أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة٬ اليونسكو٬ عدم أحقية إسرائيل في امتلاك الأماكن التاريخية في القدس٬ و رفضت وصفها بأسمائها اليهودية٬ كما وصفتها في القرار النهائي المُعلن الخميس الماضي بأنها إرث تاريخي خاص بالتاريخ الفلسطيني٬ لتعلنها بأسمائها العربية كالمسجد الأقصى و الحرم القدسي الشريف٬ وليس كما يدعوها اليهود بجبل المعبد.
تم التصويت على قرار عدم صلة اليهود بالقدس تاريخيًا من قبل 24 دولة٬ رفضت 6 دول القرار وصوتت لصالح إسرائيل وبأحقيتها في التحكم وامتلاك تلك المناطق التاريخية ومنع الفلسطينيين من الصلاة في المسجد الأقصى٬ كانت من ضمنها؛ المملكة المتحدة٬ والولايات المتحدة الأمريكية٬ ألمانيا٬ إستونيا٬ هولاندا٬ و ليتوانيا.
أما عن بقية الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي فقد امتنعت عن التصويت مثل فرنسا وألبانيا واليونان٬ كما امتنعت الأرجنتين واليابان و العديد من البلدان الإفريقية عن التصويت٬ بالإضافة إلى تغيب صربيا و تركمانستان عن الحضور٬ في حين كانت العديد من البلاد العربية في صالح قرار التصويت من البداية.
أصدرت في المقابل وزارة الخارجية الإسرائيلية مذكرة خاصة بعلاقة اليهود التاريخية بالقدس٬ محددة فيها كل الأماكن المقدسة الخاصة باليهود٬ معللة بذلك أن من المعروف أن القدس عاصمة للأديان السماوية الثلاث٬ فكما هناك المسجد الأقصى ثالث أكثر الأماكن قدسية للمسلمين بالإضافة إلى مسجد قبة الصخرة تحت حماية منظمة الوقف الإسلامي في القدس الشرقية٫ فهناك كذلك حائط البراق٬ وهو ما يعتبره اليهود الأثر الأخير الباقي من هيكل سليمان٬ وهو ما يُسمح لليهود بزيارته و التعبد فيه٬ إلا أنه بحسب ما ورد في المذكرة السابقة٬ فإنهم ممنوعون من الصلاة في أماكن تعبد المسلمين.
كما بينت المذكرة أهمية القدس الدينية والحضارية والثقافية بالنسبة لليهود٬ فهي مرتبطة و محورية في تاريخ اليهود منذ ما يقرب من 3000 سنة٬ حيث لعبت القدس دورًا مركزيًا في المحافظة على تاريخ الشعب اليهودي سياسياً وروحًيا وثقافياً.
مجموعة من اليهود يصلون بالقرب من حائط البراق
كما وضح في المذكرة استياء الجانب الإسرائيلي من محاولات اليونسكو الأخيرة في إنكار الرابطة التاريخية بين القدس و التاريخ اليهودي٬ وهو ما يراه الجانب الإسرائيلي فشلًا حقيقيًا في هدف المنظمة التي أُسست من أجله٬ كما يرونه عدم مساواة لهم كما هو الحال لمسيحي القدس كذلك.
وهذا ما ورد على لسان رئيس حزب العمل الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ في منشور له على فيس بوك قائلًا بأن اليونسكو تخون مهمتها الأصلية بإصدار قرار كهذا٬ فمن يريد إعادة كتابة التاريخ، لتشويه الواقع، وابتكار حقائق مزيفة مثل كون الحائط الغربي والحرم القدسي الشريف لا علاقة له بالشعب اليهودي٬ فهو كاذب ولا يريد للأطراف المتنازعة إلا مزيدًا من الكراهية والحقد بينهم.
بين قرار منظمة اليونسكو أنه تم إعلان تلك النتائج بعد استمرار تعديات الجانب الإسرائيلي و تصعيد الاجراءات العدوانية وغير القانونية على المسجد الأقصى من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف٬ إلا أنه على الرغم من ذلك٬ كانت استجابة الجانب الإسرائيلي سلبية تجاه تحذيرات اليونسكو٬ حيث استجاب رئيس الوزراء الإسرائيلي قائلًا في تقرير لصحيفة الغارديان أنهم سيستمروا في التصعيدات٬ فواجبهم كحكومة أن يقابلوا مثل هذه القرارات بتحد واضح٬ حيث أكد على ما سبق في خطاب له لـ “نيتنياهو” قائلًا بأنه حرّي بهم تعزيز التواجد اليهودي عند جبل المعبد كما يطلق عليه اليهود.
Israeli archaeologist denies Jewish ties to Al-Aqsa Mosque #HandsOffAlAqsa https://t.co/jCidW3quWL via @MiddleEastMnt
— Friends of Al Aqsa (@FriendsofAlAqsa) October 13, 2016
من جانب آخر أيدت أغلب الدول العربية القرار٬ بل كانوا من أكثر المشجعين على اجراء استفتاء بخصوص أحقية إسرائيل في التصرف في الأماكن المقدسة التي تعود إلى إرث الفلسطينيين التاريخي٬ ولكن لم تؤيد المنظمات الحقوقية التي تسعى إلى حل القبول بالدولتين من أجل حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي٬ و رأت تلك المنظمات٬ مثل منظمة “ياخاد” الخاصة بالبريطانيين اليهود أن قرار كذلك يمحي وجود الهوية اليهودية الموجودة بالفعل في القدس٬ و هو من الممكن أن يؤدي إلى انتكاسة في قضية الصراع العربي الإسرائيلي.
تحدث مبعوث إسرائيل في اليونسكو في الصحيفة الإسرائيلية يدعوت أحرنوت أنه من الواضح أنهم لم يقرأوا الانجيل يوما”، ثم تابع، “ولكني أنصح أعضاء اليونيسكو بزيارة قوس تيتوس بروما، ليروا ما أتى به الرومان لروما بعد أن دمروا ونهبوا الحرم القدسي قبل ألفي عاما مضوا. سترى القوس منقوشا عليه الشمعدان السباعي، الشمعدان الذي يعتبر رمزا للشعب اليهودي وللدولة اليهودية إلى اليوم.
بل وصل الأمر بشامة كوهين أن قال :”اسرائيل والشعب اليهودي لا ينتظران تأكيدا من اليونسكو أو من أي دولة على علاقة الشعب اليهودي بدولة اسرائيل والقدس بشكل عام، أو بالأماكن المقدسة مثل حائط المبكى و جبل الهيكل بشكل خاص”
تهاب إسرائيل السمعة الدولية٬ وتحا،ل دومًا أن تكتسب رضا المجتمع الدولي للتضامن مع قضيتها٬ وعلى الرغم من أن قرار مثل قرار اليونسكو الأخير لن يغير من أمر تواجد إسرائيل على أرض فلسطين٬ إلا أنه بدون شك٬ سيزعزع ثقة المجتمع الدولي بدولة الاحتلال.