أثار ترحيل السلطات الجزائرية، مئات المهاجرين الأفارقة غير النظاميين من بلادها، انتقادات كبيرة من منظمات حقوقية ودول افريقية، حتى وصل ببعضهم لوصف الجزائر بالدولة “العنصرية”.
ترحيل المئات المهاجرين غير الشرعيين
أكّدت مصادر حقوقية قيام السلطات الجزائرية، هذا الأسبوع، بترحيل مئات المهاجرين من غرب أفريقيا إلى النيجر بواسطة الشاحنات. ووصل، نهاية الاسبوع الماضي، ألف مهاجر في قافلة من حوالي 50 شاحنة إلى أغاديز وسط النيجر، وهي بلدة صحراوية يدفع فيها المهاجرون من أرجاء غرب أفريقيا أموالا لمهربين، لنقلهم في الرحلة الشاقة شمالا عبر الصحراء الأفريقية، وفقا لمسؤولين في أغاديز والمنظمة الدولية للهجرة ومنظمة “هيومن رايتس ووتش“.
وقال غوسيبي لوبريتي رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في النيجر: “يوجد حوالي ألف، منهم 271 من النيجر والباقون من دول في غرب أفريقيا وبالتحديد مالي وغينيا كوناكري“.
سبق لأجهزة الأمن الجزائرية، إيقاف أكثر من 1100 مهاجر من جنسيات أفريقية متعددة في تمنراست وعين قزام أقصى جنوب البلاد، نهاية أكتوبر
وقال لوبريتي: “المنظمة الدولية للهجرة، التي لها مركز احتجاز في أغاديز يقدم المأوى والغذاء لمهاجرين من أرجاء المنطقة، لا تشارك بشكل مباشر في أحدث عملية ترحيل لأن السلطات في الجزائر أو النيجر لم تتصل بها لطلب المساعدة“.
وسبق لأجهزة الأمن الجزائرية، إيقاف أكثر من 1100 مهاجر من جنسيات أفريقية متعددة في تمنراست وعين قزام أقصى جنوب البلاد (الحدود مع النيجر)، نهاية أكتوبر، في عملية وصفت بأنها الأكبر من نوعها منذ سنوات.
وقال وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، أمام البرلمان نهاية سبتمبر الماضي، إن بلاده رحلت منذ العام 2014 أكثر من 17 ألف مهاجر أغلبهم من دولة النيجر، مؤكدا وجود مخطط لترحيل الآلاف لاحقا باتفاق مع حكومات بلدان أفريقية. وظلت الجزائر لوقت طويل من البلدان المصدرة للمهاجرين نحو أوروبا وخاصة فرنسا، لكنها تحولت في السنوات الاخيرة الى ارض هجرة من بلدان افريقيا الغربية.
إدانة واسعة
لم تمرّ أيام قليلة على ترحيل الجزائر لهؤلاء المهاجرين، حتى تعالت أصوات الإدانة من قبل عديد الدول والمنظمات الحقوقية. حيث أدان المنتدى الإفريقي في أوروبا (منظمة غير حكومية يوجد مقرها ببروكسل)، عملية الترحيل، واصفا إياها بـ”الجريمة البشعة “.
وأوضح المنتدى أنه “في الوقت الذي ترحب فيه دول لا تملك لا غازا ولا نفطا بالمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، وتقوم بتسوية وضعيتهم وتخفف من معاناتهم..، قامت الجزائر بطرد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء واصفة إياهم بحاملي فيروس داء فقدان المناعة المكتسبة والأمراض”.
وصفت هيومن رايتس ووتش عمليات الترحيل التي تقومها بها السلطات الجزائرية بحق المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، بـ”انتهاك الحقوق”.
وتحظر اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين، التي تعد الجزائر طرفًا فيها، الإعادة القسرية للاجئين والأجانب إلى قد يواجهون فيه خطر التعرض للاضطهاد والتعذيب أو للمعاملة اللاإنسانية والمهينة، كما تحظر الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وتعد الجزائر كذلك طرفًا فيها، الطرد الجماعي للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
من جهتها، وصفت هيومن رايتس ووتش عمليات الترحيل التي تقومها بها السلطات الجزائرية بحق المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، بـ”انتهاك الحقوق”. وقالت المنظمة الحقوقية، في بيان لها، إن الجزائر نقلت المهاجرين إلى مخيم في تمنراست بالجنوب، وبعدها رحلت المئات منهم إلى الحدود مع النيجر، لافتة إلى وجود عمليات تنقيل لاجئين مسجلين وطالبي للجوء، ومهاجرين عملوا لسنوات في الجزائر.
وصرحت سارة ليا ويستن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: “الترحيل الجماعي والفوري للمهاجرين، بمن فيهم الرجال والنساء الذين فرّوا من الاضطهاد أو عملوا لسنوات في الجزائر، هو انتهاك لحقوقهم. حق الدولة في السيطرة على حدودها ليس رخصة للتعسف“.
ندد المجلس الأعلى للفاعلين غير الحكوميين بالغابون، بما أقدمت عليه الجزائر
بدورها، ندّدت منظمة “آفاق بلا حدود” ( غير حكومية) ، عمليات الترحيل. وأفادت منظمة “آفاق بلا حدود” أن “الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام عبر العالم حول الوضعية المزرية للمهاجرين بالجزائر لا تشرف القارة الإفريقية”.
و قالت الجمعية النيجرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في شخص رئيسها جبريل أبراشي، إن “الظروف التي تم فيها ترحيل الجزائر لمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، مؤسفة” حقا. ودعت الجمعية، الاتحاد الإفريقي والمؤسسات الإقليمية إلى اتخاذ موقف بخصوص هذا الوضع. وندد المجلس الأعلى للفاعلين غير الحكوميين بالغابون، بما أقدمت عليه الجزائر.
نفي جزائري لممارسة العنف
مقابل هذا التنديد بعمليات الترحيل، نفت سعيدة بن حبيلس، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، بشكل قطعي الاتهامات باستعمال القوة خلال عملية ترحيل المهاجرين غير الشرعيين و تساءلت، بن حبيلس، في تصريحات صحفية عن مغزى ما وصفته بالحملة ضد الجهود التي تبذلها الجزائر في الوقت الذي ترشحت فيه للانضمام إلى اللجنة الدولية لتقصي الحقائق الإنسانية بالعاصمة السويسرية بيرن و إنتخابها بـ 50 صوتا من ضمن 63 صوتا في هذه اللجنة.
وأوضحت، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري ،أن عملية الترحيل تمت في ظروف إنسانية حفاظا على أمن المهاجرين و كرامتهم بالدرجة الأولى. ويثير الانتشار المتزايد للمهاجرين في شوارع المدن الجزائرية بعض ردود الأفعال المعادية للأجانب، ففي 24 مارس/آذار الماضي شهدت مدينة بشار (ألف كيلومتر جنوب غرب الجزائر) أحداث عنف بين الأهالي وبعض المهاجرين؛ مما أسفر عن العديد من الجرحى في الجانبين.