تقف الأردن على صفيح المديونية العامة التي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في الفترة الماضية بسبب حجم الاقتراض الداخلي والخارجي للحكومة الأردنية والذي يذهب في النهاية لبنود خدمة الدين العام وسداد الفوائد بالإضافة إلى بنود النفقات الجارية ما يزيد من مضاعفة المشكلة أكثر.
وبحسب الأرقام الصادر عن وزارة المالية فإن موازنة الأردن سجلت عجزًا ماليًا، خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2016 بحوالى 521.5 مليون دولار مقابل عجز مالي بلغ 777.56 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2015.
الفوائد السنوية على القروض تقارب نحو 1.5 مليار دولار ويتم اقتطاعها من الإيرادات المحلية والتي تغطي نفقات الدولة بما بين 80 إلى 89%
روسيا تجدول الديون الأردنية
صادق مجلس الدوما الروسي أمس الأول الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول على وثيقة مقدمة من الحكومة الأردنية تتضمن قرضًا روسيا للأردن ينص على إعادة هيكلة الديون بإطالة أمد زمن دفع القرض المقدم من روسيا وتغيير صيغة سداده.
وحسب ما نقل عن وكالة تاس الروسية عن نائب وزير المالية الروسي قوله في جلسة مجلس الدوما أن هيكلة ديون روسيا للأردن لا تعني إعفاء الأردن من سداد ديونها بل إلزامها شراء منتجات عسكرية تقنية بقيمة القرض بعد احتساب الفوائد بنحو 387.3 مليون دولار من روسيا حتى العام 2019.
علمًا أن الحكومة سبق سدادها أجزاء من الدين لبعض الوقت حتى تقدم الملك الأردني الملك عبد الله الثاني بطلب لروسيا في مارس/آذار 2012 لإلغاء الديون، فأوعز الرئيس الروسي بوتين للحكومة بدراسة الطلب وقابلية تطبيقه حتى جرى التوصل لاتفاق لتغيير شروط سداد القرض.
وأضاف نائب وزير المالية أن الأردن تعهدت لشراء منتجات تقنية عسكرية بالقيمة الإجمالية للدين حتى العام 2019 مع العلم أن مشتريات الأردن من المنتجات التقنية العسكرية الروسة تجاوزت قيمتها حتى اليوم 183 مليون دولار.
سداد الديون بالديون
تقترب أعباء المديونية العامة في الأردن من تجاوز الناتج المحلي الإجمالي نتيجة استمرار الحكومة في الاقتراض الداخلي والخارجي وارتفاع فوائد الدين العام. حيث ارتفعت مديونية الأردن بشقيها الداخلي والخارجي إلى 36.13 مليار دولار مع نهاية شهر آب/ أغسطس الماضي مشكلة ما نسبته 93.3% من الناتج المحلي الإجمالي الأردني البالغ 38.71 مليار دولار.
وبحسب تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي الجمعة الفائتة جاء فيه أن الأردن احتلت مرتبة متقدمة على قائمة الدول التي يترتب على اقتصادها نسب ديون مرتفعة نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي مشيرًا أن الأردن احتل المرتبة 16 عالميًا في القائمة، وهذا يفرض تحديات كبيرة على الحكومة الحالية المنتخبة في سبتمبر/أيلول الماضي ويضيق من هامش الحركة لديها في تحقيق الوعود في التنمية الاقتصادية.
ولسداد أقساط سندات مستحقة على الحكومة تسعى الأخيرة لإصدار سندات دولية لتغطية العجز في الموازنة وسداد أقساط ديون وفوائد مستحقة، حيث أشارت مصادر إعلامية أن وفد رسمي أردني سيتوجه إلى الولايات المتحدة في أقرب وقت للتباحث في مسألة طرح هذه السندات، علمًا أنها المرة الأولى التي ستصدر فيها الأردن سندات دين بدون كفالة الولايات المتحدة كما كانت تصدر في السنوات الماضية حيث كانت تكفل الولايات المتحدة تصدر من الحكومة بشكل مباشر، حيث سبق للأردن إصدار سندات دولية في السنوات الماضية بكفالة الولايات المتحدة بشروط ميسرة تشمل فائدة مخفضة وفترات سداد بعيدة.
ما زاد الطين بلّة أن الحكومة لجأت لتحويل عبء تلك الديون على المواطن من خلال زيادة الضرائب والرسوم ما أثار مخاوف المواطنين من استمرار سياسة الحكومة على هذا النحو. فحصة الفرد الأردني من إجمالي المديونية ارتفعت بشكل كبير في آخر 10 سنوات والمواطن هو من يتحمل في النهاية عواقب الدين وفشل السياسات الاقتصادية، وارتفع معدل البطالة إلى 14.7% خلال الربع الثاني من العام الحالي 2016، وتجاوزت نسبة الفقر 14%.
ارتفعت مديونية الأردن بشقيها الداخلي والخارجي لتبلغ ما نسبته 93.3% من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية شهر أغسطس الماضي
لذا انتقد خبراء اقتصاديون الحكومة لسياسة الاقتراض والسياسة الضريبية المنتهجة والتي أوصلت حال الأردن إلى ما هو عليه الآن، فرفع الضرائب والأسعار يسهم بشكل كبير في تعميق الركود الاقتصادي ويضر بالاقتصاد.
فالحكومة الأردنية لا تقترض لدعم البنية الاقتصادية وتعزيز الإنتاج والصرف على البيئة الاستثمارية بقدر ما تنفق على النفقات الجارية من رواتب ونفقات عامة وسداد مستحقات القروض وفوائدها، وهذا يجعل الأردن يقترض من أجل السداد لا من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والصرف على مشاريع تدر دخل وإيراد للدولة.
الجدير بالذكر أن الفوائد السنوية على القروض تقارب نحو 1.5 مليار دولار ويتم اقتطاعها من الإيرادات المحلية والتي تغطي نفقات الدولة بما بين 80 إلى 89% وبالتالي تضغط على خطط تحسين الخدمات الحكومية للمواطنين وتؤثر على الاحتياطي النقدي للأردن.
وبحسب التقرير الأخير لوزارة المالية فقد بلغ إجمالي الإيرادات المحلية والمنح الخارجية خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2016 نحو 6.61 مليارات دولار مقابل 6.08 مليارات دولار خلال نفس الفترة من عام 2015.
وأظهر صافي الدين العام في نهاية شهر أغسطس/آب الماضي ارتفاعًا عن مستواه العام في نهاية العام 2015 بمقدار 1.6 مليار دولار أو ما نسبته 4.9% وذلك لتمويل كل من عجز الموازنة العامة والقروض المكفولة لكل من شركة الكهرباء الحكومية وسلطة المياه، والبالغة نحو 9.5 مليار دولار لكلا الشركتين.
لا شك أن الحكومة الحالية لديها التزامات كبيرة خلال الفترة المقبلة فيما يخص إدارة سياسة الاقتراض واتباع سياسة مختلفة تتجنب تحميل المواطن لأعباء المديونية العامة من خلال تحفيز المشاريع والاستثمارات وجذب المستثمرين الأجانب للاستثمار في الأردن في مختلف القطاعات.