حقل الريشة تنتج حاليًا 5.8 مليارات قدم مكعب سنويًا، بعد أن كانت تنتج 10 مليارات قدم مكعب سنويًا عام 1994، والسبب في تراجع الإنتاج هو عدم صيانة الآبار، فلماذا؟ هل هذا سلوك لحكومة تبحث عن حل مشكلة الطاقة؟”.
ونوهت إلى أنه “إذا كانت صفقة الغاز الإسرائيلي ستجلب لنا 300 مليون قدم مكعب يوميَا، فإن تطوير حقل الريشة يعطينا المقدار ذاته، باعتراف استراتيجية وزارة الطاقة، بل إن مجرد صيانة الآبار وحفر آبار جديدة ضمن التراكيب الجيولوجية ذاتها يمكن أن يرفع هذه الإنتاجية خلال عام إلى 150 مليون قدم مكعب يوميا، وبكلفة لا تتجاوز 150 مليون دينار، بحسب تقديرات الخبراء في شركة البترول الوطنية.
حقل الريشة.. أمل الأردن في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي
كما فجرت الحروب مفاجأة من العيار الثقيل حين أكدت وجود شبهات فساد في هذه الاتفاقية المزمعة، والدليل هو ورقة سياسات منشورة على موقع معهد واشنطن للدراسات، كتبها المحللان الرئيسيان في المعهد، وهما سيمون هندرسون وديفيد شنكر بعنوان: “خيار الطاقة في الأردن: نذهب مع إسرائيل”، وفيها يقول المحللان إن السعر الحقيقي للغاز المزمع استيراده بالربط مع أسعار السوق العالمي هو ثمانية مليارات دولار، وليس 15 مليار دولار، كما ورد في مذكرة التفاهم، وهذا يعني أن هناك سبعة مليارات زائدة عن السعر الحقيقي.
وفي سياق متصل، أكدت خبيرة الطاقة الدولية صفاء الجيوسي، المديرة التنفيذية لمنظمة أندي أكت، والحائزة على جائزة أفضل خبيرة طاقة في العالم هذا العام، أن الأردن تستطيع الاتجاه للطاقة المتجددة وتوليد 100% من طاقتها بدون الحاجة لأي نوع من الصفقات.
وأضافت في تغريدات لها على حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي” تويتر” أن الأردن بلد غني جدًا بمصادر الطاقة المتجددة، ولكن بسبب عدم وجود استثمار وبعد نظر في هذا المجال، فإن هذه المصادر لم تستغل، مشيرة أن مصادر الطاقة المتجددة – وخاصة الشمسية – يمكنها أن توفر كهرباء أكثر بمقدار 60 مرة من احتياج الأردن للكهرباء بحلول العام 2050 بدون صفقات، وأن تكلفة الطاقة الشمسية تعادل وأحيانًا أقل من الوقود الأحفوري وخصوصًا الغاز الطبيعي.
الجيوسي: الأردن تستطيع الاتجاه للطاقة المتجددة وتوليد 100% من طاقتها بدون الحاجة لأي نوع من الصفقات
واختتمت الجيوسي تصريحاتها بأن التغير المناخي الذي يعصف بمنطقتنا يدفعنا إلى البحث عن حلول عملية لتوفير مصادر الطاقة، منوهة أن الحل يكمن في الطاقة المتجددة.
لابد أن تواصل الأردن تمكين مشاريع الطاقة المتجددة عاجلا وليس آجلا وأن تأخد على عاتقها التحدي حيث لا يمكننا الاعتماد على الدول المجاورة للابد
— Safa' Al Jayoussi (@Safaaljayoussi) September 26, 2016
ويبقى السؤال: في ظل هذا الكم الهائل من بدائل مصادر الطاقة والتي من الممكن أن تجعل من الأردن مصدرًا للغاز وليس مستوردًا له، لماذا تلجأ الحكومة الأردنية لإبرام مثل هذه الصفقات مع الكيان الصهيوني؟ وهل هناك التزام سياسي بضغوط أمريكية أو أوروبية على القيادة الأردنية لشراء الغاز الإسرائيلي وتنشيط خزينة المحتل بعشرات المليارات من الدولارات لإنفاقها على سياسات الاستيطان وقتل الفلسطينيين؟ أليس الأردنيون أولى بهذه المليارات؟ ونحن في انتظار الإجابة ممن يملك الجواب.